حتى لا يحدث هذا الخلل

شيماء المرزوقي

في العادة عندما نسمع كلمة «تسويق» يتوجه الذهن نحو البيع والشراء، ونحو مهارة بيع سلعة ما، ويقال: إن «التسويق» فن البيع، ونحن نعلم أنه المجال الذي يتم تعليم دارسيه بأنه عمليات وأنشطة؛ تهدف إلى استطلاع وفهم ومعرفة رغبات الناس، تجاه سلعة تجارية ما، وأنه أيضاً المجال المسؤول عن تطوير المنتجات؛ لتصل إلى رغبات المشترين، وأن من أهم أهداف «التسويق» زيادة الأرباح.
هذا هو «التسويق» وفق المفهوم الشائع والمتداول، ويمكن أن تضع عشرات التعاريف له؛ لكنها في مجملها تدور حول هذا الفهم والمعنى، إلا أن هذه الكلمة تحمل بعداً ومعنى آخر، معنى يتقاطع مع كل واحد منا ويمسه؛ وهو التسويق لأنفسنا، والتسويق هنا بمعنى التعريف، وتقديم نفسك بشكل صحيح ومثالي وموضوعي، وهذه مهارة يفتقد إليها الكثير، خاصة من أبنائنا وفتياتنا الذين يتوجهون نحو المستقبل والسباق في مضمار التفوق والإبداع؛ حيث إن بعضهم قد يملك مهارات حياتية ووظيفية، ويستند
إلى خبرات إدارية ومعرفية كبيرة، ويمتلك تحصيلاً علمياً ودراسياً متفوقاً؛ لكنه لا يحسن تقديم منجزاته، ولا الحديث عنها خلال مقابلات العمل أو عند الالتقاء بالمسؤولين.
مهارة الحديث بعفوية، وعدم خوف؛ تحتاج إلى تدريب وتعود؛ لذا كأمهات وآباء يجب عدم الركون للمدرسة، وتوقع أنها ستقوم بمنح فتياتنا وأبنائنا ما يحتاجون إليه من أدوات ومعلومات في هذا المضمار؛ بل يجب أن نكون من المبادرين، ونقدم لأطفالنا ما يفيدهم في مسيرتهم الحياتية بصفة عامة؛ لذا علينا أن نتوقع التحديات التي تواجههم والتي قد تكسر منجزاتهم التي سهروا الليالي الطوال؛ من أجل تحقيقها، مثل التفوق الدراسي، وتمضية أيام عدة من العطل الصيفية في تدريب وعمل؛ من أجل اكتساب المهارات والخبرات؛ استعداداً لسوق العمل الذي في العادة تكون المنافسة فيه شديدة وقاسية، ثم يحدث عدم القبول وعدم التوفيق؛ بسبب بسيط وواهن ومتواضع؛ مثل عدم امتلاك مهارة تقديم النفس، وعدم مهارة من أين يبدأ وكيف ينتهي، ببساطة يفتقد الأبناء مهارة التسويق الذاتي لمنجزاتهم، والتعريف بقدراتهم. وهذه معضلة جسيمة، ولا يجب الركون للزمن ليعالجها؛ لأن التأجيل في هذا الموضوع تحديداً يعني أن يخسر الابن أشهراً عدة، وقد تصل لسنوات من عمره.
إشارة بسيطة يمكن من خلالها أن تكشف بشكل واضح عدم معرفة الابن للتسويق لمنجزاته، وعدم معرفته كيف يقدم نفسه، وهي تتمثل في السيرة الذاتية التي يحملها كورقة؛ لكنه في الحقيقة لا يعرف كيف يتحدث عما فيها.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

شاهد أيضاً