“سبعة مليارات حلم على كوكب واحد فلنستهلك بعناية”

ENN – أكد معالي الدكتور راشد أحمد بن فهد- وزير البيئة  والمياه أن أنماط  الاستهلاك الحالية تشكل أحد التحديات الأساسية للتنمية المستدامة على المستويات الوطنية والدولية، محذراً من أن  استمرار معدلات الاستهلاك الحالية، التي تفوق قدرة كوكب الأرض على التجدد، يهدد بتقويض الجهود التي يبذلها العالم لتحقيق التنمية المستدامة.

وأضاف معاليه، في بيان صحفي بمناسبة اليوم العالمي للبيئة الذي يصادف اليوم، أن أنماط الاستهلاك غير المستدامة مسؤولة بشكل رئيسي عن ظهور وتفاقم العديد من المشكلات البيئية كالتلوث والاستنزاف وخسارة التنوع البيولوجي وتغير المناخ، وإن إعادة النظر في أنماط إنتاجنا واستهلاكنا للموارد البيئية أصبح ضرورة حتمية، ومُلّحة.

وأوضح معاليه أن شعار المناسبة هذا العام “سبعة مليارات حلم، على كوكب واحد. فلنستهلك بعناية” يشير الى القلق المتزايد الذي تمثله ظاهرة الاستهلاك غير الرشيد للموارد وضرورة الانتقال بالاستهلاك الى أنماط مستدامة، خاصة وأن التوقعات تشير الى ازدياد عدد سكان العالم لأكثر من 9 مليارات نسمة في عام 2050، ما يعني أن استمرار أنماط الاستهلاك الحالية سيجعلنا بحاجة الى موارد 3 كواكب ككوكب الأرض للوفاء باحتياجاتنا.

وتابع معاليه أن آثار ظاهرة الاستهلاك المفرط للموارد في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ترافقت مع النهضة التنموية الشاملة وارتفاع عدد السكان وتحسن مستويات الدخل، ربما تكون أكثر حدة، مقارنة بمناطق أخرى في العالم، نظراً لمحدودية الموارد البيئية وزيادة حدة التنافس عليها بين السكان والقطاعات التنموية المختلفة. وقد ظهرت هذه الآثار في العديد المؤشرات مثل البصمة البيئية واستهلاك المياه العذبة وإنتاج النفايات وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي سجلت معدلات مرتفعة قياساً بالمعدل العالمي.

وقد تضافرت جهود الجهات المعنية في الدولة في محاولة للحد من هذه الظاهرة وآثارها السلبية، فعملت على اتخاذ حزمة متنوعة من الإجراءات والتدابير، توزعت على مسارين رئيسيين، حيث تركز المسار الأول على التخفيف من التأثيرات السلبية المصاحبة لأنماط الاستهلاك التقليدية على البيئة سواءً عبر وضع تشريعات ومعايير لتنظيم

الأنشطة التنموية والبشرية ذات الأثر السلبي على البيئة، أو عبر تبني سياسات وخيارات مستدامة كالطاقة المتجددة والبديلة، وتقنيات التقاط وتخزين الكربون، والإنتاج الأنظف، والعمارة الخضراء، والنقل المستدام، ووضع

مواصفات وطنية إلزامية لتعزيز كفاءة استهلاك المياه والطاقة في الأجهزة والمعدات المنزلية، وأنماط الزراعة والري الحديثة، إضافة الى ربط الاستهلاك بالآلية الاقتصادية خصوصاً في مجالي الطاقة والمياه.

ونوه ابن فهد بشكل خاص إلى استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء التي تم بموجبها تبني نهج الاقتصاد الأخضر في سياق التنمية المستدامة، مشيراً الى أن الاقتصاد الأخضر هو النهج، ربما الوحيد، الذي يوفر فهماً أعمق لقيمة السلع والخدمات المباشرة وغير المباشرة التي توفرها النظم الإيكولوجية، وبالتالي القدرة على تمثيل القيمة الحقيقية لرأس المال الطبيعي في القرارات والمؤشرات وأنظمة المحاسبة المالية، وهو الأمر الذي يشكل إضافة مهمة للجهود المبذولة لتعديل أنماط الاستهلاك الى أنماط مستدامة عن طريق ربط الاستهلاك بالآلية الاقتصادية.

أما المسار الثاني فقد تركز على رفع مستويات الوعي بأنماط الاستهلاك المستدامة لدى مختلف فئات المجتمع، فبالإضافة الى برامج التوعية المعتمدة لدى الجهات المعنية، أطلقت دولة الإمارات في السنوات القليلة الماضية مجموعة مهمة من المبادرات في هذا الإطار من بينها: مبادرة البصمة البيئية، مبادرة التطبيقات الخضراء، مبادرة أبطال الإمارات، مبادرة الجامعات والمدارس المستدامة، مبادرة بيئتي مسؤوليتي الوطنية والعديد من الحملات الوطنية كحملة يوم بلا ورق ودوام بلا مركبات، علاوة على تنفيذ مجموعة كبيرة من حملات التوعية بصورة منتظمة على مدار العام في مختلف مناطق الدولة، مثمناً الدور التي تبذله السلطات البيئية المختصة والجهات المعنية الأخرى ومؤسسات المجتمع المدني في سبيل رفع مستويات الوعي بالقضايا البيئية ذات الأولوية في دولة الإمارات.

وعلى الرغم من مرور سنوات قلائل على معظم هذه التدابير والمبادرات، إلاّ أن بوادرها الإيجابية بدأت بالظهور فعلاً. ولعلّ أفضل مثال على ذلك هو انخفاض معدل البصمة البيئية للفرد في دولة الإمارات من 11.8 هكتار عالمي في عام 2006 الى 7.75 هكتار عالمي في عام 2014، وكذلك انخفاض معدل انبعاثات الفرد من غازات الاحتباس الحراري من 39.5 طن في عام 1994 الى 20.6 طن في عام 2012. ومن المنتظر أن يستمر هذا الوضع بالتحسن في السنوات القليلة القادمة مع استكمال العديد المشاريع الحيوية التي بُدء العمل بها كمشاريع الطاقة المتجددة والطاقة النووية للأغراض السلمية وتحويل الطاقة الى نفايات، والبدء بوضع وتنفيذ البرامج المتعلقة بالموجهات الاستراتيجية في الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات، وفي آلية تنفيذ استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء وغيرها من الخطط

الاستراتيجية المعتمدة في القطاعات المختلفة، خاصة وأن المرحلة المقبلة ستشهد تطويراً مهماً لبرامج وأدوات التوعية بما يتوافق مع الأولويات والموجهات الرئيسية في الاستراتيجية الوطنية للتوعية والتثقيف البيئي التي تم اعتمادها مؤخراً، والاستفادة من الاستراتيجية الوطنية للابتكار لإيجاد المزيد من الوسائل والحلول المبتكرة لمواجهة هذه الظاهرة.

وشدد معالي الوزير على ضرورة أن يدرك أفراد المجتمع أن التصرفات المسؤولة تجاه البيئة والاستهلاك الرشيد لمواردها لا يتناقض مع مستويات الرخاء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي الذي نعيشه في دولة الإمارات أو نتطلع لتحقيقه، بل هو الضمانة الأكيدة لتعزيزه واستدامته، مشيراً في هذا السياق الى رؤية الإمارات 2021 التي أكدت على أن “المبادرة بوعي تجاه مسؤولياتنا الجماعية تخولنا الحفاظ على أسلوب حياتنا الملائم والاستمرار في تعزيزه”

وفي ختام تصريحه شدد معالي الوزير على الدور المحوري لأفراد المجتمع في الحد من ظاهرة الاستهلاك غير الرشيد وتأثيراتها السلبية، وأن نجاح المساعي الحكومية المبذولة في هذا الجانب لن يقيض لها النجاح دون مشاركة واعية وحقيقية وفاعلة من قبل كافة أفراد المجتمع، داعياً الى ضرورة أن يتحلى كل فرد في المجتمع بمسؤوليات للمحافظة على الموارد والنظم البيئية واستدامتها من أجل جيل الحاضر وأجيال المستقبل.

شاهد أيضاً