«كورونا» ليس «تشيرنوبيل» الصين

لان شونزينج *

ليس فيروس «كورونا» الجديد، «تشيرنوبيل الصين»، وينبغي على المجتمع الدولي العمل معاً لاحتواء الوباء في أسرع وقت ممكن، لتعزيز الأمن والاستقرار العالميين.

في الوقت الذي تحاول فيه الصين احتواء وباء «كورونا» الجديد، كشفت بعض وسائل الإعلام الغربية تحيزها المناوئ للصين بادعاء أن الوضع هو «تشيرنوبيل الصين».

تظل الكارثة النووية في تشيرنوبيل، أوكرانيا في ظل وجود الاتحاد السوفييتي عام 1986 أسوأ حادث نووي حتى تاريخه. وقد نجمت عن انهيار مفاعل الماء الخفيف رقم 4 المخفّف بالجرافيت في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية.

وفضلاً عن الخسائر الأولية التي تمثلت في وفاة أكثر من 30 شخصاً، وإدخال المئات من الناس المستشفيات بسبب تعرضهم للإشعاع، تعرّض عشرات الألوف للإشعاع المتسرب، وأسفرت الكارثة عن عشرات مليارات الدولارات من الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة.

وانتقل الغبار المشع والسحب الناجمة عن تشيرنوبيل من أوكرانيا إلى غربي الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، لا سيما روسيا البيضاء، وصولاً إلى أوروبا. وفي النهاية أعلِنت مساحة حول المحطة النووية نصف قطرها 30 كيلومتراً منطقة مغلقة.

كما أن السلطات السوفييتية لم تُبلغ على الفور، السكان حول محطة تشيرنوبيل أو المجتمع الدولي، بالعواقب الخطرة للحادث النووي. وأثارت الكارثة موجة عارمة من اللوم والتقريع، خصوصاً أن كثيرين في المجتمع الدولي، كانوا يعتقدون أن السلطات السوفييتية لم تستجب لهذه الحالة الطارئة بشكل مناسب.

وفي المقابل لم تكن الصين تعلم عواقب انتشار فيروس كورونا في البداية، لا سيما بسبب بطء استجابة الحكومة المحلية للوباء في ووهان عاصمة مقاطعة هوبي، في المراحل المبكرة.

ولكن تم ترسيخ النظام بعد أن أدركت الحكومة المركزية طبيعة ما كان يجري، وطبقت إجراءات صارمة لاحتواء الوباء من خلال وضع معايير الحجر الصحي، وتعبئة الفيالق الطبية الوطنية المدربة، وإصدار الأوامر للحكومة المحلية، وقسم الصحة بالمسارعة إلى العمل، وبناء مستشفيين مؤقتين خلال أسبوعين. وحافظت الصين طوال الوقت على الشفافية، بنشر المعلومات وتحديث البيانات المتعلقة بالوباء.

إذن، من خلال مقارنة انتشار فيروس كورونا بكارثة تشيرنوبيل، تحاول بعض وسائل الإعلام الغربية إثارة حالة من الذعر في جميع أنحاء العالم، وتشويه سمعة التدابير المؤسسية السياسية في الصين، بينما ينبغي عليها أن تركز على العمل معاً لاحتواء الوباء.

ومن المؤسف أن عقلية الحرب الباردة التي تفكر بها، تشجع بعض وسائل الإعلام الغربية، لا سيما في الولايات المتحدة، على تضخيم الوباء، كجزء من فِرْية «التهديد الصيني» التي تروِّجها، حتى في هذه الأوقات العصيبة.

وحاول وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عرقلة التعاون بين الصين ودول مثل أوكرانيا وكازاخستان، خلال زيارته لهاتين الدولتين في 31 يناير/كانون الثاني، و2 فبراير/شباط.

ويواصل بعض المسؤولين الأمريكيين الادعاء بأن الصين تشكل تهديداً للعالم، من أجل تحقيق أهدافهم السياسية الضيقة، حتى مع تكثيف الصين مكافحتها للوباء. وقال وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس، على سبيل المثال، في 30 يناير/كانون الثاني، إن الوباء قد يساعد في عودة الوظائف والأعمال إلى الولايات المتحدة.

ينبغي أن تعطي الحكومات أولوية قصوى للتعاون في جميع الأوقات، لا سيما عندما ينهمك بلد ما في مكافحة انتشار مرض فتاك. ولكن بعض وسائل الإعلام الغربية، والساسة الغربيين، ينتهكون هذه القاعدة العالمية الراسخة.

ولأن الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن انتشار فيروس كورونا الجديد فيها، أثَّر بالفعل في الاقتصاد العالمي. وعلى سبيل المثال، باتت أسواق الأوراق المالية العالمية متقلبة، وانخفضت أسعار النفط بسبب انخفاض الطلب الصيني على النفط، وفُرضت قيود على صادرات مكونات السيارات من الصين، وقررت شركة نيسان إغلاق العديد من خطوط الإنتاج.

ومع ذلك، اتخذت الصين تدابير فعالة لاحتواء انتشار فيروس كورونا الجديد. وأظهرت الحالات الجديدة تدني هذا الاتجاه، حتى مع تحذير منظمة الصحة العالمية من أن انتقال الفيروس إلى خارج الصين، قد يسبب مشاكل عالمية خطرة.

* زميل أبحاث في معهد تشارهار (الصيني المستقل).- موقع: «تشاينا ديلي»

شاهد أيضاً