النوم الكافي ضرورة لعمل المخ

يحتاج الدماغ عادة إلى فترة راحة لإعادة الشحن وتريب الأوضاع، فطول فترة النهار تتحمل بالكثير من البيانات والمعلومات الداخلة إليها، وتقوم أيضاً بعمل معالجات لبعض المعلومات لسهولة دخولها، وتعلم مهارات وطرق جديدة، كل هذه العمليات تحدث قبل الدخول في حالة النوم، وتتوقف تماماً عند الدخول إلى عملية النوم، وتوصلت دراسة أمريكية جديدة إلى أن الدماغ يعيد ترتيب أوضاعه خلال فترة النوم، وكشفوا ذلك بأدلة يمكن مشاهدتها ورصدها عن طريق الصور المجهرية لنقاط التشابك العصبي أو نقاط التقاطع بين خليتين من الأعصاب، وتبين أن هذه المناطق تتسع وتتمدد خلال فترة اليقظة، ثم تقل وتنكمش في فترات النوم، وهي عملية يقوم بها الدماغ ليستعد جيداً لليوم الجديد، وهذه العملية تؤكد دور نظرية التوازن التشابكي العصبي، والتي توضح أن النوم حالة ضرورية للحفاظ على مرونة الدماغ واستعادة قدرته على تعلم أشياء جديدة بصفة مستمرة.
تحفيز نقاط التشابك العصبي المستمر في فترة اليقظة، يجعلها تنمو بشكل أكبر وتتسع، ويرجح الباحثون أن هذا التمدد الذي يحدث في نقاط التشابك العصبي له تأثير كبير في الذاكرة والتعلم، ولكن يجب حدوث عملية توازن لهذا النمو والتمدد للحفاظ على عدم تشبعها ومنع طمس الذاكرة واستمرار تدفق الإشارات العصبية، وهو ما تشير إليه نظرية التوازن التشابكي العصبي، ويعتبر النوم هو الوقت المناسب لحدوث التوازن، لأن الدماغ يكون في حالة إغلاق ولا يعي لما يدور حوله، وبذلك يسهل حدوث التوازن واستعادة التشابك بشكل أحسن.
استخدمت الدراسة تقنيات عالية الدقة، ونجح الباحثون في التوصل إلى أن حجم نقاط التشابك العصبي يرتبط بكمية النوم، وتبين أن النوم فترة قليلة يقلل من حجمها في منطقة قشرة الدماغ بنسبة تصل إلى 20%، وتبين أن توازن حجمها وقوتها يتأثر بأوقات اليقظة ثم يتم استعادته في فترة النوم، وهذا يفسر أن النوم في كل ليلة يؤدي إلى حدوث تقليل لملايين من نقاط التشابك العصبي بالقشرة الدماغية، لتصبح أقل حجماً بنسبة تصل إلى 21%، وهو ما يشير إلى أهمية النوم العميق لفترات كافية من أجل إعادة شحن الدماغ واستعادة قدراته الضخمة مرة أخرى.

شاهد أيضاً