قبل 100 سنة.. هكذا قتل قوميو تركيا 80 ألف أرميني بشهرين

عقب نجاح ثورتي 1917، ثورة شباط/فبراير والثورة البلشفية، وانهيار روسيا القيصرية وتفكك الجمهورية الترانسقوقازية الديمقراطية الاتحادية (Transcaucasian Democratic Federative Republic)، التي ضمت كلاً من أرمينيا وجورجيا وأذربيجان، بعد أسابيع عن نشأتها، أعلن الأرمن بمناطق جنوب القوقاز يوم 28 أيار/مايو 1918 عن استقلالهم وإنشاء الجمهورية الأرمينية التي عرفت تاريخيا باسم الجمهورية الأرمينية الأولى.

ومنذ ظهورها، عانت هذه الجمهورية الأرمينية الأولى من أزمة مع جارتها الجنوبية الدولة العثمانية التي أرسلت أعدادا كبيرة من الجنود للسيطرة على جنوب القوقاز.

وبفضل نهاية الحرب العالمية الأولى واستسلام العثمانيين صمدت جمهورية الأرمن الأولى واضطرت في المقابل لتحمّل مشقة توفير الغذاء لأعداد كبيرة من الأرمن الفارين من مذابح العثمانيين التي أودت بحياة نحو 1.5 مليون أرميني.

جمهورية أرمينيا الأولى

خلال محادثات السلام التي تلت نهاية الحرب العالمية الأولى، أعارت الدول المنتصرة جانبا كبيرا من اهتمامها للبيان النهائي الذي سيوقّع مع الألمان.

وعلى الرغم من تعهدهم بمساعدة الأرمن ودولتهم حديثة النشأة، قدّم الحلفاء معونة خجولة لجمهورية أرمينيا بسبب تضارب مصالحهم بالمنطقة.

كما اعترف المنتصرون باستقلال أرمينيا وأولوا، حسب ما جاء بمعاهدة سيفر، للرئيس الأميركي وودرو ولسن مهمة فض النزاع العثماني الأرميني وترسيم الحدود بين الطرفين.

بناء على مقترح ولسن، ضمّت مناطق بالقوقاز، كانت في السابق ذات أغلبية أرمينية قبل الإبادة، للدولة الأرمينية الوليدة، فضلا عن ذلك، أيد الرئيس الأميركي ولسن فكرة منح الأرمن مناطق غربي طرابزون لتزويدهم بمنفذ على البحر الأسود وتسهيل معاملاتهم التجارية.

أمام هذا الوضع، عبّر القوميون الأتراك عن رفضهم لتنازلات العثمانيين فاتجهوا لتشكيل الحركة الوطنية التركية، بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، التي أخذت على عاتقها مهمة الدفاع عن التطلعات القومية للأتراك بحرب الاستقلال التركية.

دعم سوفيتي ومذابح واغتصاب

في الأثناء، اتجه الأتراك بقيادة مصطفى كمال أتاتورك لكسب تعاطف البلاشفة حيث وافق فلاديمير لينين، الذي عانى من عزلة دولية حينها، على دعم القوميين الأتراك مقابل جانب من التنازلات.

وخلال مفاوضات معاهدة موسكو لعام 1921، وافق أتاتورك على التنازل عن مناطق باطومي (Batumi) وناخيتشيفان (Nakhchivan) ومنح السوفييت امتيازات مستقبلية بالمضائق المطلة على البحر الأسود مقابل الحصول على دعم عسكري لمواصلة حرب الاستقلال التركية والتدخل ضد الأرمن.

إلى ذلك، زوّد لينين القوميين الأتراك بآلاف البنادق وكميات هائلة من الذخيرة والمال.

ومع اقتناعه بعدم تدخل البريطانيين والفرنسيين لصالح الأرمن، أعطى أتاتورك الضوء الأخضر لجنراله كاظم كارابكر يوم 13 أيلول/سبتمبر 1920 ببدء عملية غزو المناطق الأرمينية التي حصلت عليها جمهورية أرمينيا عقب معاهدة سيفر.

بفضل التفوق العسكري الذي وفّره لهم السوفييت، تمكّن القوميون الأتراك من حسم الصراع مع الأرمن خلال فترة لم تتجاوز الشهرين وأجبروهم على قبول وقف إطلاق النار يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1920.

في خضم هذه الحملة العسكرية، ارتكب القوميون الأتراك فظائع عديدة بمناطق قارس (Kars) وألكسندروبول (Alexandropol) حيث اغتصب جنود كاظم كارابكر العديد من النساء الأرمينيات ولجأوا لإعدام عشرات الآلاف من الأرمن بشكل عشوائي لإجبار حكومة يريفان (Yerevan) على الاستسلام.

أكثر من 80 ألف قتيل ونهاية الجمهورية الأولى

أسفرت هذه الحملة العسكرية التي قادها القوميون الأتراك عن مقتل ما لا يقل عن 80 ألف أرميني وتهجير المزيد منهم. وأثناء مفاوضات السلام بين وزير الخارجية الأرميني وكاظم كارابكر، أمر لينين قواته باجتياح ما تبقى من أرمينيا. ومطلع شهر كانون الأول/ديسمبر 1920 تمكن البلشفيون من بلوغ العاصمة الأرمينية يريفان فأجبروا الحكومة الأرمينية على الاستقالة وعينوا بدلا منها حكومة أخرى موالية لهم قبلت على الفور بكامل شروط الأتراك وتنازلت عن الأراضي التي حصلت عليها أرمينيا عقب معاهدة سيفر.

ويوم 6 كانون الأول/ديسمبر 1920، دخلت قوات التشيكا (Cheka) السوفيتية، التي تزعّمها فيليكس دزيرجنسكي (Felix Dzerzhinsky)، العاصمة الأرمينية لتعرف بذلك جمهورية أرمينيا المستقلة نهايتها وتظهر بدلا منها الجمهورية الأرمينية السوفيتية الاشتراكية التابعة للاتحاد السوفيتي.

المصدر