تونس.. سقوط الرؤوس

د. حسن مدن

للنتائج الأولية من الدور الأول من انتخابات الرئاسة في تونس، وقع المفاجأة الكبيرة على المراقبين، وعلى أهل السياسة في تونس نفسها. ويحتمل الأمر تمعناً في دروس ما جرى، لأننا بصدد ظاهرة تفصح عن الكثير في علاقة المواطن التونسي، والعربي عامة، مع النخب السياسية المختلفة في حال توفر الآليات الديمقراطية التي تمنح درجة مناسبة من حرية الاختيار.
بدون أي تردد يمكن وصف ما جرى بأنه انتخابات سقوط الرؤوس. لم يفز في الانتخابات رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي الذي صرّح بأن «الأموال القذرة كانت المنافس الأصعب له»، وكان عليه أن يضيف، بوضوح، أن تخلي حزب النهضة حليفه السابق عنه كان السبب الأساسي في تقهقر فرصه، حيث اختارت الحركة أن تخوض الانتخابات بمرشحٍ عنها، معتقدة أن غياب شخصية وسطية بوزن الرئيس الراحل قائد السبسي قد يفتح لها الطريق نحو قصر قرطاج.
وسقط في الانتخابات ثلاثة من رؤساء الحكومة السابقين هم: حمادي الجبالي، مهدي جمعة، يوسف الشاهد، والأخير كان قد انشقّ عن الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس التي أتت به رئيساً للحكومة، وأسس كتلة بديلة قيل إنها كانت تنسق مع نواب «النهضة»، ويبدو أن هذا الانطباع كان له تأثير في انحسار جزء من قاعدته الانتخابية المفترضة عنه.
سقط في الانتخابات أيضاً وزراء سابقون، مثل سعيد العايدي، إلياس الفخفاخ، محمد عبو وعبد الكريم الزبيدي، والأخير يوصف بأنه كان صديقاً مقرباً للرئيس الراحل السبسي، وكان هناك تعويل كبير لدى مؤيديه على أن يتأهل للدور الثاني إزاء مرشح «النهضة» عبد الفتاح مورو، الذي خسر، هو الآخر، السباق منذ الجولة الأولى.
صعد إلى الدور الثاني مرشحان من خارج دائرة الوجوه السياسية التي حكمت تونس بعد سقوط نظام بن علي، هما الأستاذ في القانون الدستوري قيس سعيّد، الذي يقال بأن جزءاً كبيراً من أصواته أتى من الشباب الطلبة الذين أحسن التواصل معهم، في حملة انتخابية مختلفة.
أما المرشح المتأهل الثاني فهو رجل الأعمال وصاحب قناة «نسمة» التلفزيونية نبيل القروي الذي أدى إدخاله السجن بتهمة غسل الأموال والاحتيال الضريبي إلى نتائج عكسية لما توخاه خصومه، حيث نشأت حالة من التعاطف معه، خاصة أنه مؤسس جمعية خيرية قدّمت مساعدات للفقراء.
ثمة شكوك في أن يؤدي استمرار سجن القروي إلى حرمانه من مواصلة السباق الانتخابي، ليحل محله مرشح «النهضة» الخاسر مورو الذي حلّ ثالثاً، وللموضوع تتمة.

madanbahrain@gmail.com

Original Article

شاهد أيضاً