دراسة جديدة تتوقع تجاوز ميزانية الكربون في فترة أبكر من المتوقع

أجرى باحثون دراسة لتقدير ميزانية الكربون التي نصت عليها اتفاقية باريس، ولأول مرة شملت الدراسة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من التربة الصقيعية، وتشير النتائج إلى أن العالم ربما يتجاوز الميزانية التي حددها في أهداف اتفاق باريس طويلة الأمد في فترة زمنية أبكر مما توقعه العلماء سابقًا.

تعرف ميزانية الكربون على أنها كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي نستطيع أن نضخها إلى الغلاف الجوي دون أن نفقد القدرة على الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية بما لا يزيد عن درجتين مئويتين فوق المستويات قبل الصناعية، ورأى السياسيون في بساطة هذا التعريف أداة مفيدة عندما تستخدم في إطار الجهود الساعية للحفاظ على الاحترار دون المستويات الخطيرة، غير أن هذا التعريف يفترض وجود علاقة خطية بين ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتزايد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بسبب النشاط البشري. إلا أن الباحثين وجودوا في دراستهم الأخيرة علاقات غير خطية تربط بين ميزانية الانبعاثات وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان الناتجة عن ذوبان التربة الصقيعية.
تخزن التربة الصقيعية -وهي تربة بقيت درجة حرارتها تحت درجة التجمد لمدة عامين على الأقل- كميات كبيرة من الكربون والمواد العضوية يجعلها خزانًا كبيرًا للكربون، غير أن دراسات الاحترار العالمي قلما تولي اعتبارًا لهذا الخزان.
تذوب الطبقة العليا من التربة الصقيعية -والتي تدعى الطبقة النشطة- دوريًا في فصل الصيف، لكن ثخانة هذه الطبقة ازدادت كثيرًا خلال الأعوام الأخيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ما زاد من كميات الكربون المنبعثة منها.
قال توماس جاسر الباحث في برنامج خدمات وإدارة النظم البيئية التابع للمعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية والباحث الرئيس للدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر جيوساينس «يؤدي الاحترار العالمي إلى زيادة انبعاثات الكربون من التربة الصقيعية، ما يقلل من ميزانية الكربون التي نستطيع أن نضخها دون أن نتجاوز مستويات محددة من الاحترار العالمي، وهي عملية غير قابلة العكس على مدى قرون، ما يجعلها عنصرًا مهمًا في النظام الكربوني المناخي للأرض ويزعزع التقديرات الخطية لميزانية الكربون.» وهذه هي المرة الأولى التي تحتسب فيها انبعاثات التربة الصقيعية في ميزانية الكربون، وتظهر النتائج أن العالم بات قريبًا من تجاوز الميزانية التي ينص عليها الهدف بعيد المدى لاتفاق باريس.

حذرت الدراسة من أن هذا التأثير قد يتعاظم في ظل استراتيجيات تجاوز الحد، والتي تسمح بتجاوز الهدف المقرر أولًا، ثم العودة إلى الهدف الحقيقي، وتقر اتفاقية باريس باحتمال ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين فوق درجة حرارة الأرض قبل الثورة الصناعية، لكن الدول الموقعة على الاتفاقية ستتخذ حينها تدابير لخفض درجة الحرارة نصف درجة مئوية وإعادتها إلى مستوى درجة ونصف فوق درجة الحرارة قبل الثورة الصناعية، لكن ارتفاع درجة حرارة الأرض سيؤدي إلى ذوبان أجزاءً كبيرة من التربة الصقيعية وإطلاق المزيد من الكربون، والذي لا بد من إزالته من الغلاف الجوي لنتمكن من خفض درجة الحرارة العالمية.
يقول جاسر«تمثل استراتيجية تجاوز الحد خطة محفوفة بالمخاطر، فمن الصعب جدًا أن نعود إلى الهدف الأصلي بعد تجاوزه، لكن نظرًا لالتزامنا الحالي بهذه الاستراتيجية، علينا تحضير أنفسنا لاحتمال عدم قدرتنا على العودة إلى مستويات احترار آمنة، وعلى صناع القرار أن يفهموا جيدًا أن العلاقة بين انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بسبب النشاط البشري ودرجة الحرارة العالمية ليست بسيطة، كما كان يعتقد سابقًا، وأن هذه الاستراتيجية قد تسفر عن عواقب وخيمة.»

يأمل الباحثون أن تساعد دراستهم في إقناع المجتمع العلمي بأن ميزانية الانبعاثات ليس أداة بسيطة كما اعتقد سابقًا، وأن تساعد صناع القرار على تصميم استراتيجيات مناسبة للحد من التغيرات المناخية مستقبلًا.

The post دراسة جديدة تتوقع تجاوز ميزانية الكربون في فترة أبكر من المتوقع appeared first on مرصد المستقبل.

Original Article

شاهد أيضاً