رئاسة السيسي في عام: جدل في الداخل و”إنجاز” في الخارج

BBC_ ENN مع انقضاء العام الأول للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منصبه يوم 8 يونيو/ حزيران، يتصاعد الجدل بشأن تقييم أدائه في إدارة شؤون البلد.

ويرى مراقبون أن الوضع في مصر عاد إلى ما كان عليه قبل الانتفاضة ضد حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، مشيرين في ذلك إلى انتقادات منظمات حقوقية لسجل ملاحقة المعارضين واستخدام قوات الأمن للعنف.

كما يواجه السيسي انتقادات بسبب تأخر عقد الانتخابات البرلمانية واستمرار العمل بسياسات تخدم رجال الأعمال.

لكن بالمقابل، يشيد آخرون بأداء الرئيس المصري، مشيرين في ذلك إلى بدء تحسن الوضع الاقتصادي والوضع الأمني في البلد. بالإضافة إلى هذا، يثني محللون على أداء السيسي في مجال السياسة الخارجية، معتبرين أنه الأفضل في عامه الأول في المنصب.

تراجع الشعبية؟

وصلت شعبية السيسي قبيل انتخابه في مايو/ ايار 2014 إلى مستوى عال، حتى أن العديد من التجار والمصممين استخدموا اسمه أو صورته على سلعهم التي تراوحت بين الملابس والمشغولات إلى الأطعمة والشوكولاتة، وذلك للتعبيرعن حبهم وتقديرهم له.

لكن مع نهاية العام الأول من رئاسته يكاد يكون هناك غياب تام لمثل هذه المظاهر، وهو ما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت شعبية الرئيس في تراجع.

وفي الأسابيع القليلة الماضية، واجه السيسي موجة انتقادات – غير مسبوقة خلال حكمه – في وسائل إعلام دأبت على مساندته منذ تدخله، بوصفه وزيرا للدفاع، لعزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013.

الأمر نفسه حدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ زادت الانتقادات الموجهة للرئيس مقارنة بالعام الماضي.

وبحسب أداة قياس الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي “كريمزون هيكساغون”، أظهر تحليل بيانات لـ117461 تعليقا خلال شهر مايو/ ايار أن 89 في المئة انتقدوا السيسي بينما سانده 11 في المئة فقط.

ويعكس هذا انخفاضا كبيرا في شعبية الرجل الذي حظي بتأييد 62 في المئة عند تحليل 4079 تدوينة في الوقت نفسه من العام الماضي مقابل 38 لمنافسه في انتخابات الرئاسة آنذاك حمدين صباحي.

وبالرغم من هذا، أظهر استطلاع أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) عن أداء السيسي خلال العام المنصرم أن 9 من كل 10 مصريين راضون عن أدائه.

وأوضح المركز في بيان أن النسبة الأعلى لمؤيدي السيسي جاءت في الفئة العمرية الأكبر من 50 سنة، في حين أن نسبة تأييده بين الشباب دون 35 عاما لم تتجاوز 56 في المئة.

أمن أم قمع؟

وبحسب مركز “بصيرة”، فإن 92 في المئة من المصريين يرون تحسنا في استرجاع الأمن في محيط سكنهم. وهي القضية التي شهدت أفضل تحسن خلال العام الأول من حكم السيسي، بحسب نتائج الاستطلاع.

لكن صحيفة “البديل” الإلكترونية ترى أنه في مقابل عودة الأمن عادت الدولة “القمعية”.

وتخلص الصحيفة في تقييم لها حول حكم السيسي في عام إلى أن “القبضة القمعية للنظام تنتصر”. وتدلل الصحيفة على ذلك بـ”الملاحقات المتواصلة للنشطاء.

وفي السياق ذاته، تنقل صحيفة “المصري اليوم” عن التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان انتقاده للحبس الاحتياطي الذي “تحول إلى عقاب على جرائم لم ترتكب”.

ويوضح المجلس في تقريره السنوي الصادر يوم 31 مايو/ ايار أن عدد القتلى جراء أعمال العنف منذ 30 يونيو/ حزيران 2013 بلغ 2500 شخص، بينهم “نحو 1250 من جماعة الإخوان.. و700 من رجال الجيش والشرطة.. و550 مدنيين”.

وفي السياق نفسه، يكشف “كريمزون هيكساغون” عن زيادة الانتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في مصر خلال هذا العام.

فعند تحليل بيانات 7764 تعليقا على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة من يناير/ كانون الثاني 2015 حتى يونيو/ حزيران من العام نفسه يتضح غياب أي تدوينات تتناول أوضاع حقوق الإنسان في مصر بالإيجابية.

فقد أظهرت النتائج أن 70 في المئة أدانوا وضع حقوق الإنسان في مصر بينما أعادت النسبة المتبقية – 30 في المئة – نشر أخبار تتعلق بـ”تجاوزات” قوات الأمن في هذا الإطار.

لا برلمان

وهناك شبه إجماع بين المحللين على أن استمرار تأجيل الانتخابات البرلمانية فشل كبير للسيسي في عامه الأول، حيث كان من المفترض عقدها في غضون ستة أشهر من إقرار الدستور.

وقضت المحكمة الإدارية في مصر بوقف الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في مارس/ اذار، وذلك في ضوء قرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية إحدى مواد قانون الانتخابات.

ولا يوجد برلمان في مصر منذ يونيو/ حزيران 2012 عندما صدر حكم قضائي بحل أول مجلس شعب انتخب ديمقراطيا بعد الانتفاضة ضد مبارك في 2011.

ويرى منتقدون أن السيسي لا يرغب في وجود برلمان يتحدى سلطاته، خاصة في ظل تصريحاته المتكررة للأحزاب حول الاتفاق على قائمة موحدة لخوض الانتخابات.

ويقول السياسي الإسلامي نادر بكار في مقال في صحيفة الشروق “(القائمة الموحدة) تعني ببساطة ودون حسابات معقدة (قائمة معينة) قوامها 120 نائبا سيصلون البرلمان دون الحاجة إلى صوت ناخب واحد لو اتفقت كل الأحزاب على المشاركة في هذه المسرحية! شيء لم يسبقنا إليه أحد في التاريخ!”.

مشروعات كبرى

ومن الموضوعات الأخرى التي جرى تقييم أداء السيسي فيها الجهود لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

وبالرغم من إعلان السيسي تدشين عدد من المشروعات، إلا أن مراقبين يرون أن المعيار الحقيقي للحكم على هذه الجهود هو مدى انعكاس هذه المشروعات على مستوى معيشة المواطن.

وفي مقال بصحيفة “الشروق”، يقول الكاتب أحمد عبد ربه “حتى الآن يميل الرئيس إلى سياسة المشروعات الكبرى والأرقام التجميعية المبهرة وهو ما ثبت محدودية تأثيره النفسي والمعنوي والذي يستمر عادة لأيام قليلة ثم تنتهي الاحتفالات بمزيد من الأسئلة التي لا تجد إجابات محددة”.

ويمضي الكاتب متسائلا “فهل سيتمكن النظام بالفعل من إشعار المواطن بتحسن نسبي تدريجي فى حياته الاجتماعية والاقتصادية؟ أم ستستمر المعاناة على الأرض مع أرقام مبهرة على المستوى الرسمي؟ وكيف سيكون رد فعل الشارع حين إذ؟”.

وينعكس هذا القلق على منتديات التواصل الاجتماعي.

شاهد أيضاً