“كلمة” يناقش رواية “السمي” للروائية الأمريكية الهندية جومبا لاهيري

أبوظبي-ENN-ينظم مشروع “كلمة” للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ندوة لمناقشة رواية “السمي” للروائية الأمريكية الهندية جومبا لاهيري، والتي ترجمتها إلى العربية الدكتورة سرى خريس من الأردن، يوم الأحد القادم في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، والمقام حاليا في مركز أبوظبي الوطني للمعارض.

تقام الندوة في تمام الساعة 5:45- 6:30 مساء في واحة الأدب وتحمل عنوان (سمّني غوغول: الاسم كهويّة في رواية جومبا لاهيري “السميّ”)، ويشارك في الندوة الناقد الأردني فخري صالح والدكتورة سرى خريس مترجمة الكتاب، حيث ستتناول الندوة تجربة المهاجرين بين التقاليد الموروثة والاندماج.

تحكي رواية السمي قصة اسم اختاره والدان هنديان- يبدآن حياة جديدة في أمريكا- لابنهما البكر، وتتتابع الأحداث لتكشف عن إيحاءات متناقضة تلتصق بالاسم وعن مشاعر مختلطة يكنها البطل غوغول تجاه اسمه وهويته.
بينما يمثل اسم غوغول معانى الاستغراب والوحدة بالنسبة لأشيما منذ لحظة ولادة طفلها الذي لم تعرف طفلا في العالم أجمع وحيدا مثله، يجسد الاسم مفهوم الخلاص وبداية حياة جديدة في بلد جديد، أمريكا، بالنسبة لوالده أشوك. من خلال اختياره لاسم المؤلف الروسي الذي أنقذت صفحات كتابه حياة أشوك في الماضي يمنح الأخير ابنه هوية انتقالية تَعِد بحياة تختلف عن تلك التي عاشها أشوك في طفولته وشبابه.

أما بالنسبة لغوغول فالاسم غريب لا معنى له فهو ليس الاسم الأول أو اسم عائلة أمريكية أو حتى هندية. لا يقدر غوغول حقيقة أن اسمه نادر بل متميز. ويتزايد سخطه عندما يعلم المزيد عن حياة المؤلف نيكولاي غوغول خلال حصة مدرسية وخاصة ما يتعلق بكونه عبقريا غريب الأطوار. هنا، يتعمق كره غوغول لاسمه ويختار أن يناديه الجميع باسمه الجديد نيكيل. وهكذا، على غرار أكاكي بطل قصة المعطف للروسي غوغول، يرتدي غوغول بطل رواية “السمي” معطفه الجديد وهويته الجديدة رافضا موروثه العائلي وكل المعاني الجميلة التي يحملها اسمه غوغول بالنسبة لوالده.

يتبنى غوغول بمحض إرادته هوية مزدوجة رفضها في طفولته عندما لم يستجب لاسمه الجديد نيكيل الذي اختاره والده له عند انضمامه للروضة. لم يدرك غوغول آنذاك الطبيعة الاستثنائية لاسمه؛ تلك الطبيعة التي سيمقتها لاحقا.

يتعمق هذا الكره عندما تكشف زوجته البنغالية موشومي عن حقيقة هويته المزدوجة؛ حقيقة أنه يملك اسمين، أمام أصدقائها الذين يجدون الأمر مسليا بينما يشعر غوغول بالإهانة. يتمنى غوغول في تلك اللحظة لو أن من حوله ينادونه بضمير الغائب عوضا عن اسمه الحقيقي.

يرفض غوغول اسمه وهويته التي اختارها له والده ليبدأ حياة جديدة مع نساء وأشخاص لم يعرفوا غوغول أبدا بل عرفوا نيكيل فقط. يتزامن رفض غوغول لثقافته وماضيه المرتبط باسم غوغول مع انفصاله جغرافيا عن أسرته ليعيش لوحده في شقة في نيويورك ثم لينضم إلى عائلة محبوبته ماكسين؛ عائلة راتليف. هنا تبدأ رحلة البحث عن ذات جديدة وتبني غوغول/ نيكيل لنمط حياة مختلف يتميز بمقتنيات وملذات مادية (الطعام والنبيذ وأنواع الجبن الفرنسي والمنزل الصيفي والبحيرة). يُعجَب غوغول برد فعل ماكسين عندما تعرف حقيقة هويته المزدوجة فتعتقد أن هذا ألطف ما سمعت ولكنها لا تذكر الأمر مجددا أبدا. على أي حال، يدرك غوغول بعد وفاة والده مدى اختلاف نمط الحياة التي عاشها مع ماكسين مع نمط حياته وموروثاتها المعقدة وعندها ينهي تلك العلاقة.

يبدأ غوغول من جديد مرحلة استعادة الهوية الأصلية والعودة لجذوره الهندية عندما يفارق والده الحياة. يعكس الوصف الدقيق لمقتنيات أشوك المادية التي يجدها غوغول في شقته في أوهايو محاولة الأخير الارتباط عاطفيا بوالده الذي غاب جسده وبقيت روحه ترفرف في المكان. يدرك غوغول أنه قد فوَت الكثير بابتعاده مكانيا عن والده فيحاول جاهدا أن يعوض ما فاته من خلال تبنيه لطقوس الحداد التي تمثلت في حلقه لشعر رأسه والعودة برماد والده لينثره برفقة عائلته على ضفاف نهر الغانغز. هنا، يستعيد غوغول ذاته الأصيلة وهويته التي طالما تمنى والداه أن يفخر بها.

تصل رحلة استرجاع الهوية تلك ذروتها في المشهد الأخير من الرواية عندما يبدأ غوغول قراءة المجموعة القصصة لنيكولاي غوغول؛ مؤلف والده المفضل، الكتاب الذي أهداه إياه والده في عيد ميلاده الرابع عشر. بينما يلقي غوغول بالكتاب بعيدا آنذاك ليستقر مهملا بين كتب أخرى، يثمن غوغول اليوم هذا الميراث الذي خلفه له والده فيقرأ للمرة الأولى الاهداء الذي كتبه والده بين علامات التنصيص: “الرجل الذي منحك اسمه (غوغول الكاتب)، ومن الرجل الذي أطلق عليك هذا الاسم (والدك)”. يدرك غوغول للمرة الأولى أنه يحصل على ميراث رجلين عظيمين ويدرك أن رغبته بالتخلص من اسمه غوغول ومن ثم اختفاء شخص غوغول لا تمدانه بأي معنى للنصر أو عزاء مطلقا. فكما تنتهي هذه الرواية برحيل أشيما وعودتها إلى ديارها يسترجع غوغول هويته الأولى التي عرفها أقرباؤه وأحباؤه.

جومبا لاهيري: روائية أمريكية من أصولٍ هندية، وُلدت عام 1967 في لندن، وتزوجت من الصحفي ألبيرتو فورفولياس عام 2001. حازت مجموعتها القصصية “ترجمان الأوجاع” (1999) على جائزةَ بولتزر للأدب عام 2000، وتحولت رواياتها الأولى “السَّمي” (2003) إلى فيلمٍ يحمل الاسم نفسه، عام 2006. عيَّنها الرئيس أوباما عضواً في اللجنة الرئاسية للفنون والعلوم الإنسانية، ورُشِّحت روايتها الأخيرة “الأرض المنخفضة” (2013) لجائزتي بوكر الأدبية، والكتاب الوطني للأدب. حصلت على درجة البكاريوس في اللغة والأدب الإنجليزي من جامعة بارنارد، ثم حصلت على درجة الماجستير في الكتابة الإبداعية والأدب المقارن، ودرجة الدكتوراة في دراسات عصر النهضة من جامعة بوسطن.

المترجمة د. سرى خريس ترجمت عدداً من الكتب لـمشروع “كلمة” منها: “الإسلام والاستشراق الرومانسي”، تأليف: محمد شرف الدين، وكتاب “المؤلف”، تأليف: أندرو بينيت، وكتاب “تسلق أشجار المانغا” تأليف: مادوري جافري، وكتاب “أصوات عربية”، تأليف: جيمس زغبي. وقام بمراجعة الرواية د. أحمد خريس.
-انتهى-
هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة:
تتولى هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة حفظ وحماية تراث وثقافة إمارة أبوظبي والترويج لمقوماتها الثقافية ومنتجاتها السياحية وتأكيد مكانة الإمارة العالمية باعتبارها وجهة سياحية وثقافية مستدامة ومتميزة تثري حياة المجتمع والزوار.
كما تتولى الهيئة قيادة القطاع السياحي في الإمارة والترويج لها دولياً كوجهة سياحية من خلال تنفيذ العديد من الأنشطة والأعمال التي تستهدف استقطاب الزوار والمستثمرين.
وترتكز سياسات عمل الهيئة وخططها وبرامجها على حفظ التراث والثقافة، بما فيها حماية المواقع الأثرية والتاريخية، وكذلك تطوير قطاع المتاحف وفي مقدمتها إنشاء متحف زايد الوطني، وجوجنهايم أبوظبي، واللوفر أبوظبي. وتدعم الهيئة
أنشطة الفنون الإبداعية والفعاليات الثقافية بما يسهم في إنتاج بيئة حيوية للفنون والثقافة ترتقي بمكانة التراث في الإمارة. وتقوم الهيئة بدور رئيسي في خلق الانسجام وإدارته لتطوير أبوظبي كوجهة سياحية وثقافية وذلك من خلال التنسيق الشامل بين جميع الشركاء.

شاهد أيضاً