روسيا تستبق «لقاء فيينا» بسحب مصير الأسد.. وخلاف حول هويات «المجموعات الإرهابية»

روسيا تستبق «لقاء فيينا» بسحب مصير الأسد.. وخلاف حول هويات «المجموعات الإرهابية»

عبد اللهيان سيحل مكان ظريف.. ومراقبون يتحدثون عن عدم نضوج ظروف الحل

سوري يعاين أثار الدمار الذي ألحقه الطيران الروسي في الريف الشرقي لمدينة درعا الجنوبية أول من أمس (رويترز)

Tweet

نسخة للطباعة Send by email

تغير الخط
خط النسخ العربي
تاهوما
الكوفي العربي
الأميري
ثابت
شهرزاد
لطيف

بيروت: بولا أسطيح
استبقت روسيا «لقاء فيينا 2» المرتقب انعقاده اليوم السبت بمسعى لإيجاد حل للأزمة السورية المتفاقمة منذ العام 2011. بإعلان رئيسها فلاديمير بوتين أنه لا يمتلك «الحق بأن يطلب من الرئيس السوري بشار الأسد التنحي عن السلطة»، حاصرة بذلك النقاشات المرتقبة بتحديد هوية «المجموعات الإرهابية»، وهو موضوع خلافي شائك، لم تنجح الدول المعنية بالأزمة في الوصول إلى أي قواسم مشتركة بشأنه.
من جهة أخرى، من المنتظر أن تشارك إيران في الاجتماع الدولي المرتقب ممثلة بمساعد وزير خارجيتها أمير حسين عبد اللهيان، وذلك لارتباط الوزير محمد جواد ظريف بجولة أوروبية مع الرئيس الإيراني حسن روحاني. ونقلت وكالة «تاس» عن السفارة الإيرانية في موسكو أن عبد اللهيان سيمثل طهران في اللقاء المتعدد الأطراف في فيينا، مؤكدة أن «تخفيض مستوى تمثيل البلاد في المفاوضات يرتبط بانشغال وزير الخارجية محمد جواد ظريف بفعاليات أخرى مدرجة على جدول أعماله». هذا، وسبق أن أعلن عبد اللهيان نفسه في تصريحات له من لبنان يوم الأربعاء أن المشاركة الإيرانية في المفاوضات المكرّسة لتسوية الأزمة السورية تتوقف على «أجوبة يجب أن تقدّمها واشنطن عن الأسئلة بشأن خطوات أحادية أقدمت عليها دون استشارة الآخرين». ومن جانبها، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن إيران «لم تفقد اهتمامها بمفاوضات فيينا حول سوريا»، وقال ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، في وقت سابق، إن الجانب الإيراني بصدد اتخاذ قرار بشأن المشاركة في «لقاء فيينا»، مؤكدا أن «اهتمامهم كبير».
في هذه الأثناء، قبل اللقاء الدولي المرتقب، التقت «مجموعتا عمل»، الأولى مكلفة بتحديد «المجموعات الإرهابية» والثانية قائمة «المعارضين» الذين يمكن أن يشاركوا في المفاوضات مع النظام، بينما تبدأ مجموعة ثالثة إنسانية عملها فيما بعد. وأعربت موسكو وطهران، على حد سواء، عن استيائهما من تلك المباحثات الجانبية ووصفت روسيا الخطوة الأميركية بـ«الفاشلة»، معلنة «رفضها تقسيم المشاركين في مفاوضات فيينا إلى أساسيين وفرعيين». وللعلم، يشارك في المحادثات في فيينا اليوم ممثلون عن إيران وروسيا والسعودية وتركيا والاتحاد الأوروبي إضافة إلى ممثلين عن دول أخرى مثل الصين ومصر ولبنان ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان والأردن.
وفي حين حث وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ليل أول من أمس، الدول المشاركة في مباحثات سلام سوريا على «إظهار المرونة»، لافتا إلى أن فرص التوصل لحل دبلوماسي تتوقف في جانب منها على «الميزان العسكري»، شدد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند على «وجوب تنحي الأسد في إطار المرحلة الانتقالية في سوريا». وقال هاموند في تصريح من العاصمة التشيكية براغ: «على بشار الأسد أن يتنحى في إطار المرحلة الانتقالية في سوريا، لكننا نقر بأنه إذا كان ثمة مرحلة انتقالية فمن الممكن أن يشارك فيها إلى حد معين». وأردف: «نحن واضحون لجهة أننا لن نسعى إلى تدمير المؤسسات الحكومية في سوريا، نقول بوضوح بأننا نأمل بإبقاء تلك المؤسسات».
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مؤتمر صحافي عقدته يوم أمس بأنه «لا يمكن حل الأزمة السورية إلا بالوسائل السياسية»، وأعربت عن أملها في أن تسفر جولة جديدة من المحادثات التي تعقد في فيينا عن تحقيق بعض التقدم في هذا الاتجاه. وأضافت ميركل «آمل أن يكون اجتماع الغد خطوة صغيرة على الطريق نحو حل سياسي ينبغي أن نتحلى من أجله بالمزيد من الصبر». كذلك أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن أمله في حدوث تقدم نحو حل سلمي للنزاع السوري، مشددًا على أن «الهدف هو عملية سياسية تؤدي عبر هدنة وحكومة انتقالية إلى دستور جديد وانتخابات». وذكر شتاينماير خلال لقائه مع نظيره العُماني يوسف بن علوي أن المؤتمر الأول بشأن سوريا الذي عقد نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كان «بداية ناجحة»، واستدرك قائلا: «إننا لا نستخف بالصعوبات التي أمامنا، لكن لا يوجد طريق آخر».
أما بن علوي، فتحدث عن «زخم إيجابي لتطوير خطة تصب في مصلحة السوريين»، مشيرا إلى أننا «لا نزال في بداية الطريق». وأعرب بن علوي – الذي قابل رئيس النظام السوري أخيرًا – عن استعداد حكومة بلاده للتوسط بن الرياض وطهران بخصوص الأزمة في سوريا «إذا طلب الطرفان ذلك». واعتبر أن وجود علاقات مستقرة بين الطرفين المذكورين «أمر مهم للغاية بالنسبة لبلاده».
وفي بكين، أعلنت الصين أنها تولي اهتماما كبيرا لمحادثات فيينا حول سوريا، مؤكدة تمثيلها في الاجتماع المقبل على مستوى نائب وزير الخارجية لي باو دونغ. وأعرب متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في تصريحات أدلى بها أمس عن أمله في توصل الأطراف المشاركة في «لقاء فيينا» إلى توافق حول إطلاق عملية التسوية السياسية للأزمة السورية في أقرب وقت.
على صعيد آخر، يرى مراقبون أن «لقاء فيينا» المرتقب يواجه «عقبة كبيرة بتعريف المجموعات الإرهابية»، فيما يعتبر آخرون أن مجرد حصر التطلعات الدولية في هذا المجال واستبعاد سبب الخلاف الأساسي، ألا وهو مصير الأسد، إقرار بعدم نضوج ظروف الحل السياسي للأزمة. وهو ما عبّر عنه يزيد صايغ الباحث في مركز «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط» في بيروت الذي اعتبر أنّه «قد يكون هناك أرضية كافية لتفاهم روسي – أميركي حول سوريا، إلا أنه لا مؤشرات حالية لإمكانية تحقيق تفاهم رباعي شامل يشمل إلى جانب موسكو وواشنطن، الرياض وطهران».
وأوضح صايغ لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما قد تسير به الولايات المتحدة الأميركية وإيران، قد لا تقبل به روسيا والسعودية مثلا». ورأى أن إطار فيينا الحالي «لا يسمح بإتمام المساومات والمقايضات العملية المطلوبة لحل الأزمة، باعتبار أن حصر الحديث بين الأطراف المجتمعة على طاولة فيينا بتعريف الجماعات المقاتلة على الأراضي السورية، يوحي بعدم جدوى القمة والنقاشات الحاصلة». واستطرد «أي لقاء دولي يريد أن يبحث جديا في حل للأزمة في سوريا ينبغي أن يبحث في مصير الأسد وفي آلية الحكم الانتقالي، وكل ما عدا ذلك يندرج في إطار المراوغة وتضييع الوقت».
وأشار صايغ إلى أن «المعطيات الحالية تفيد بأن روسيا وإيران قد تسيران بصيغة معينة تتخليان من خلالها عن الأسد شرط أن يتم تأمين مصالحهما المستقبلية في سوريا، لكن معالم هذه الصيغة لم تتبلور بعد».
ومعلوم أن «لقاء فيينا 2» ينعقد بغياب أي طرف سوري، تماما كما حصل في «لقاء فيينا 1»، ويرد عضو «الائتلاف الوطني السوري» المعارض الدكتور برهان غليون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن استمرار «تغييب العنصر السوري، المعني الأول بالملف، لخروج الموضوع من إطاره الداخلي كصراع سوري – سوري بحيث يتحول إلى صراع إقليمي ودولي.. نرى أن الأطراف المجتمعة تسعى لتحقيق مصالحها بعيدا عن المصلحة السورية العليا». وتابع غليون «أن التعاطي مع الملف السوري بهذه الطريقة يمكن اختصاره بالكارثي، وللأسف، المعارضة السورية تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الإطار، كونها لم تنجح في تشكيل قيادة وطنية موحدة، جامعة في ظلها الفصائل العسكرية كما المجموعات السياسية».
واستبعد غليون أن ينجح «لقاء فيينا 2» في تحقيق أي خروق تذكر على مستوى الأزمة السورية، معتبرا أنّه «كان هناك منذ البداية خطأ بالتقديرات والحسابات، ولعل الانصراف للجدال حول تحديد قوائم الإرهابيين والمعارضين أكبر دليل على أن ما تسعى إليه الدول المجتمعة غير جدي وهدفه تقطيع الوقت».


قرأت هذا الخبر على صفحات شبكة الإمارات الإخبارية ENN المقال مأخوذ عن الشرق الأوسط

شاهد أيضاً