“أب الانتحاريين اليابانيين”.. انتحر بطريقة غريبة

أواخر الحرب العالمية الثانية، أثارت هجمات الطائرات الانتحارية اليابانية القلق في نفوس الأميركيين على ساحة المحيط الهادئ. فأثناء تلك الفترة، كثف اليابانيون من هذه الهجمات تزامناً مع اقتراب هزيمتهم بالحرب. وعلى الرغم من إلحاقها لأضرار جسيمة بالجانب الأميركي الذي خسر الآلاف من جنوده بسبب هجمات الكاميكازي، استاء أغلب قادة البحرية اليابانية من هذه العمليات واعتبروها “إهدارا لأرواح خيرة الطيارين” بالبلاد. وحسب عدد من التقديرات، خسر نحو 3800 طيار ياباني حياتهم ضمن هذه الهجمات الانتحارية التي عجزت عن وقف التقدم الأميركي بالمحيط الهادئ.

ومع استسلام اليابان يوم 15 أغسطس 1945 عقب إلقاء القنابل الذرية على هيروشيما وناغازاكي وتدخل الاتحاد السوفيتي بمنشوريا، رفض منظّر العمليات الانتحارية اليابانية، والملقب بـ”أب الكاميكازي”، الأميرال تاكيجيرو أونيشي (Takijirō Ōnishi) هزيمة بلاده، فاتجه لوضع حد لحياته اعتمادا على طريقة “السيبوكو” (Seppuku)، المعروفة أيضا بـ”هارا كيري”، التي اعتمدها مقاتلو الساموراي قديما لتجنب عار الهزيمة.

نبذة سريعة عنه

إلى ذلك، ولد تاكيجيرو أونيشي يوم 2 يونيو 1891 بمدينة تامبا (Tamba) بمحافظة هيوغو (Hyōgo). وفي حدود عام 1912، أنهى دراسته بكلية البحرية الإمبراطورية اليابانية وحقق نتائج جيدة جعلته معروفا بالأوساط العسكرية.

وأثناء فترة الحرب العالمية الأولى التي قاتلت خلالها اليابان إلى جانب البريطانيين والفرنسيين، عمل تاكيجيرو أونيشي، الذي حمل رتبة ملازم، على متن العديد من السفن الحربية قبل أن ينتقل عام 1918 نحو كل من فرنسا وإنجلترا حيث تابع عن كثب تطور الطائرات الحربية وطرق استخدامها على ساحات القتال.

ومع عودته لوطنه، نال أونيشي العديد من الترقيات قبل أن يحصل في النهاية على رتبة أميرال. كما تنقل ما بين عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي بين العديد من القطع البحرية فعمل بداية من العام 1928 على متن حاملة الطائرات هوشو (Hōshō) وانتقل سنة 1932 نحو حاملة الطائرات كاغا (Kaga) قبل أن يصبح مسؤولا بسرب الطائرات الحادي عشر.

منظّر العمليات الانتحارية

تزامنا مع دخول اليابان الحرب العالمية الثانية، عمل أونيشي كمسؤول بوزارة التسليح اليابانية. ومنذ البداية، عارض عددا من الجزيئات التي جاءت بمخطط قصف قاعدة بيرل هاربر الأميركية بهاواي يوم 7 ديسمبر 1941. وأواخر العام 1944، أصبح أونيشي قائدا لأسطول الطائرات الأول الذي نشط أساسا بالفلبين. ومع استلام هذا الأميرال لمنصبه، واجهت اليابان العديد من المصاعب ضد الأميركيين على ساحة المحيط الهادئ حيث تلقت اليابان خلال السنوات الفارطة صفعة قاسية عقب معركة ميدواي (Midway).

إلى ذلك عارض أونيشي في البداية بشدة استخدام الطيارين للقيام بعمليات انتحارية. ومع خسارة اليابان لجزر الماريانا (Mariana Islands)، غيّر قائد أسطول الطائرات الأول رأيه ودعا لاعتماد الهجمات الانتحارية لتدمير حاملات الطائرات الأميركية. كما أيد تكوين فرق مختصة في العمليات الانتحارية وصناعة طائرات خصيصا لهؤلاء الانتحاريين تكون عبارة عن مقاتلات ميتسوبيشي زيرو (Mitsubishi A6M Zero) مزودة بشحنات متفجرات يبلغ وزنها 250 كلغ.

وقبل نهاية الحرب العالمية الثانية، دعا أونيشي لمواصلة القتال وأكد على ضرورة التضحية بعشرين مليون ياباني لـ”تحقيق نصر يخلّده التاريخ ضد الأميركيين”.

انتحار أونيشي

مع استسلام اليابان، فضّل أونيشي وضع حد لحياته اعتمادا على تقنية السيبوكو التي اعتمدها محاربو الساموراي القدامى.

وبناء على ذلك، كتب وصيّة اعتذر فيها عن آلاف الانتحاريين الذين فقدوا حياتهم بسببه ودعا اليابانيين للعمل من أجل بناء وطنهم والحفاظ على السلم. ويوم 16 أغسطس 1945، عمد لبقر بطنه وتقطيع أحشائه باستخدام السيف ليفارق الحياة بشكل بطيء وفي ظروف صعبة وهو في الرابعة والخمسين من العمر.

المصدر

شاهد أيضاً