الفحوص والمتابعة لدعم الإنجاب الآمن

تحقيق: راندا جرجس

يعتبر الفحص الدوري للإناث في جميع مراحل سن النشاط التناسلي من الأمور الهامة، حيث إنه يساعد في التشخيص المبكر لجميع الأمراض، والمشاكل الوظيفية التي يمكن أن تؤثر في خصوبة المرأة، وتلاشي المفاجآت غير السارة التي تظهر مع الوقت أو خلال شهور الحمل، كما أن إجراء بعض التحاليل الهرمونية لتقييم المخزون المبيضي للنساء في عمر يزيد على 30 سنة، يعد من الأمور الروتينية في الوقت الحالي، وخاصة مع ارتفاع سن الزواج، وفى السطور القادمة يحدثنا الخبراء والاختصاصيون عن المشكلات التي يمكن أن تعوق حدوث الإنجاب عند الزوجين، وكذلك بعض النصائح لفترة حمل آمنة على الأم والجنين.
يقول الدكتور محمد مازن داية، مختص الإخصاب ومعالجة العقم، إن تأخر الحمل أو ما يُعرف بالعقم سابقا، هو عَدم القُدرة على الحمل بعد سنة واحدة من المحاولة، حيث أن نسبة 85% من الأزواج الذين يتمتعون بخصوبة وقدرة طبيعية على الإنجاب، يستطيعون إنجاب طفل خلال سنة من الزواج، وتقل هذه النسبة بسرعة أكبر كلما زاد عمر المرأة، ويعد تأخر الحمل من الفترات الصعبة التي يمر بها الزوجان، ويرجع ذلك بالنسبة للمرأة إلى عدة أسباب منها:-
– عدم القدرة على الإباضة، وهى الأكثر شيوعاً لدى النساء اللواتي يعانين مشكلات في الخصوبة والعقم بنسبة 40%، وتتمثل في القصور الأول للمبيضين، متلازمة المبيض المتعدد الكيسات، وقلّة مخزون البويضات كجزء طبيعي من عملية التقدم في العمر، وكذلك وجود مشكلات في الغدد الصماء مثل مشكلات الغدة الدرقية، أوالنخامية.
– مشكلات الحيض، حيث أن حدوث أي مشكلة في مراحل الدورة الشهرية، يؤدي إلى صعوبة في حدوث الحمل بعد ذلك، خاصة وأنها هي العملية التي تهيئ جسم الإناث والرحم بشكل خاص، لتقبل البيضة الملقحة (الجنين).
– أمراض الجهاز التناسلي الأنثوي، ويعد الإصابة الأكثر شيوعاً هي انسداد قناتي فالوب أو عدم فعاليتهما بالشكل الصحيح، وذلك لوجود الداء الحوضي الالتهابي المزمن أو بسبب سوابق لعمليات جراحية في منطقه الحوض، وأيضاً التشوهات الخلقية في الجهاز التناسلي وأهمها وجود حاجز مهبلي، رحمي، أو ما يسمى بتشوهات قناتي مولور، وكذلك الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة والتي تتسبب بوجود التصاقات حوضية، وأيضاً عند جود أورام ليفية في عمر مبكر لدى بعض السيدات، ما يعيق انغراس الأجنة داخل الرحم، بالإضافة إلى بعض العوامل النفسية التي ينتج عنها وجود اكتئاب يمنع حدوث الحمل.
يضيف: أما العوامل التي تسبب العقم عند الرجل فهي تكون ناتجة عن مشكلة في إنتاج النطاف، بنسبة ثلثي الرجال المصـابين بالعقم، كما يمكن أن يكون هناك مشكلات تشريحية خلقية ومنها الخصية المعلقة أو المتبقية داخل القناه الإربية، أو جوف البطن، وكذلك الأمراض الالتهابية الفيروسية، أو الجرثومية التي لم تعالج بالوقت المناسب، بالإضافة إلى مشكلات عصبية أو ضغوط نفسية، أو أمراض مزمنة غير معالجة كداء السكري، وإصابات الحبل الشوكي، واستخدام بعض الأدوية الهرمونية التي يستخدمها بعض الرياضيين في رياضات منها بناء الأجسام.

فحوص تشخيصية

يشير الدكتور محمد أسامة طه، استشاري الأمراض النسائية والإخصاب، أن الإنجاب يكون عن طريق الزوجين ولذلك يجب التأكد أولاً من سلامة الزوج وانه لا يوجد لديه أي موانع للإنجاب، ثم نبدأ البحث في الموانع التي تخص السيدة مثل: وجود حاجز في الرحم، العيوب الخلقية، الأورام وأشهرها الليفية أو التصاقات بطانة الرحم، وأيضاً التهابات قنوات فالوب أو انسدادها، انثناءها، طولها،اتساعها، والالتصاقات الخارجية حولها، ما يؤدي إلى عدم استقامتها، أو وجود بطانة الرحم المهاجرة في الغشاء البريتوني، وآفات المبيض التي تحدث لنسبة كبيرة من النساء، وخاصة نقص المخزون البويضي الذي يستهدف المتقدمات في العمر، أو وجود متلازمة التكيسات، الأورام الحميدة و الخبيثة في المبيض، اضراب الهرمونات، ضيق عنق الرحم، أجسام مضادة للحيوانات المنوية فيه، ولذلك يجب أن تخضع الزوجة لبعض الفحوصات التشخيصية، التي يجريها الطبيب المعالج للتأكد من أنها مستعدة للحمل بدون مشكلات، وتتمثل هذه الاختبارات في:-
– السونار المهبلي، ليؤكد على الشكل الطبيعي للرحم، والمبيضين، وكذلك خلو الرحم من التكيسات أو الأورام.
– الأشعة بالصبغة على الرحم وقنوات فالوب، وذلك يتم بعد انتهاء أيام الدورة الشهرية، وقبل ميعاد التبويض، عن طريق حقن نوع معين من الصبغة، في عنق الرحم، ثم عمل أشعة عادية على الحوض لرؤية شكل الرحم من الداخل وسريان الصبغة بقنوات فالوب وداخل البطن.
– تحليل مجموعة من الهرمونات مثل: هرمون الحليب (Prolactin)، الغدة الدرقية (Thyroid Profile)، هرمونات الغدة النخامية المسؤولة عن التبويض (FSH & LH) ويتم ذلك في ثاني أيام الحيض، وكذلك هرمون المخزون البويضي (AMH).
– المنظار الرحمي: الذي يتم بتخدير موضعي أو كلي عن طريق كاميرا تدخل من عنق الرحم لرؤية الجدار الداخلي منه، لاستكشاف إذا كانت هناك أي عيوب في بطانة الرحم أو لحمية بالجدار، كما يستطيع الطبيب أيضاً رؤية فتحتي قناة فالوب من داخل الرحم، وبواسطة هذا المنظار يمكن أن يتم بعض العمليات الجراحية كإزالة اللحمية أو الورم الليفي.
– منظار البطن: حيث تخضع المريضة للتخدير الكلي، بواسطة فتحة صغيرة عند منطقة السرة، ويمكن أن يحتاج الأمر إلى فتحتين إضافيتين، لنتمكن من رؤية الرحم والمبيضين والغشاء البريتوني من داخل البطن، ويمكن أيضاً إجراء عمليات جراحية من خلاله، كإزالة أورام ليفية من الرحم أو كيس على المبيض، وكذلك نستطيع أن نقوم بعملية كي التكيسات، بالإضافة إلى إمكانية حقن صبغة لرؤية قنوات فالوب، و رؤية الصبغة بها لنطمئن على سلامة القناة.

خطوات صحية

تذكر الدكتورة حنان غطاس، أخصائية أمراض النساء والتوليد، أنه بعد التأكد من عدم وجود موانع عند الزوجين، يكون في أتم الاستعداد لاستقبال مولود جديد، ولكن هناك بعض المشكلات التي تعانى منها الزوجة أثناء فترة شهور الحمل، ويعد الغثيان والقيء من أهم العوامل المزعجة التي تعانى منها معظم السيدات خلال أشهر الحمل الأولى، حيث أنها يمكن أن تبدأ من الأسبوع الرابع وحتى السادس عشر، قد تساعد بعض الإجراءات البسيطة لتقليل هذه الأعراض:-
– تناول وجبات صغيرة متكررة خفيفة طوال اليوم بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة.
– شرب السوائل بانتظام على مدار اليوم.
– يجب تناول الوجبة الأخيرة قبل ساعتين على الأقل من النوم.
– التقليل من تناول الأطعمة الدهنية لأنها تستغرق وقتًا أطول في الهضم.
– الحذر من بعض الأطعمة التي ربما تؤدي إلى حدوث بكتيريا تُشكل خطراً على صحة الطفل، مثل الأجبان المطبوخة، الأسماك النيئة، الوجبات الجاهزة الغير مطهية جيداً.

رعاية صحية

تؤكد د. حنان على أن الرعاية الصحية والفحوص الدورية تكون مناسبة لجميع النساء سواء من يعانين من بعض الأمراض أو غيرهن، وليس فقط لمن يفكرن في الحمل، حيث إن زيارة المريضة للطبيب النسائي توضح الكثير من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها السيدة، كما أنها تتيح للأطباء التدخل المبكر في الحالة، كما تحسن المتابعة الطبية أثناء شهور الحمل، وتمنح الأم والطفل حديثي الولادة نتائج صحية سليمة، وهو الذي ينتج عن الالتزام بإرشادات الأخصائي النسائي التي تتمثل في تناول حمض الفوليك الإضافي قبل الحمل، وخلال الأشهر الثلاثة الأولى، مع الانتباه إلى زيادة الوزن التي تحدث في الفترة القريبة من الولادة والتي تكون بمعدل، من 12.5 إلى 18 كجم لناقصات الوزن، من 11.5 إلى 16 كجم الوزن الطبيعي للمرأة، من 7 إلى 11.5 كغم للبدينات، حيث أن النظام الغذائي المتوازن يمنح الحامل الفيتامينات المطلوبة، ويحميها من الزيادة المفرطة في الوزن، وفى بعض الحالات يوصى باستخدام مكملات متعددة الفيتامينات المعدنية للنساء اللواتي لا يستهلكن نظاماً غذائياً مناسباً، وتجدر الإشارة إلى أن الحديد من العناصر الغذائية التي تحتاج إليها الحامل، ولكن لا يمكن أن تكفى الكمية المطلوبة منه بالنظام الغذائي فقط.

قبل الولادة

توضح د.حنان، أنه بالنسبة للنساء اللواتي تسير شهور الحمل معهن بشكل طبيعي، والغير مصحوب بمضاعفات، ولا توجد لديهن عوامل خطر لحدوث أي نتائج سلبية في الفترة المحيطة بالولادة، يجب عليهن المتابعة مع الطبيبة النسائية كل أسبوعين من بداية 4 وحتى 28 أسبوعاً، وأسبوعياً من بعد 36 أسبوعاً من الحمل، فيجب أن يكون لديهن تمارين منتظمة أفضل ممارستها في أوقات متقطعة، وعليهن بتجنب التدريبات التي تكون في وضع ضعيف بعد الثلث الأول من فترة الحمل، أما بالنسبة للمعرضات لبعض المشكلات فتكون لديهن موانع لممارسة التمارين أثناء الحمل تشمل ارتفاع ضغط الدم الحملي، عنق الرحم غير الكفء، آلام المغص التي تسبق الولادة، تأخر النمو داخل الرحم واستمرار النزيف في الثلث الثاني والثالث.
كما أن ساعات الوقوف الطويلة لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة ربما تسبب الدخول في ولادة مبكرة، ولكن ننصح بالحركة والمشي الخفيف كل ساعتين تقريباً، لا ينبغي حظر السفر الجوي للمرأة الحامل، أما بالنسبة للسفر بالسيارة فيجب ارتداء قيود ثلاثية النقاط بشكل صحيح أثناء القيادة، لضمان سلامتها هي والجنين.
تستكمل: أما النساء اللواتي يعانين حالات الحمل المعقدة، كالمصابات بارتفاع ضغط الدم، داء السكري، فيجب عليهن الانتباه والمتابعة المستمرة، في كثير من الأحيان من أجل تحسين نتائج الحمل.
كما تجدر الإشارة إلى أن تناول أقل من 200 ملغ، لا يرتبط بزيادة خطر الإجهاض أو الولادة قبل الأوان، ولكن تدخين التبغ يرتبط بحدوث آلام المخاض قبل ميعاد الولادة، وتقييد نمو الجنين، والإصابة بالشفة المشقوقة، والانفصال المشيمي.

الأورام الليفية

تعد الأورام الليفية الرحمية من الأنواع الحميدة الشائعة التي لا تتحول فيما بعد إلى خلايا سرطانية، وتستهدف الإصابة أنسجة عضلة الرحم، بنسبة 75% من السيدات من سن 20 إلى 45 أي مرحلة الخصوبة، وفي أغلب الحالات يتم تشخصيه عن طريق الصدفة خلال الفحوص النسائية الروتينية، حيث إنه لا يترافق معه وجود أي علامات أو أعراض تدل على وجوده، كما أنه لا يمثل خطورة على المريضة، إلا في حال تسبب في حدوث آلام أو أوجاع، ويتم معالجتها إما عن طريق الأدوية أو استئصال الورم بالكامل.

شاهد أيضاً