قطاع الترجمة في الإمارات

يوسف أبو لوز

اليوم العالمي للترجمة (30 سبتمبر من كل عام) في الإمارات، هو يوم تلاقي الثقافات والحضارات والآداب والأفكار والفنون، من خلال مشاريع الترجمة المتعددة في الدولة، وكلّها تحظى بدعم ورعاية القيادة الإماراتية من الجانبين المادي والمعنوي في أطر مؤسسية منظمة، وخاصة في العقدين الأخيرين اللذين شهدت فيهما الحركة الثقافية الإماراتية نمواً متصاعداً على أكثر من مستوى.
أولاً: المستوى الإداري وهو مهم ومطلوب، فأية مبادرة ثقافية إن لم تكن مدروسة ومنظمة وممنهجة قد لا تنجح حتى لو كانت مدعومة بالتشجيع والمال.
وثانياً: المستوى الإنتاجي أو الكمي، فالثقافة في الإمارات ومن مكوناتها مبادرات الترجمة أصبحت اليوم قطاعاً متخصصاً له كوادره وإداريّوه، خاصة من الشباب والشابات في الإمارات الذين تغذّوا بخبرات وتجارب من العالم في ما يتصل بالعمل الثقافي، ومنه الترجمة؛ الجسر الأممي المؤدي إلى تعارف الشعوب على قاعدة التبادل المتكافئ والمحترم في مكونات الثقافة، وهي قبل ذلك مكونات اجتماعية. والثقافة أصلاً منتج اجتماعي على مستوى البلدان والأقاليم والعالم، ونجد في نسيج هذا المنتج مشتركات حميمة تجمع الشعوب على التفاهم والتعايش الإنساني النقي والعادل.
وبالإجماع على أن الترجمة هي جامع ثقافي مجتمعي بين الشعوب، ننظر إلى حجم اهتمام الإمارات بهذا القطاع الذي تشتغل فيه عادة نخب متخصصة في اللغات وحيواتها وتاريخها وثقافتها، ونشير من باب التمثيل فقط لا الحصر إلى ثلاث علامات ترجمانية في الإمارات.
أولاً: مشروع «كلمة» في أبوظبي الذي انطلق من العاصمة عام 2007، ويقترب الآن من الاحتفال بالعنوان رقم 1000 بعد سلسلة من الإصدارات الراقية من حيث فنيات صناعة الكتاب، وهي سلسلة عالمية ضمّت التاريخ والجغرافيا والأدب من رواية وشعر، والموسيقى والفن التشكيلي والأساطير والأديان، والتاريخ الطبيعي والثقافي للحيوان والنبات والميثولوجيات، والفكر والفلسفة. وبكلمة ثانية لم يبق في ذاكرة قراء العالم أو تحديداً القراء العرب من موضوع معرفي أو فكري أو أدبي أو علمي إلا ونقل إلى العربية، في الحدود المتاحة لنقله إلى لغتنا الأم بفريق بل فرق من المترجمين المحترفين، والمراجعين المحترفين المثقفين.
ثانياً: صندوق منحة الترجمة الذي انطلق في الدورة الثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، ويوفّر هذا الصندوق منحاً للمترجمين والناشرين العرب وغير العرب، ويقع ضمن إشراف هيئة الشارقة للكتاب على المعرض الذي نشّط صناعة النشر والكتاب في الإمارات، وولدت منه جمعية الناشرين الإماراتيين؛ العضو الفاعل والنشط في الاتحاد الدولي للناشرين.
ثالثاً: أطلق في دبي عام 2017 «تحدي الترجمة» ذات المحتوى العلمي الذي «يراعي الاحتياجات التعليمية للطلبة العرب في شتى المراحل الدراسية».
الترجمة في الإمارات إذن ذات فرعين؛ فرع أدبي وفرع علمي نحو المستقبل، ونحو ثقافة الحياة وبناء منصات التعايش والتلاقي الحضاري مع شعوب وثقافات العالم كله.

yabolouz@gmail.com

Original Article

شاهد أيضاً