كيف يقضي المنصوري أيامه في محطة الفضاء الدولية؟

بعد وصول هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، يوم الخميس الماضي، يشارك مع فريق رواد الفضاء الآخرين خلال فترة إقامتهم في المحطة بسلسلة من الأبحاث العلمية في الفضاء، و16 تجربة، منها 6 تجارب على متن المحطة.

وتتضمن مهام المنصوري، دراسة تفاعل المؤشرات الحيوية لجسم الإنسان داخل المحطة مقارنة بالأرض قبل وبعد الرحلة، فضلًا عن مقارنة تلك البيانات بنتائج أبحاث أجريت على رواد فضاء من مختلف مناطق العالم، ودراسة مؤشرات حالة العظام، والاضطرابات في النشاط الحركي، والتصور وإدراك الوقت عند رائد الفضاء، وديناميكيات السوائل في الفضاء، وأثر العيش في الفضاء على البشر، فضلًا عن إجراء أبحاث علمية عميقة أخرى في مختلف التخصصات العلمية الفضائية والفيزيائية والبيولوجية وعلوم الأرض في مختبرات محطة الفضاء الدولية خلال فترة إقامته في الفضاء.

وسيُجري المنصوري جولة تعريفية مُصوَّرة باللغة العربية للمحطة، لتعريف العرب بأجزائها ومعداتها، وتصوير كوكب الأرض والتفاعل مع المحطات الأرضية ونقل المعلومات والتجارب، وتوثيق التفاصيل اليومية لرواد الفضاء على متن المحطة.

وفي إحدى لياليه في المحطة سيقدم المنصوري لزملائه أطعمة شعبية محلية في ليلة الطعام الإماراتي التقليدي، مرتديًا الزي الإماراتي التقليدي، لتشمل المائدة 3 أطعمة إماراتية؛ هي المضروبة والصالونة والبلاليط.

تفاصيل يومية

أما تفاصيل حياته اليومية على متن المحطة، فتتضمن ظهوره في بث مباشر 5 مرات خلال الرحلة التي تستمر 8 أيام، ليُفرّغ وقتًا خاصًا بالصلاة وقراءة القرآن الكريم، وقراءة مقتطفات من كتاب "قصتي" لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

وسيخصص المنصوري ساعتين ونصف يوميًا لممارسة الرياضة، للحفاظ على صحته ومرونة حركته في أجواء انعدام الجاذبية.

اليوم الأول

عقب وصول المنصوري بسلام إلى المحطة، أشار مركز محمد بن راشد للفضاء إلى أن برنامج اليوم الأول كان قصيرًا بسبب وصول المركبة الفضائية إلى المحطة في وقت متأخر نسبيًا، وبدأ يومه بأخذ قسط من الراحة ثم أداء الصلاة، ليتواصل بعدها مع المحطة الأرضية في العاصمة الروسية موسكو، ويتحدث مع فريق الرحلة الأرضي، وتحدث أيضًا مع الدكتورة حنان السويدي، طبيبة رواد الفضاء المُتابِعة لحالته الصحية خلال فترة وجوده في الفضاء.

وذكر مركز محمد بن راشد للفضاء إن برنامج اليوم الأول تضمن كذلك، تسجيل المنصوري لفيلم قصير، ودوَّن يومياته.

وأجرى المنصوري أيضًا، ثلاث تجارب حملها معه من مدارس دولة الإمارات في بيئة الجاذبية الصغرى، في إطار مبادرة «العلوم في الفضاء» التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء بالتعاون مع شركة نانو راكس، بمشاركة 16 مدرسة من الإمارات. وستُرسل نتائج تلك التجارب إلى الأرض لمقارنتها بمثيلاتها التي أجريت في مختبرات المدارس، ورفد المناهج الإماراتية بمواد علمية جديدة. وتتضمن تلك التجارب دراسة تأثير الجاذبية الصغرى على زراعة البذور ونمو كائنات مائية ومتابعة معدلات تأكسد الفولاذ.

اليوم الثاني

وفي اليوم الثاني؛ الجمعة الماضي، أجرى المنصوري أيضًا، اتصالًا مع محطة موسكو، واتصالات أخرى مع دبي وهيوستن، وأبلغهم بتفاصيل جدوله اليومي.

وتلقى المنصوري كذلك اتصالًا من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال زيارته لمقر مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، الذي هنأه بالوصول إلى المحطة.

وسجل المنصوري فيلمًا مدته ساعة وثَّق فيه تفاصيل حياته اليومية على متن المحطة، ودون يومياته لمدة ربع ساعة، وأجرى لقاءان مباشران مع الطلاب في مركز محمد بن راشد للفضاء، ورد على أسئلة المتصلين. وأجرى كذلك جلسة مع طبيبته؛ حنان السويدي.

وشملت تجارب اليوم الثاني دراسة ديناميكيات السوائل في الفضاء، فضلًا عن إجراء ثلاث من تجارب مدارس الإمارات.

اليوم الثالث

وبدأ المنصوري يومه الثالث على متن المحطة؛ يوم السبت الماضي، بالاتصال مع المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، وتحدث مع الفريق الأرضي لاطلاعهم على برنامجه اليومي، وأجرى في ختام يومه اتصالًا آخر.

وتلقى المنصوري اتصالًا مباشرًا من خلال موجات الراديو من عدد من طلبة مدارس الإمارات والمهتمين من مركز محمد بن راشد للفضاء، وأجاب على أسئلتهم واستفساراتهم، التي تمحور معظمها عن برنامجه اليومي وطبيعة طعامه ونومه وكيف يقضي أوقات فراغه؟

وقال المنصوري في معرض إجابته على الاستفسارات، إن «يومي يبدأ في الساعة السادسة بتوقيت جرينتش، ليصلنا جدول يومي من المحطات الأرضية، ثم تكون هناك فرصة لبدء أنشطتنا الشخصية؛ نغسل أجسامنا وغيرها من الأمور الشخصية. كل شخص على متن المحطة لديه جدول مختلف، وقد يتعاون أكثر من شخص أحيانًا لأداء مهمة واحدة. أصور كل شيء على متن المحطة، وسيتم رفع هذه الفيديوهات على موقع يوتيوب وقنوات تواصل أخرى.»

وأضاف إن «طعام رواد الفضاء محدد بسعرات حرارية معينة في الصباح والغداء والعشاء، وهي محسوبة من المحطات الأرضية، وبناءً على ذلك يتم إرسال الطعام إلى المحطة الفضائية كل أسبوعين، وهناك احتياطي من الطعام في حال تعذر وصول الطعام من الأرض.. وبعض رواد فضاء في المحطة يحبون النوم وأجسادهم مربوطة بالمحطة، وآخرون يحبون النوم وهم يطفون، وأنا أحب النوم وأنا أطفو.»

وعن الحالات الطبية الطارئة؛ قال المنصوري إن «المحطة تحتوي أدوية لجميع الأمراض، وفي حال الإصابة، نتصل مع طبيب موجود على مدار الساعة في المحطة الأرضية، لنبلغه بالأعراض ويصف لنا الدواء المناسب. حاليًا المحطة نظيفة من الأمراض الحمد لله.»

وأشار المنصوري إلى أنه يقضي أوقات فراغه بالاستمتاع بالنظر إلى كوكب الأرض، منتظرًا مرور محطة الفضاء الدولية فوق دولة الإمارات، ليلتقط صورًا عديدة يشاركها مع المحطة الأرضية.

وتضمن برنامج اليوم الثالث أيضًا، حديثًا مع طبيبته، وتابع العمل على تجارب ديناميكيات السوائل في الفضاء، بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية، وأجرى كذلك ثلاثة من تجارب مدارس الإمارات. ووثق المنصوري تفاصيل يومه بتدوين يومياته لمدة 15 دقيقة.

واتجهت الأنظار، مساء الأربعاء الماضي، إلى محطة بايكونور الروسية في كازاخستان، لمتابعة إطلاق مركبة الفضاء سويوز أم إس 15، التي حملت على متنها المنصوري، إلى جانب الأمريكية جيسيكا مير، وقائد الرحلة الروسي أوليج سكريبوتشكا. والتحمت سويوز بنجاح بالمحطة الدولية، وفُتح الباب معلنًا دخول أول عربي للمحطة. عقب رحلة استغرقت نحو 6 ساعات، ليكون بذلك أول عربي يدخل المحطة، ويجري منها اتصالًا بالأرض؛ مع مركز محمد بن راشد للفضاء.

عن المنصوري

ويبلغ المنصوري من العمر 35 عامًا. حاصل على بكالوريوس في علوم الطيران تخصص طيار عسكري من كلية خليفة بن زايد الجوية. يمتلك خبرة تمتد لأربعة عشر عامًا في الطيران الحربي، وخضع لمجموعة برامج تدريبية في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها؛ منها دورات تخصصية متقدمة في النجاة من الغرق وتدريب على الدوران وقوة التسارع تصل إلى 9 جي وعلى مناورات العلم الأحمر في الولايات المتحدة. تأهل عام 2016 ليكون طيار استعراض جوي منفرد، ويشغل حاليًا منصب طيار إف سي إف على طائرة إف16 بي60.

ووقع الاختيار على المنصوري، من بين أكثر من 4 آلاف شاب وشابة بعد خضوعه لسلسة مكثفة من الاختبارات. إذ اختار برنامج الإمارات لرواد الفضاء مطلع يونيو/حزيران الماضي، 95 مرشحًا إماراتيًا ممن تتراوح أعمارهم ما بين 23 و48 عامًا لتدريبهم، وتضمنت الاختبارات النواحي الطبية والنفسية ومجموعة من المقابلات الشخصية بالتعاون مع وكالة الإدارة الأمريكية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) ووكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس.)

محطة الفضاء الدولية

ومحطة الفضاء الدولية هي إحدى أبرز إنجازات البشرية، وهي بمثابة قمر اصطناعي كبير صالح لحياة البشر، وجرت فيها المئات من التجارب العلمية والأبحاث التي مكنت العلماء ورواد الفضاء من الوصول إلى اكتشافات مذهلة لم يكن الوصول إليها ممكنًا على سطح الكوكب. وتعد مختبرًا للأبحاث والتجارب في الفضاء، وتستخدم لاختبار أنظمة وعمليات استكشاف الفضاء في المستقبل، وتعمل على تحسين نوعية الحياة على الأرض عن طريق زيادة المعرفة العلمية من خلال الأبحاث التي أجريت خارج الأرض.

وتُعرَف المحطة اختصارا بـ (آي إس إس) وبُنيت في العام 1998 بموجب تعاون دولي بقيادة الولايات المتحدة وروسيا وتمويل من كندا واليابان و10 دول أوروبية. وتدور المحطة في مدار أرضي منخفض ثابت بسرعة تتجاوز 5 كيلومترات في الثانية، وتستغرق 90 دقيقة لاستكمال دورة كاملة حول الأرض، وتضم على متنها طاقمًا دوليًا يتألف من 6 رواد فضاء يقضون 35 ساعة أسبوعيًا في إجراء أبحاث علمية عميقة في مختلف التخصصات العلمية.

وبدأت المحطة باستقبال أطقم رواد الفضاء منذ مطلع القرن الحالي، وتمتد الألواح الشمسية التي تزود المحطة بالطاقة على مساحة واسعة تزيد على نصف مساحة ملعب كرة قدم، ما جعلها ثاني أكثر جسم لامع في الفضاء بعد القمر. ووصل عدد رواد الفضاء الذين زاروا المحطة إلى 239 زائرًا من 19 دولة من مختلف أنحاء العالم.

The post كيف يقضي المنصوري أيامه في محطة الفضاء الدولية؟ appeared first on مرصد المستقبل.

Original Article

شاهد أيضاً