كلوب: كرة القدم نزيهة ولا تعترف بأي حسابات عنصرية

متابعة: ضمياء فالح

تحدث الألماني يورجن كلوب، مدرب ليفربول الإنجليزي بطل أوروبا في مقابلة مع جون بيشوب (لاعب هواة سابق وممثل كوميدي حالياً) عن كثير من المواضيع الشائقة التي سيرويها الكوميدي في كتاب «لعبة من نصفين» والذي سيذهب ريعه للأطفال اللاجئين في العالم، وكشفت المقابلة عن استخدام كلوب نفس السيارة ماركة «أوبل» المتواضعة منذ قدومه للنادي الإنجليزي، وأن ابنيه بعمر 30 و33 عاماً مجانين كرة ويقيمان في ألمانيا، وأنه أمضى إجازة 6 أيام سعيدة مع العائلة في دبي مؤخراً، وفيما يلي نص الحوار:
* كألماني كيف ترى موضوع العنصرية؟
– تحدث معي صحفي فرنسي مؤخراً عن الموضوع ودهشت عندما قال لي إن جورج ويا وبعض اللاعبين السود يشعرون بأنهم لم يحصلوا على التقدير الكافي فيما يتعلق بجائزة الكرة الذهبية، وهم واثقون أن السبب يعود للعنصرية. لم أستطع فهم الدوافع لأنني لا أرى العالم من هذا المنظور. بالنسبة لي مقياس الموهبة هو الذي يحكم غرفة الملابس بغض النظر عن الدين واللون والعرق، لدينا في ليفربول غرفة صلاة كي يستطيع محمد صلاح ومانيه الصلاة فيها وطقوس أخرى مثل الوضوء قبل المباريات. جميع من في ليفربول يتقبل الاختلاف.
أعتقد أن هذا شيء جديد خصوصاً في الكرة الإنجليزية،أتذكر كيف عانى جون بارنز من العنصرية عندما التحق بليفربول في 1987 وعندما تعاقد ليفربول قبله بسنوات مع هوارد غايل ليصبح أول لاعب أسود بالرقم 10 قال الناس: «ليفربول لا يتعاقد مع لاعبين سود»، لا أقول إن هذه كانت سياسة النادي لكن ندرة اللاعبين السود في الكرة الإنجليزية كانت واضحة كما لم أتخيل وجود لاعب مسلم في الدوري الإنجليزي، كانت كرة للبيض من الطبقة الوسطى،وبالنسبة لي لم أختبر هذا في ألمانيا. عندما كنت لاعباً في ماينز انهارت يوغسلافيا ونشبت الحروب بين دول البلقان وكان في فريقنا لاعبون صرب وكروات وآخرون من يوغسلافيا السابقة، لكنهم كانوا منسجمين، لأنهم جميعاً وجدوا في الكرة ملاذاً من الحروب وفي ألمانيا فرصة لبناء حياة جديدة. لا أدعي أنه لم تكن هناك مشاكل، بالطبع توجد مشاكل فنحن بشر في نهاية المطاف لكنها لم تصل لحد أن يقول لاعب لزميله «أنت تختلف عني». تخيلت أن العنصرية اختفت منذ زمن طويل لذا صدمت عندما تعرض هدسون أودوي وداني روز لعنصرية مشجعين في مونتنجرو.
* أنت من أول جيل نشأ بدون الشعور بالذنب من تبعات النازية.
– أجل، أنا من الجيل الذي تصالح مع ماضيه، أحب بلدي وأحب العيش فيه، لكنني لا أحبه أكثر من البلدان الأخرى التي تعرضت لويلات الحرب الثانية على يديه.
* يقال إنك تشاهد المباريات بدون تعليق هل هذا صحيح ؟
– نعم أفضل مشاهدتها فقط لذا تعجبت عندما احتفل رحيم سترلينج بهدف إنجلترا الخامس أمام جمهور مونتنجرو بوضع يديه على أذنيه وقلت في نفسي «لماذا يفعل رحيم هذا؟» ثم قرأت ما تعرض إليه الفتى وتعاطفت معه لكن لم يكن شعوري بالمظلومية مثله لأنني لم أختبر هذا في حياتي.
* لماذا لا تتفق مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ؟
– نعم، لأن الخروج يعزز العنصرية، أنت لا تريد البقاء في الاتحاد لأنك تريد بناء جدار بينك وبين الآخرين، لماذا تريد الجدار ؟ لأنك لا تريد أشخاصاً معينين يدخلون بلدك. أنا أحب الكرة لأنها عالمية ولا تفرق بين لاعب وآخر حتى لو كان يتحدث لغة لا تعرفها، صحيح أن اللاعب نابي كيتا لا يعرف الإنجليزية لكنه يفهم 30 في المئة من حديثنا والجميع يحبه.
* مدينة ليفربول أصبحت بفضل علاقتك مع الناس اجتماعية وأكثر انفتاحاً، لكن أريد أن أسألك لماذا اعتبرت عرض تدريب ليفربول مناسباً لك ؟
-عرفت شيئاً عن المدينة لأنني جئت إليها قبل بضع سنوات في عمل ترويجي وقال لي بعض الناس إن المدينة قيد إعادة التطوير وعندما جاء العرض أردت أن أكون جزءاً من عملية إعادة التطوير وتكرار أمجاد الماضي، كان من الواضح أن قلب ليفربول رائع مثل حديقة تحتاج إلى بعض العمل كي تتفتح زهورها من جديد، رغبت فعلاً بتدريب ليفربول فقط تمنيت أن يكون التوقيت مناسباً بعد عملي مع ماينز ودورتموند، لكن كل ما حصلت عليه إجازة 4 أشهر.
* تحدثت الإنجليزية بطريقة فظيعة في أول مؤتمر صحفي في ليفربول ما السبب ؟
– أنتم الإنجليز لا تشعرون بأنكم مضطرون لتعلم لغة ثانية فالإنجليزية لغة عالمية لكن بالنسبة لنا نتعلمها في المدرسة وكانت درجاتي ضعيفة في درسها لكن الجيل الجديد، أولادي يتقنونها أكثر مني. ما زلت غير متمكن من اللغة، لكنني أستطيع على الأقل إيصال ما أريد. حرصت على سماع برنامج «توك سبورت» في طريق الذهاب للتمرينات وفي العودة، يتحدثون لغة رائعة بلكنة إسكتلندية وربما أيرلندية.
* كيف نجحت كقائد للفريق؟
– القائد الجيد هو الواثق من قدراته ويحيط نفسه بأشخاص أقوياء. القائد الضعيف يكون متردداً عندما يكون المحيطون به أقوى منه ويملكون كاريزما. أنا علمت نفسي، عندما بدأت العمل في ماينز تعلمت كل شيء عن المهنة، لأنه لم يكن لدينا قسم كشافة ولا قسم تحليل ولا أحد لمساعدتي في التمرينات وهذا أفضى لاحترامي لكل من يعمل في هذه الأقسام في ليفربول. أعدت بيب ليندرز للنادي كي يكون مساعداً، وجلبت منى نمر من بايرن ميونيخ لتكون مسؤولة عن التغذية، وجلبت معالجاً من ألمانيا لأنني لا أعرف حتى الآن طريقة عمل المعالجين الإنجليز، المعالج طبيب أكثر من مدلك. بعدما أوجدت هذه البيئة الإيجابية حرصت على جعل المناخ عائلياً بدعوة عائلات الجميع لنزهة في تينيفري. كنا 90 بالغاً و50 طفلاً وأقمنا في فندق يطل على مناظر خلابة، توطدت العلاقة بين الجميع وأصبحنا مثل عائلة.
* هل لهذه الثقة علاقة بارتياحك في العمل مع اللاعبين القدامى للنادي ؟ لديك كيني دالجليش مستشاراً وعينت ستيفن جيرارد ليكون مدرباً دون ال18 عاماً، غيرك كان سيتخلص من الحرس القديم.
– أولاً: كيني وستيفن كانا داعمين لي من اليوم الأول، ثانيا: عملي كمدرب لا علاقة له بالناس الموجودين حولي. إذا طردني ليفربول غداً ربما يكون كيني أول خيار لخلافتي، لكنهم غالباً سيجلبون جيرارد بعدي. إذا طردت فهذا بسبب فشلك كمدرب ولا علاقة للآخرين بالموضوع. أنا ناضج بما يكفي لأعرف إن كنت أقدم كل ما بوسعي لعملي، لست كاملاً ولست عبقرياً، لكنني أعطي كل ما لدي كما أنني لا أشعر بالغيرة من الآخرين ولا أشكك في نواياهم ومنفتح تماماً عليهم. عائلتي تقول لي أحياناً إنني أسارع بالانفتاح، لكنني أعتقد أن عدم التصرف على الطبيعة مضيعة للوقت.
* هل لنشأتك الدينية علاقة بهذا النجاح ؟
– قلت مرة في مؤتمر صحفي أن الله هو من يحكم على أفعالي وهذا هو مفهومي للدين وأنا مستعد للمحاسبة. لا أرتكب الأخطاء ولا ألحق الأذى بشخص لمجرد إيلامه. مع لاعبي الأمر مختلف فقد أضطر لبيعهم وهذا أصعب جزء في مهنتي لكنني لا أعنف اللاعبين بعد خسارة مباراة مطلقاً. الدين بالنسبة لي يعني جعل المكان الذي أعمل فيه مكاناً أفضل بقليل، لا تفكر بنفسك فقط دائماً ولا تفعل ما تشاء دائماً، بل قم بواجبك معظم الوقت والباقي كله سهل.
* لماذا تقف في وسط الملعب قبل المباريات وتنظر للفريق الخصم وهو يجري الإحماء ؟
– أنا أشاهد فريقي طوال الأسبوع وأعرف كيف سيلعب، مراقبة الإحماء قد تعطيني لمحة عن طريقة عملهم، أريد الشعور بالفريق الآخر. عندما واجهنا دورتموند في يوروبا ليج راقبتهم وربما يظن البعض أن ذلك غير محبذ لأنني كنت مدرباً للفريق 7 سنوات لكنه بالنسبة لي انتصار بسيط يليه انتصار أكبر في المباراة. أشعر بشيء من الخجل عندما يقترب مني لاعبو الخصم لكنني اعتدت هذه الطريقة. أسمع صوت مساعد المدرب يصرخ «ماذا تفعلون هناك بالقرب منه، ابتعدوا» لكنني لا أحاول ترهيب الخصم بل أريد فقط دراسة عملهم.
* أنت عاطفي جداً في خط التماس، هل تتخيل نفسك تجلس وتراقب بهدوء على الدكة ؟
– أجل، في المستقبل، أنا الآن أكثر هدوءاً من قبل، أعرف أن هذا صعب التصديق لكنني تغيرت بالكامل، أنا أصرخ وأتحرك على خط التماس كي يشعر اللاعبين بالقوة عندما يضعفون وبالحماسة عندما يتراخون، ما الجدوى من صراخي في غرفة الملابس بين الشوطين ؟ طاقتي كلها أبذلها على خط التماس كي نخرج كلنا سعداء بالفوز. بعض الناس تعتقد أنني لست مدرباً تكتيكياً بل عاطفياً وأنا أقول لهم إنني طوال الأسبوع أتحدث عن التكتيك لذا لست بحاجة له عند اطلاق الصفارة.
* هل تعتبر جوارديولا مدرباً أهدأ منك ؟
– بيب يتفاعل أيضاً لكن ليس بقدري، يبدو أكثر اتزاناً مني عندما يصرخ بيب يبدو دائماً مثالياً، جسمه، ملابسه، كل شيء فيه كامل، أنا عندما أصرخ أبدو كقاتل متسلسل، وجهي يوحي بذلك، أعض على أسناني بطريقة معينة. إذا نظرت للأطفال بنفس الوجه غالباً يبدأون بالبكاء والصراخ.
* هل تشعر بأنك محظوظ؟
-طبعا، لدي مهنة أتقاضى عنها أجراً مجنوناً يجعلني في معزل عن الهموم المالية. من الرائع أن يعمل الشخص في مجال يحبه ويتقنه، لا أدري ما كنت لأفعل لو لم أكن مدرباً. أنت أيضاً محظوظ لأنك تعمل في مجال اختصاصك بالكوميديا.
* عقدك ينتهي في 2022، هل ليفربول بيتك أم «بلاك فوريست»؟
– تركت بلاك فوريست بسن ال19، ماينز هو بيتي ونبني هناك منزلاً للعائلة حالياً وأحد أولادي يقيم هناك والآخر في برلين. ماينز تقع بالقرب من فرانكفورت ويقطنها 180 ألف شخص غالبيتهم من الطلبة والطقس فيها أجمل من طقس إنجلترا أو دورتموند.

شاهد أيضاً