«كورونا» قد يحطم الاتحاد الأوروبي

داليبور روهاك *

الصدمة الاقتصادية لوباء «كورونا» يمكن بسهولة أن تتجاوز صدمة الأزمة المالية عام 2008

ربما نجا الاتحاد الأوروبي من أزمة خروج بريطانيا منه، ومن أزمة اللاجئين وأزمة الانهيار المالي في عام 2008، ولكن لا تفترض أن وباء «كوفيد 19» لا يمكن أن يدمّره.

في السراء والضراء، تخلق الأزمات فرصاً لسياسات استثنائية. وسيكون من الغباء، أن يظن الزعماء الأوروبيون، بمن فيهم كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أن الوباء الحالي مختلف لمجرد أنه أزمة صحة عامة، وليس أزمة سياسية أو مالية.

إلى جانب التكاليف في الأرواح والصحة العامة، خلق الوباء العالمي صدمة اقتصادية بحجم قد يتجاوز بسهولة، الأزمة المالية لعام 2008. وفي حين أن الكساد الكبير نجم عن صدمة مالية ترددت تداعياتها عبر اقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا، يواجه العالم كله الآن، تباطؤاً هائلاً في جميع قطاعات الاقتصاد.

كانت استجابة الاتحاد الأوروبي ضعيفة على نحو يُرثى له. ووفقاً لتصريح لاجارد مؤخراً، فإنه «لا توجد علامات مادية تدل على حدوث توترات في أسواق المال، أو حالات نقص في السيولة»، وأن أي استجابة سياسية للتطورات يجب أن تكون مالية بالدرجة الأولى، وبالتالي وطنية.

وهذا غير مسؤول. فالدولتان الأكثر تضرراً من الوباء وهما إيطاليا وفرنسا هما اللتان لديهما أقل قدر من حيز التنفس المالي، بغض النظر عن تخفيف المفوضية الأوروبية لقواعد المساعدة المالية والحكومية مؤخراً.

وفي ظل الأزمة الحالية، كانت نسبة ديون إيطاليا إلى الناتج المحلي الإجمالي 134%. وكانت النسبة في إسبانيا وفرنسا قريبة من 100%. ومع التصاعد الحاد في فوارق المردود على سنداتها، يصبح تقديم حافز مالي كبير أمراً مفروغاً منه.

ومهما يكن رأي المرء في ادعاء لاجارد بأن البنك المركزي الأوروبي يجب ألا يكون «خط الاستجابة الأول»، لفوارق العائدات على السندات على أطراف منطقة اليورو، فإن ضخ السيولة الاستباقي القوي في الأسواق من قبل البنك المركزي الأوروبي، هو الآن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف الذعر المتفاقم في القطاع المالي، ويخفف التأثير الذي يمارسه الوباء على الإنفاق الاسمي.

التكلفة البشرية الحقيقية للوباء (أكثر من ألفي شخص قضوا نحبهم في إيطاليا وحدها) مترافقة مع القلق الشعبي والشعور (المبرر أو غير المبرر) بأن المؤسسات الأوروبية لا تساعد، يمكن أن تضيف بسهولة إلى قوة الطرد المركزية القوية.

لنتذكر أن إيطاليا كانت محكومة حتى وقت قريب من قبل ائتلاف شعبوي مؤسس على رفض التقشف الذي يُفترَض أنه مفروض من قبل الاتحاد الأوروبي. وفي استطلاعات الرأي في فرنسا، يتنافس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع زعيمة اليمين المتطرف ماري لوبان، على إعادة الانتخاب في عام 2022. وحتى في إسبانيا، حقق اليمين المتطرف مكاسب مهمة في الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. والحكومات في وارسو، وبودابست وبراغ، لا تكنّ سوى القليل من التعاطف مع الاتحاد الأوروبي. وإذا استنتجت أن هنالك مكاسب سياسية يمكن تحقيقها من أخذها الأمور بيديها بأي معنىً كان فستفعل.

إذا كان هنالك درس واحد من الكساد الكبير، فهو أنه عندما تفشل القيادة العالمية، تُستبدل بالسلوك الهدام، غير المتعاون للحكومات الوطنية. عندما فشلت الولايات المتحدة في توفير السيولة للنظام المالي العالمي، ورفعت التعرفة على الواردات عام 1930، بدلاً من إبقاء أسواقها مفتوحة، تبِعت ذلك تخفيضات تنافسية للعملات، ورفع للتعريفات الجمركية.

إن قادة الاتحاد الأوروبي، ورئيس البنك المركزي الأوروبي، بوجه خاص، يواجهون خياراً مماثلاً اليوم؛ فإما أن يتحركوا بجرأة لمساعدة الدول الطرفية، أو أن هذه الدول ستساعد نفسها بأي طريقة تقدر عليها، حتى لو كان معنى ذلك حل منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي.

* باحث مقيم في «معهد المشروع الأمريكي» في واشنطن العاصمة.- موقع: بوليتيكو

شاهد أيضاً