“المندوس” انطلاقة محمد صالح النعيمي الإبداعية لتصميم وبناء القرى التراثية

حوار – عبدالرحمن نقي : الشاب الإماراتي الطموح ورائد الأعمال محمد صالح محمد صالح النعيمي بالإضافة الى ما يملكه من كنز من الوثائق التاريخية الإماراتية القديمة يملك أيضاً كنز من الأفكار الفنية الجميلة في صنع التصاميم التراثية التقليدية ما تعكس التراث القديم بأدق تفاصيله وجمالياته المشوقة التي تبحر مع متأملها الى بحر الذكريات العالقة في ذاكرة مراحل الطفولة والصبا والشباب … مستكملاً هوايته القديمة أيام الدراسة حين كان يصمم لأصدقائه ملصقات السيارات” استيكرات ”  بأيام المناسبات وخاصة الأعياد وفوز الأندية وغيرها .. أأاأ ويمتلك المصمم التراثي محمد صالح النعيمي مقتنياته القديمة منذ كان عمره 11 عاما الى اليوم بالاضافة الى كنز من الوثائق التاريخية القديمة لوالده وجده محمد صالح النعيمي تعود لربع قرن والتي توثق علاقتهم القديمة بالقيادة والتجارة.

مندوس الانطلاقة

رائد الأعمال النعيمي من مواليد السابع من سبتمبر عام 71 وبدأ هوايته الجميلة هذه عام 99 وانطلق به نحو الميدان والمشاركات الداخلية والخارجية عبر ” المندوس” الصندوق الخليجي للهدايا والذي يمثل أرقى الهدايا الخليجية القديمة للتجار ونحوهم حين يقدم هدية للآخرين ، ولكن محمد صالح سرح بأفكاره الجميلة ليزيد من جماليات المظهر الخارجي للمندوس قبل أن يتفاجأ مستلمه بما يحمله من هدايا وعطايا تظل راسخة في ذكرياته وتاريخه.

فبدأ بافتتاح ورشة نجارة صغيرة لعمل المندوس والتفنن في الحفر عليه وزيادة جمالياته بإضافة أشكال حلوة مطورا تصميم المناديس كما يقول والإرتقاء بها لتحمل صفة من المسامير المطلية بالذهب أو النحاس بحسب طلب المقتنين ، وإدخال الذهب زاد من بريق المندوس وشده للجمهور ما زاد الطلب عليه واختلاف أحجامه واشكاله وخاصة لمن يطلب المندوس لإهداءه للعرسان الجدد مستذكرا الماضي الخليجي في ذلك ، ما شجع الناس على اقتنائه وزيادة الطلب عليه وانتعاش تجارته المخصصة في عالم المناديس وخاصة لزهبات العروس ” هدايا العروس ” كما تمثل قطعة ديكور تراثي خليجي راق لمداخل القصور والفلل والفنادق والدوائر الحكومية والمؤسسات .

مندوس الذهب

ويذكر هنا رائد الأعمال النعيمي قصة سيدة لم تبدو عليها علامات الغنى لتتقدم لتطلب مندوس لزهبة ابنائها العرسان ولتصر أن يكون المندوس مرصع بالمسامير المطلية بالذهب الأصلي وتفاجأه بدفع المبلغ كاملا قبل الاستلام حرصا منها على ان يكون جاهزا قبل حفلة الزفاف وشاكرة عرضه لتقسيط المبلغ لوقت الاستلام ..

وأسمى النعيمي ورشته بداية بأصايل ثم غيره الى ” زمن الطيبين للديكور التراثي ” واختار لها مكان مجاور لمتحف راس الخيمة الوطني ” حصن القواسم “.

ويقول النعيمي : زهوت كثيرا بانجازي حينما أبحرت مناديسي لسفارات الدولة بالخارج ولقصور الأعيان بالدولة ، ويستذكر هنا التشجيع الأكبر على حرفته وصناعته من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي كرمه في ختام أيام الشارقة التراثية وكذلك تشجيع مؤسسة الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم لدعم مشاريع الشباب ودائرة التنمية الاقتصادية براس الخيمة برئاسة الشيخ محمد بن كايد القاسمي وقبل كل شيء دعم أسرته والأصدقاء .

المقهى التراثي

لتتولد لدى رائد الأعمال النعيمي في ـ سفر الإبداع ـ فكرة تأسيس مقهى تراثي تقليدي بالديكورات التراثية الخليجية اسمها ” أصايل كافيه ” على كورنيش راس الخيمة يكون جاذبا للجمهور ومنطقة استعادة للذكريات الجميلة وخاصة التي ارتبط بها جيله من الشباب بشخصيات المسلسلات الإماراتية والخليجية العالقة بالأذهان وخاصة مسلسلي ” اشحفان ” الاماراتي ومسلسل ” درب الزلق” الكويتي ما جعله تردد على الكويت أكثر من خمسة عشر مرة مستجمعاً الأفكار التراثية من سوق المباركية  ليتحول المطعم بافتتاحه عام 2004 الى متحف خليجي مصغر يضم اكثر من خمسمائة قطعة تراثية وتقليدية بالاضافة الى مقتنيات مثل الدراجة النارية وغيرها وصور مشاهد المسلسلات الخليجية والعبارات والأمثلة المستخدمة فيها داعما إياه بالوجبات والأكلات الخليجية القديمة… وليكون مطعمه أول محل ومطعم يفتتح على كورنيش راس الخيمة على شاطئ الخليج العربي براس الخيمة في مغامرة استثمارية محدودة بعد ان تفرغ لها بعد تجربة العمل الحكومي في اتصالات ابوظبي وغرفة تجارة راس الخيمة .

منصات الأفراح

لم يشغل المطعم رائد الأعمال النعيمي عن ابداعاته ليواصل في منجرته التي نقلها قرب مطعمه على الخليج العربي مستحدثاً تصميم الكثير من الديكورات والمجسمات التراثية ذات الحجم الكبير والطبيعي تقريبا للدكاكين والأسواق وأقسام البيت الخليجي من ” الليوان ” الصالة والغرف وغيرها بطريقة الفك والتركيب ونقلها من مكان لآخر ..  وبناء المجسمات التراثية الصغيرة التي ازداد عليها الطلب من المدارس والكليات والجامعات والمنازل والمهرجانات العامة .. ما أضافت للنعيمي المندفع بقوة نحو التصميم التراثي بتصميم نماذج أكبر حجماُ حيث تنوعت طلبات الجمهور والمعجبين لتصل الى طلب منصات الأفراح ” الكوش التراثية ” لتكون تحدياً امامه كيف يحقق رغبات العرسان الجدد وحرصهم على التباهي بليالي الفرح سواء ليالي الخطوبة او الحناء او الزفاف بتصاميم مغايرة ومميزة والأهم من ذلك ان تكون ” غاوية ” باللهجة الخليجية أي جميلة جداً .

المشاركة الأولى

ويستذكر هنا المصمم التراثي النعيمي أن أول مشاركة له قبلها كانت في مهرجان متحف بيت الشيخ سعيد القاسمي في كلباء عام 2009 بدعوة من الأخت عائشة الزعابي من إدارة المتاحف التي تعرفت على ابداعاته من خلال منصته في ” انستغرام ” ولينطلق بعدها نحو المشاركة في المهرجانات التراثية الكبرى بالدولة وفي مقدمتها مهرجان أيام الشارقة التراثية وسط تحد المنافسة الكبرى لأجنحة مشاركة من داخل الدولة وخارجها وليكون النعيمي قدر التحدي الذي فرضه على نفسه ويفوز وباقتدار بأفضل تصميم تراثي لجناحه بالمهرجان ويلقى تكريم الحاكم ولقاءه المتوج به.

دروع تذكارية

وواصل المصمم النعيمي ابداعاته في تقديم الموروث الخليجي في شتى الجوانب ومنها ” الدروع والهدايا التذكارية ” معتمدا على مهاراته في الحفر والتصميم الخشبي في تقديم نماذج تعكس التراث والتاريخ والعادات والتقاليد الإماراتية أصبحت أكثر اقبالا من غيرها من الدروع الزجاجية التي تتكسر غالباً في النقل والسفر وكذلك بعض انواع البلاستك الخفيفة ما زاد الإقبال على طلب الدروع التذكارية التراثية الجميلة… وتكون على عدة اشكال ونماذج إما البارجيل او ” الدريشة ” شباك منزلي أو على شكل باب مطعم النماذج بالزخارف الخليجية القديمة .

التحدي الأول

ومع مواصلة الإبداع تتسع أفق العمل لتصله طلبات انجاز متاحف مصغرة شاملة المقتنيات للمدارس والجامعات والمؤسسات والمنازل احتفاءاً بالأيام والأعياد الوطنية مثل حفلات النصف من شعبان ” حق الليلة ” او خلفيات وجدران تراثية وأجنحة تراثية ودكاكين المسلسلات التراثية .

وفي عام 2018 يدخل المصمم التراثي النعيمي تحد أكبر لانجاز ليس دكان او جناح بمدرسة انما الإختبار الأكبر القادم كان من غرفة تجارة راس الخيمة لإنجاز قرية إماراتية تراثية شاملة لمهرجان ” بر وبحر ” احتفالا باليوم الوطني عام 2018 متضمنة اربع قرى فرعية هي : القرى الزراعية والبحرية والبدوية والجبلية ، وبتوفيق من الله تمكن المكافح التراثي في انجاز القرية مثبتا جدارته مع تأخر الطلب لكنه وافق وقبل التحدي على الإنجاز وبالروح التراثية المطلوبة للقرى في مدة أقل من التي حددها عقد المقاولة ما اعتبره النعيمي التكريم الأكبر الذاتي لنفسه واستمرت القرية للجمهور يتردد عليها على كورنيش جزيرة المرجان براس الخيمة وليجد التكريم على الإنجاز من سعادة محمد علي مصبح النعيمي رئيس مجلس إدارة الغرفة .

قرية منزلية

ودخل المصمم النعيمي تجربة جديدة بمبادرة منه ببناء قرية تراثية كاملة تضم كافة بيئات الامارات في حوش منزله افتتحها بمناسبة ليلة النصف من شعبان التراثية ” حق الليلة ” وشهدت اقبالا منقطع النظير من الشخصيات والمسؤولين وأعضاء بالمجلس الوطني الاتحادي وطلبة الجامعات والمدارس وعدد كبير من مدراء عامي المتاحف بالدولة الذين أشادوا بالمنجز بالرغم ان الإنجاز كان مع بداية كرونا كوفيد 19 وقام بانجازها رائد الأعمال محمد صالح بنفسه مع عامل واحد معه فقط … لتستمر الزيارة على قريته المنزلية سنتين متتاليتين .

” أنامل وطنية “

ليتوالى الطلب عليه عام 2022 لانجاز مشروعين تراثيين كان الأول لبناء سوق تراثي اطلق عليه اسم ” أنامل وطنية ” بمناسبة اليوم الوطني ، ويقول : أحببت الإسم لأنه كان يتحدث عني وأناملي التي عشقت بها تراث وطني تراث ابائي واجدادي مستلهما روح ابونا الكبير الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان الذي قال: من ليس له ماض ليس له حاضر ولا مستقبل … ويواصل النعيمي بناء السوق التراثي ليضم ستون دكاناً تراثياً بنظام الفك والتركيب الخشبي والذي استمر شهرا كاملاً كذلك .

قرية كلاسيكية

ويستذكر انجازه القرية التراثية المصغرة عام 2021 مواكبة لملتقى السيارات والدراجات الكلاسيكية القديمة والذي نظمته دائرة الاثار والمتاحف امام متحف راس الخيمة الوطني بمناسبة اليوم الوطني بالتعاون مع منظمة الإمارات للسيارات والدراجات النارية بإشراف عضوها إبراهيم عبدالله بن شكر.

قرية الأيام التراثية

فيما كان المشروع الثاني ” قرية مهرجان أيام راس الخيمة التراثية ” بجانب متحف راس الخيمة الوطني متضمنا اسواقاً ودكاكين ومسرحاً وقرى فرعية ودكاكين وساحات لعب وغيرها في دورته الأولى عام 2022 والذي يقول عنه: تشرفت فيه برعاية وتفقد سمو الشيخة هناء بنت جمعة الماجد حرم صاحب السمو حاكم رس الخيمة واشادتها بالقرية التي اضعها وسام وطني على صدري… وكذلك شهادة سعادة عبد العزيز المسلم مدير عام معهد الشارقة للتراث المتخصص في عالم التراث ، وانجز منذ شهر قرية ” لمسات وطنية ” لدائرة التنمية الاقتصادية براس الخيمة والتي 60 محلا تجاريا على كورنيش القواسم براس الخيمة.

القرية الحلم

ويحلم المصمم محمد صالح النعيمي ان يحصل على أرض واسعة لينجز فيها قرية تراثية إماراتية متكاملة تضم أسواقا فرعية متخصصة وحياً ” فريجاً ” شعبياً بسكانه يعود بقاطنيه للتاريخ القديم … وتضم مقاه شعبية تؤجر استثمارا للمواطنين ، لتعود بهم القرية لزمن الطيبين وليكون ملاذاً ومستقطبا للسواح من المواطنين وضيوف الدولة تلبي شغفهم وتتحدث عن عادتنا وتقاليدنا الأصيلة مزودة بنماذج محاكاة حقيقية لماضي الآباء والأجداد وتوفر مساحة مستدامة للاحتفالات التراثية والوطنية والعامة.

شاهد أيضاً