«أوكرانياغيت» وتداعياتها

فيصل عابدون

حافظ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نهج تصادمي ثابت وحالة اشتباك دائم مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والشخصيات المعارضة والحليفة منذ تسلمه السلطة في البيت الأبيض في يناير /‏ كانون الأول 2017، لكنه وبعد الكشف عن مكالمته الهاتفية مع الرئيس الأوكراني، تبدلت استراتيجياته الهجومية بشكل مفاجئ، وأصبح مرتبكاً وأكثر تصالحية، وباتت ردوده على تداعيات القضية أقرب إلى تنبؤات المشعوذين، عوضاً عن الردود السابقة في قضايا التدخل الروسي في الانتخابات وتحقيقات المحقق روبرت مولر، والتي كانت تستند إلى الأرقام والوقائع والثقة.
وتتعلق القضية الأوكرانية بشكوى قدمها مخبر سري من المخابرات الأمريكية، قال فيها: إن لديه «مخاوف ملحة» من أن ترامب قد استخدم مكتبه «لطلب تدخل دولة أجنبية» في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأكد هذا المخبر أن ترامب حث الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي على التحقيق في الادعاءات ضد ابن منافسه الديمقراطي في الانتخابات المقبلة جو بايدن، في مقابل مساعدات عسكرية يطلبها الأوكرانيون. والاتهام المقدم هنا أن ترامب طلب مساعدة دولة أجنبية لمحاولة تشويه خصمه بايدن واستخدام المساعدات العسكرية لأوكرانيا كأداة للمساومة.
تلقف قادة الحزب الديمقراطي الفرصة السانحة بسرعة، وأطلقوا تحقيقاً في مجلس النواب في إطار إجراءات تؤدي في نهايتها إلى عزل الرئيس ترامب عن الرئاسة.
وبينما نشط الديمقراطيون في شد حبال الأنشوطة حول عنقه، كانت ردود الرئيس بطيئة ومتعثرة، وعكست ارتباكاً بائناً. فقد تحدث ترامب عن اضطهاد سياسي غير مسبوق يتعرض له، وسعى لإحياء نظريات المؤامرة، وطالب باعتقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب بتهمة الخيانة، كما حذر الأمريكيين من نشوب حرب أهلية طاحنة إذا عُزل عن الرئاسة. وأثارت نبوءة الحرب الأهلية الغريبة إدانات من نواب جمهوريين، بينهم آدم كينزينغر الذي قال: إنه أمر «يتخطى الاشمئزاز»، بينما طالب ريتشارد باينتر، المسؤول السابق في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش بإقالة ترامب من منصبه فوراً.
يملك قادة الحزب الديمقراطي رهانين ناجحين في هذه القضية. أن تعبر إجراءات العزل عتبة مجلس الشيوخ بأغلبيته الجمهورية، ومن ثم تتحقق لهم نهاية فضائحية مبكرة لخصمهم العنيد. وفي الحالة الثانية أن يدخل ترامب انتخابات عام 2020، ضعيفاً ومهزوزاً ومشوهاً بشكل لا يمكن معالجته، وتكون النتيجة الطبيعية أن يخسر السباق.
ويوضح أندرس إسلاند كبير الباحثين في «المجلس الأطلسي»، هذه المسألة أكثر بقوله: إنه على الرغم من فشل مساءلة (الرئيس الأسبق) بيل كلينتون، فقد قوضت سمعته إلى الأبد، وإن الفكرة الرئيسية من إجراءات العزل هي تقويض سمعة الحزب ومرشحه.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

شاهد أيضاً