استعدادات رمضانية.. بأسس صحية

شبكة أخبار الإمارات ENN

تحقيق: راندا جرجس

ينتظر الجميع من كافة المراحل العمرية قدوم شهر رمضان، لأسباب متعددة منها تجمع الأهل والأصدقاء، والاستمتاع بالطقوس والعادات التي يحملها معه بفرحة وبهجة من عام لعام، ولكن يكمن الاختلاف في طريقة الاستعداد، الذي يتنوع ما بين النفسي، الروحي، المادي، البدني، والصحي، خاصة أن الصوم يكون على فترات طويلة متزامنة مع فصل الصيف، ما يعرض الأشخاص لبعض المضاعفات أو المخاطر نتيجة عدم الانتباه والالتزام بالقواعد الصحية اللازمة، وهذا ما سنتعرف إليه في السطور القادمة.
عن استعداد الأطفال لصوم شهر رمضان، تقول الدكتورة مها درويش استشاري طب الأطفال: إن الحفاظ على النمو الطبيعي للصغار يتطلب أن يكون هناك توازن بين الغداء والنشاط البدني، وكذلك يجب أن نعلم المحافظة على الوظائف الحيوية في الجسم تتطلب تناول كمية كافية‏ من الماء، تختلف بحسب عمر الصغير، ونوع النشاط والحركة التي يقوم بها، وأيضاً حرارة الجسم، والجو الخارجي، أما بالنسبة للعمر المناسب لبدء تصويم الأطفال فيختلف أيضاً من طفل لآخر بنفس العمر، ‏وعلى سبيل المثال يمكن لصغير بعمر سبع سنوات أن يصوم ثلاث أو أربع ساعات في الجو المعتدل، ‏بينما لا يمكن لآخر بنفس العمر أن ‏يتحمل ثلاث ساعات بدون ماء، ‏وخاصة في طقس شديد الحرارة،‏ ولكن على الوالدين تشجيع الطفل على الصيام ولو بضعة ساعات قليلة، أما بالنسبة للمراهقين الذين يودون الصيام ويعانون بعض الأمراض المزمنة كداء السكري، والربو وغيره، فيجب على الأهل مناقشة ذلك مع الطبيب المعالج وسؤاله عن إمكانية الصيام والساعات المسموح بها.

تغيير العادات

يتميز هذا الشهر باجتماع الأهل والأصدقاء، ما يؤدي لاختلاف بعض العادات اليومية لدى الأطفال مثل:
– أهمية السحور عند الأطفال والمراهقين الذين يصومون، حيث يعتبر أهم وجبة في شهر رمضان، لأنه يخفف من الشعور بالجوع والعطش في النهار، كما أنه يساعد على النشاط بسبب المحافظة على مستوى السكر في الدم بشكل كافٍ، ويفضل أن تكون هذه الوجبة ذات ملح خفيف، ‏غنية بالخضراوات والفواكه ومنتجات الألبان، كما يجب شرب الماء بكثرة، ‏وكذلك تناول كمية كافية من ‏الكربوهيدرات حتى يغطي الجسم حاجته من الطاقة خلال فترة النهار.
– جرت العادة في شهر رمضان على تحضير واستهلال كميات أكثر من المعتاد من الحلويات والسكريات، وفي الغالب تكون هذه الأطعمة غنية بالدهون المشبعة والضارة، ما يؤدي إلى انتفاخ في البطن، وإزعاج وشعور بعسر الهضم، أما على المدى الطويل فتسبب زيادة في الوزن، ‏ولذلك ينصح بتناول كميات قليلة واستبدالها بالفاكهة الطازجة، وخاصة للمراهقين.
– تغيير أوقات النوم، حيث إن الصغار في عمر السنة يحتاجون إلى 14:12 ساعة، أما الأطفال الأكبر سناً، فيحتاجوا إلى 10 ساعات باليوم، ومع السهر واختلاف المواعيد الأساسية للنوم، يترك ذلك تأثيراً سلبياً وخاصة مع تزامن شهر رمضان وأوقات الدراسة، ما يعرضهم لقلة الأداء والتركيز، لذلك يجب على الوالدين الانتباه وتنظيم الوقت بشكل جيد.

صحة الجلد

يشير الدكتور ماهر محمد صالح مختص الأمراض الجلدية، إلى أن مجيء شهر رمضان يتزامن هذا العام مع فصل الصيف، ودرجة حرارة عالية، ما يقلل السوائل في الجسم، ويعرض الجلد والبشرة لأضرار عديدة، ولذا يجب بذل مجهود أكبر للعناية به، والاستعداد بالوصايا الآتية:
– يجب بعد غسل الوجه أو استخدام الصابون، لتعويض البشرة بزيوت بديلة مثل كريمات ترطيب الوجه، وخاصة التي تحتوي على حامض الهياليورونيك، ليمنحها ترطيباً قوياً ويعمل على تنشيط الكولاجين.
– عند الخروج خلال ساعات النهار، وخاصة من الساعة 12 ظهراً إلى 4 عصراً، يجب وضع واقٍ للشمس بعامل حماية 50 على الأقل.
– الحرص على شرب الكثير من السوائل بعد الإفطار، بحيث لا تقل عن 8 أكواب، لأن نقصانها يؤدي إلى جفاف البشرة وعدم نضارتها، كما أن كوباً من الشاي الأخضر يساعد على تجديد حيويتها لأنه يحتوي على مضادات الأكسدة.
– التقليل من الأكلات الدسمة والحلويات لأنها تزيد من إفراز الدهون بالبشرة، وتساعد على ظهور حب الشباب، ومن الأفضل الإكثار من السلطة المكونة من الخس والجرجير والطماطم مع عصير الليمون والخل.
– تناول المكسرات كالكاجو أو اللوز، نظراً لاحتوائهما علي نسب عالية من الألياف والأحماض الدهنية، حيث إنه يساعد على ترميم بشرة الوجه، مع تجنب الإكثار منهما لأنهما يزيدان الإفرازات الدهنية بالبشرة، ما يزيد من فرصة ظهور حب الشباب.

العناية الفموية

يذكر د.مصطفى موسي مختص صحة الفم والأسنان، أن أهمية الحفاظ على نظافة الفم والأسنان، جزء من أسلوب الحياة الصحي والنمط اليومي، وينبغي ازدياد الحرص خلال شهر رمضان، وخاصة تنظيف الأسنان بعد وجبة السحور، إذ إن عدم القيام بحركات مضغ الطعام وتحريك الفكين خلال ساعات الصيام الطويلة، لا يحفز الغدد على إفراز اللعاب الذي يساعد على التخلص من بقايا الطعام، كما تتكاثر البكتيريا الفموية بسهولة كبيرة نتيجة إهمال تنظيف الأسنان باستخدام الفرشاة أو الخيط بشكل منتظم، لذا يترافق شهر رمضان مع قليل من التعقيدات والصعوبات.
يستكمل: يعــــــتبر تنظـــــيف الأســـنان مرتين في اليوم بعد وجبتي السـحور والإفطار من الخطوات الصحية المهمـــة التي تقلل من خطر الإصابة بالتهاب اللثة وتسوس الأسنان، ما يجعل رائحة الفم الكريهة الأثر الجانبي الوحيد الذي ينتج عن نـقــص الترطيب وعدم شرب المياه والسوائل خلال أيام الصوم، ومن أجل تفادي جفاف الجسم والوسط الفموي، ينبغي شرب الكثير من الماء خلال ساعات الإفطار، وتناول الفواكه والخضراوات وتجنب الأطعمة الحارة والمالحة التي تسبب الجفاف، ومن المهم أيضاً الإقلاع عن التدخين، إذ إن التبغ الذي يحتوي على مواد كيماوية يسبب الإدمان، كما يؤدي إلى الإصابة بأمراض اللثة ورائحة الفم الكريهة وغيرها من التأثيرات الضارة على الصحة العامة، ومن الممكن إجراء الفحوص الدورية والعلاجات واتباع المشورة الطبية خلال شهر رمضان حسب رغبة المريض وحالته.

الاهتمام بالعظام

توضح الدكتورة لوزيا سامباو أخصائية أمراض الروماتيزم، أن هناك بعض المضاعفات المحتملة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون آلام العظام والمفاصل أثناء الصيام في شهر رمضان المبارك، ولذلك يتعين على الصائم خلال وقت الإفطار اتباع نظام غذائي متوازن وغني بالفاكهة والأسماك والخضراوات، نظراً لفوائدها الكثيرة، ودورها في التخفيف من التهاب المفاصل، كما أظهرت بعض الدراسات بأن الصيام المتقطع عن الطعام يفيد في الحد من الالتهابات والتخفيف من آلام المفاصل وتصلبها، ونظراً لساعات الصيام الطويلة، فمن المستحسن أن يتضمن النظام الغذائي أطعمة بطيئة الهضم ولا سيما خلال وجبة السحور مثل القمح، والشوفان، والشعير، والفاصولياء السوداء، والبطاطا الحلوة، والخضراوات ذات الأوراق الخضراء، كما تسهم ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة في التخفيف من الشعور بالألم وتقوية العضلات لدعم ووقاية المفاصل، وخاصة مفاصل الركبة التي تتعرض لضغط شديد أثناء الصلاة خلال الشهر الكريم.

السكري والصيام

تؤكد الدكتورة ريم الحسن، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي والكبد، أن داء السكري يعتبر مـــرض العصر ومن أكثر الأمراض المزمنة، والمنتشرة على نطاق واسع على مســــتوى المنطقة والعالم، وهناك علاقة قوية ترتبط بصيام المريض المصاب بالسكري وما يترتب عليه، نظـــــراً لحاجة جسمه للموازنة بين احتياجاته ووقت تناول الطعام، وبالتالي، ينبغي على المريض اتبــــــاع مشورة الطبيب المعالج حول قــدرته على الصــــيام، ولا يجهـــــد نفســـــه ويعــــرضها للخطـــر، وربما يكـــون مريض الســــكري قادراً على الصيام دون حدوث مضــاعفات، بشرط أن يأخـــذ موافقـــة الطبيب بالنسبة لطبيعة حالته وأن يلتزم بتعليماته، وفي أحيان أخرى، ربما يشكل الصيام خطراً على المرضى خصـــوصاً الذين يعتمدون على حقن الإنســـولين أو الذين لديـــهم اعتلالات فــي الكلى أو عدم انتظـــــام سكر الدم، وحـــدوث نـوبات هبوط ســـكر الدم، أو ارتفاعـــه.

وجبات مثالية

توصى د.ريم بأن يعتمد مريض السكري أثناء شهر رمضان على تناول وجبتين رئيستين (الإفطار والسحور) وبينهما وجبتان صغيرتان، على أن يبدأ إفطاره بتناول ثلاث حبات من التمر وكأس من الماء وبعدها وجبة الإفطار المكونة من الشوربات أو الأطعمة الغنية بالبروتين والنشويات والابتعاد تماماً عن الدهون، المقالي، العصائر، والاستعاضة عنها بالخضار والفواكه، أما السحور فيجب أن يشتمل على أطعمة غنية بالبروتين مثل اللبن والبيض والبقوليات، والنشويات (خبز كامل) والموز وتجنب العصائر، الحلويات، المخللات.

نصائح وقائية

تشدد د.ريم على ضرورة مراجعه المريض للطبيب، في الأشهر الثلاثة السابقة قبل شهر رمضان، وخاصة إذا كان يعاني عدم انضباط في مستوى السكري، أو يتعرض لنوبات من هبوط أو ارتفاع السكر، أو إذا كان يعاني أمراضاً بالكلى، والقلب، واعتلالات شبكية العين، وفي هذه الحالة يتوقف صيام المريض على موافقة الطبيب من خلال إجراء بعض التعديلات على جرعات وأوقات الأدوية، ويجب تعديل الجرعات وتوزيعها لمريض السكري من النوع الأول المعتمد على حقن الإنسولين وفقاً لما يقرره الطبيب ليتناسب مع موعد الإفطار والسحور، مع مراعاة قياس السكر أثناء النهار حتى لا يحدث لديه هبوط مفاجئ، أو الإصابة بالحمض الكيتوني السكري الذي يظهر عندما يكون الجسم غير قادر على إنتاج ما يكفي من الإنسولين.
تضيف: أما مريض السكري من النوع الثاني، فهو يعتمد على تناول أدوية تعطى عن طريق الفم لخفض سكر الدم، ولذلك يفضل تغيير مواعيد الدواء لتناسب الإفطار والسحور، ويكون على دراية بأعراض هبوط السكر أو ارتفاعه، والأعراض المصاحبة له مثل التعرق، والغثيان، والرجفة، والتعب والعطش، ما يستدعي إجراء فحص منزلي من خلال جهاز قـــياس السكر في الدم، وينصح بالإفطار في حال الضرورة لذلك، وينبغي على مريض السكري المسموح لــــه بالصيام التخفيف من الجهد العضلي المبذول، والابتعاد عن ممارسة الرياضـــة قـــبل الإفطــــار لتجــنب حدوث نقص السوائل وهبوط السكر.

السوائل والعطش

تعد المياه من أهم السوائل التي يحتاج إليها الجسم؛ حيث إنها تمثل نسبة 60-70% من جسم الإنسان، ومع الصوم لفترات طويلة خلال شهر رمضان، يجب شرب ثمانية أكواب من الماء على الأقل لعدم التعرض للجفاف والمضاعفات الأخرى، كما أن هناك بعض المشروبات التي تساعد على الحد من العطش خلال ساعات الصوم، مثل: مشروب قمر الدين الغني بالفيتامينات المتعددة، العرقسوس الغني بالألياف، ومشروب الخروب الذي يحتوي على فيتامين(A)، الكركديه لخفض ارتفاع ضغط الدم، كما تعتبر العصائر الطبيعية الطازجة، مصدراً مهماً في الحفاظ على ترطيب الجسم، وخاصة عصير البطيخ الذي يحتوي على 91% من الماء.

شاهد أيضاً