حقوق الأبناء على الآباء

لم يكن الله سبحانه وتعالى ليأمر الأبناء ببر الآباء ولا يبين حقوق الأبناء على الآباء، لأن ذلك من دوافع بر الوالدين، لما يلاقوه من اهتمام وعناية من الوالدين تزيد من الحب والامتنان لهما.

وحقوق الأبناء على الآباء كثيرة أرشدنا إلى الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وحثنا عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سنته المطهرة، من أجل العناية بالأبناء وذلك من قبل حتى أن يكون الولد نطفة في رحم أمه، فعلما النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أن من أراد أن يأتي زوجته أن يقول: “بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا”، فإذا قضى بينهما ولد لم يضره”.

ومن حقوق الأبناء على الآباء أن يختارو الرجل زوجة وأمًا صالحة، وأن تختار المرأة زوجًا وأبًا صالحًا لأبنائها، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: “تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم”.

ومن حقوق الأبناء كذلك أن يختار لهم الآباء اسمًا جميلًا يناسب المجتمع الذي يعيشون فيه، ولا يكون غريبًا أو مدعاة للسخرية.

وقد حمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الآباء أمانة الأبناء فقال: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”، وجعل الله سبحانه وتعالى نفقة الأبناء واجبة على الأب فقال تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول”.

وأمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسن تربية الأبناء وتدريبهم على الفرائض كالصلاة وغيرها فقال: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع”، وكذلك تعليمهم الخصال الحميدة، فقال صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: ” أدبوا أولادكم على ثلاث خصال، حبِّ نبيكم، وحبِّ آل بيته، وتلاوة القرآن”. فحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجعلهم على قد الاتباع لحضرته، فلنا فيه أسوه حسنه، وحب آل بيته لأنهم تأدبوا بأدبه وتخلقوا بأخلاقه فكانوا مثالًا عمليًا للأبناء والبررة، وتلاوة القرآن لأنه دستورنا.

ومن الأمور المهمة التي يجب أن يراعيها الآباء العدل بين أبنائهم، فلا يميزوا أحدًا منهم على أحد دون سبب، لحديث النعمان بن بشير المتفق عليه: “اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم”. وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن أحد أصحابه أعطى أحد أولاده عطيةً، وأراد أن يُشهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك، فسأله النبي الكريم: “أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ فقال هذا الصحابي: لا، فقال عليه الصلاة والسلام: فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق”.

ومن حقوق الأبناء كذا أن يوصيهم الآباء ويأدبونهم، ولنا في سيدنا لقمان الأسوة عندما أوصى ولده في وصيه جامعة جمعة التوحيد والفرائض ومكارم الأخلاق، وذكر لنا القرآن الكريم وصيته القيمة، يقول تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}.

 

شاهد أيضاً