تطويع التكنولوجيا

ابن الديرة

مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة، تعتبر واحدة من نتاجات التكنولوجيا المعاصرة، وأصبحت تكاد تكون أعماق بحار ومحيطات سحيقة، يمكن أن تدمر وتبتلع الكثير من القيم الإيجابية وتحرفها إلى طريق معاكس، لأن الدول لم تحسن الاستفادة من طاقة التكنولوجيا وقوتها البناءة، وتركتها لعشوائية الاستخدام، فتخبطت وتاهت بين الحرية الفردية والمصلحة العامة، بلا وعي أحياناً، وقلة حيلة وقصر إمكانيات في أحيان أخرى.
والمجتمعات التي تبذل جهوداً مضنية على طريق النهضة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، تجد نفسها مجبرة على أن تقف مطولاً أمام تحديات صعبة، مرغمة على الخوض فيها، تبدأ في ضرورة البحث عن الطريقة المناسبة للاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا، وتسخيرها لصالح تطور المجتمعات، والشعوب، من غير أن تشكل خطراً عليها في الوقت نفسه.
وكما تتفق الأغلبية، فإن التقنية الحديثة هي السلاح ذو الحدين الذي دخل علينا قبل بضعة عقود من الزمن، وأصبح أخطر ما تمتلكه العصابات الإجرامية الدولية، إلى جانب المتشددين والمتطرفين، الذين يسلبون أبناءنا إرادتهم، ويسعون إلى السيطرة عليهم، ليدمروا أنفسهم ومقدرات بلادهم وكل خير حولهم، لمصلحة من هم أعداء الوطن بالتأكيد، وليست في صالح شعوبهم ولا الإنسانية البريئة من مواقفهم وأفكارهم.
قبل أن تسير المجتمعات خطوات مهمة على طريق الثورة التكنولوجية، عليها أن تحصن نفسها ضد كل المعوقات، والقوى التي تعيش ما قبل التاريخ الإنساني، رغم أننا في القرن الحادي والعشرين، ليكون الشباب بالتحديد وأبناء الشعوب بوجه عام، على درجة من المعرفة والوعي والإيمان الإنساني، الذي يحول دون استخدام ما تقدمه التكنولوجيا في تدمير مصالح الشعوب. وهذا التحصين من الضروري أن يبدأ بالأسرة ويتيح لها قيامها بواجباتها تجاه أبنائها، من خلال وسائل عدة، أبرزها مراقبتهم ومنحهم أسباب القوة والقدرة على تطويع التكنولوجيا لمصلحة الإنسانية.
الشعوب والدول التي نجحت إلى حد ما في تسخير إيجابياتها لخدمتها تحقق نجاحها رغم كل الظروف الصعبة التي كانت سائدة وواجهتها بصلابة، وكانت إرادة الشعوب هي العامل الحاسم في تطور مجتمعاتها وتقدمها للأمام.
إن مجتمعنا الذهبي عمراً وإنجازات، والذي يشق طريق التنمية بكفاءة عالية رغم صعوبة التحديات وكثرتها، مطالب بإيجاد صيغة مثالية لمنع العبث من الوصول إلى الأبناء، كي ينتقلوا إلى العقلانية بدل الفوضى، وإمكانية توجيه الأطفال لاستعمال وسائل الاتصال الحديثة للنفع والفائدة وليس للتدمير وإيذاء الآخر.
سوف نتمكن من تسخير التكنولوجيا الجديدة لخدمة أهدافنا التنموية بكل جدارة، وحينها لن نخشاها لأننا محتاطون لها.

ebnaldeera@gmail.com

Original Article

شاهد أيضاً