لماذا قصفت اليابان بيرل هاربور؟

جاكوب هورنبرجر *

يجمع المؤرخون على أن دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية كان نتيجة خدعة أعدها الرئيس تيودور روزفلت – رغم أن السياسة الأمريكية الرسمية آنذاك كانت تقضي بعدم التورط في حروب القوى الأوروبية.

جميعنا نعرف أن هجوم اليابان على القاعدة البحرية – الجوية الأمريكية في بيرل هاربور بجزر هاواي ( في 7 ديسمبر/كانون الأول 1941 ) كان سبب دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء. ولكن كم من الناس يطرحون اليوم السؤال المهم: لماذا قصفت اليابان بيرل هاربور في المقام الأول؟.

بطبيعة الحال، كان المسؤولون اليابانيون يدركون أن قصف بيرل هاربور سيعني حرباً مع الولايات المتحدة – الدولة التي لعبت دوراً رئيسياً في انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. والولايات المتحدة كانت أيضاً بلداً لديه قدرات صناعية لا تملكها أي دولة أخرى في العالم. والقادة اليابانيون كانوا يعرفون أن المراكز الصناعية الأمريكية يمكن تحويلها إلى الإنتاج الحربي. وهم كانوا يدركون أيضاً أن قواتهم العسكرية لم تكن قادرة على قصف تلك المراكز الصناعية.

علاوة على كل ذلك، الهجوم على بيرل هاربور لم يكن بأي حال تمهيداً لغزو ياباني لأراضي الولايات المتحدة. ففي أعقاب تدمير بيرل هاربور مباشرة، عادت القاذفات اليابانية والطائرات الحربية المرافقة إلى حاملات طائراتها. ولم تكن هناك إطلاقاً أدنى إمكانية لأن تغزو اليابان الساحل الغربي للولايات المتحدة.

ويجب ألا ننسى أيضاً أن اليابان كانت آنذاك متورطة في حرب خارجية في الصين. فلماذا ستهاجم اليابان الولايات المتحدة طالما أن ذلك سوف يفرض على القوات اليابانية أن تحارب على جبهتين – واحدة في الصين وثانية ضد الولايات المتحدة؟.

ولماذا هاجمت اليابان الولايات المتحدة وهي تعلم تماماً أن ذلك سيعني حرباً ضد أقوى دولة في العالم؟.

في الظاهر، ما كان يمكن أن يكون للهجوم الياباني على بيرل هاربور أي معنى.

ولنتذكر أن الولايات المتحدة كانت منذ نشأتها تتبنى عقيدة عسكرية تقضي بعدم تدخلها في النزاعات الأوروبية. ومع ذلك، طلب الرئيس وودرو ويلسون (خلال سنوات 1913 -1921) من الكونجرس الأمريكي موافقته على إعلان الحرب على ألمانيا، وكان له ما أراد. وحسب ويلسون، كان هدفه أن تكون تلك الحرب آخر حرب، بحيث يصبح العالم «آمناً للديمقراطية».

غير أن التدخل الأمريكي وانتصار الحلفاء مهداً الظروف لصعود أدولف هتلر إلى السلطة في ألمانيا. وفي ذلك الوقت، كانت أغلبية كاسحة من الشعب الأمريكي تعارض تورط بلدهم في الحرب العالمية الثانية.

ومع ذلك، كان الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلين روزفلت مصمماً على دفع الولايات المتحدة إلى دخول الحرب إلى جانب الحلفاء. ولكن في ذلك الوقت، كان الدستور الأمريكي يحظر على الرئيس شن حرب على دولة أجنبية من دون أن يحصل أولاً على إعلان حرب يصدره الكونجرس.

غير أن روزفلت كان يدرك أنه إذا استطاع دفع ألمانيا إلى مهاجمة الولايات المتحدة، فعندئذ سوف يحصل على موافقة الكونجرس والشعب الأمريكي على دخول الحرب. وهكذا سعى روزفلت إلى استفزاز ألمانيا لكي تهاجم الولايات المتحدة، إلا أن ألمانيا هتلر لم تسقط في الفخ.

عندئذ وجه روزفلت أنظاره نحو اليابان – علماً بأن اليابان كانت قد أبلغت الولايات المتحدة باستعدادها لتسوية الخلافات بين البلدين سلمياً. وقد وضع روزفلت خطة لإذلال اليابان تضمنت خصوصاً فرض حظر بترول عالمي عليها – بهدف شل قوات الجيش الياباني التي كانت تحتل الصين آنذاك.

ولهذا السبب هاجمت اليابان بيرل هاربور. وقد كان هدفها شل أسطول المحيط الهادي الأمريكي بحيث يصبح الجيش الأمريكي غير قادر على التدخل لوقف التوسع العسكري الياباني عبر آسيا.

في تلك الأثناء، كان الداهية روزفلت يطلع باستمرار على الخطط العسكرية اليابانية، لأن الاستخبارات الأمريكية تمكنت من فك شيفرة الاتصالات الدبلوماسية اليابانية وقراءتها. وتضمنت خطته لاستدراج اليابان إلى مهاجمة الجيش الأمريكي، سحب حاملات الطائرات الأمريكية من بيرل هاربور لإنقاذها، ولكنه ترك هناك آلافاً من الجنود الأمريكيين بحيث شكلوا طُعماً لليابان.

وقد نجحت خطة روزفلت، وابتلعت اليابان الطُعم، فهاجمت بيرل هاربور. وسارع روزفلت إلى إعلان الحرب على اليابان.

*كاتب وسياسي أمريكي أسّس ويترأس موقع الإنترنت «مؤسسة مستقبل الحرية»

شاهد أيضاً