مسيرة التنوع الإبداعي في الإمارات.. من الانفتاح إلى العالمية

مسيرة-التنوع-الإبداعي-في-الإمارات.-من-الانفتاح-إلى-العالمية

شبكة أخبار الإمارات ENN

من أمجد صالح..

أبوظبي في 8 نوفمبر/ وام / أرست دولة الإمارات نموذجاً جديداً يحفز النمو الإبداعي في المشهد الموسيقي من خلال مبادراتها الجريئة لترسيخ بيئة مواتية قائمة على مبادئ تقبل الآخر والتعددية حتى بات الاحتفاء بالتنوع الثقافي والإبداعي جزءاً من العادات الوطنية والتي نتج عنها أطياف من الفنون التي تجمع بين ثقافات العالم مختلفة.

ونادراً ما يتم النظر للإبداع من منظور الانفتاح، فهو الأساس وراء الرؤية الاستشرافية التي تتبناها الإمارات ومسيرتها في تحقيق التناغم مع الآخر، والذي ساهم في تحقيق التقارب الثقافي الذي يمنح القطاعات الإبداعية في الدولة ألوانها المتمازجة.

وحقق إكسبو 2020 دبي نجاحاً باهراً في استقطاب الشعوب من 192 دولة على منصة استخدمت هذا الانفتاح في تعزيز الرؤية الاستشرافية للدولة الهادفة إلى توحيد مواطني العالم وإتاحة الفرصة لهم للالتقاء ومشاركة الخبرات، ما كان من شأنه دفع عجلة التطور الإبداعي والموسيقي والفني، وصنع ذكريات وتجارب ستبقى مع زواره مدى الحياة.

وقال عمار أشقر، وهو موسيقي سوري موهوب وجد في دبي ملاذاً يدعم مسيرته الموسيقية، في حوار مع وكالة أنباء الإمارات “وام” أن “البيئة المتناغمة التي تدعم تقبل الآخر والتقاء الثقافات في دولة الإمارات كانت بمثابة حاضنة لخبراته الموسيقية”.

وفي حديثه عن تجربته في إكسبو 2020 دبي، قال أشقر أنه تمكن من استكشاف التراث الموسيقي لعدد من الدول في التجربة أثرت حسه الموسيقي موضحا أن ثقافة التسامح التي مسها في دبي تشكل قوة هائلة لخدمة الخير، لاسيما أن الموسيقى والفن تلعب دوراً محورياً في صياغة مستقبل يعمه السلام.

وأكد أنه لاحظ على مدى السنين تأثير ثقافة الانفتاح في دولة الإمارات على مواهب أبناء الدولة، ومنهم المؤلف الإماراتي المبدع إيهاب درويش، والإماراتي محمد فيروز الذي قام بتأليف العديد من المقطوعات الأوبرالية والأوركسترالية المذهلة، والعازف والمؤلف الإمارتي فيصل الساري، والكثير غيرهم من الفنانين الذين قدموا للعالم أنغاماً خالدة من خلال العمل مع كبار الموسيقيين من جميع أنحاء العالم وضمن أنماط موسيقية متنوعة.

ويعتبر المؤلف وعازف العود الإماراتي فيصل الساري خير مثال على نتاج ثقافة الانفتاح في الدولة، نظراً لقدرته المبهرة على مناغمة أسلوبه الموسيقي مع تلك التي تميز الثقافات الموسيقية الأخرى. في عام 2016، تعاون الساري مع أوركسترا غوستاف ماهلر للشباب على تأليف مقطوعة أوركسترالية بعنوان “حلم زايد” تجمع بين وعزفها خلال حفل أقيم تمهيداً لافتتاح في متحف اللوفر أبوظبي.

وفي حوار أجراه مع صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، تحدث الساري عن سبب تسمية مقطوعته بـ “حلم زايد”، قائلاً أن كل ما يجعلنا ناجحين ومتميزين يعد جزءاً من حلم الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.

ويعبر تصريحه عن مدى تأثر الإماراتيين بالوالد المؤسس وإرثه في سيرهم على نهجه في تقبل الآخر وتقدير قيمة التنوع والذي عزز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي نابض يحتضن الإبداع بجميع أشكاله.

وفي العاصمة، أهلت المبادرات والبرامج الرائدة أبوظبي لنيل لقب “مدينة الموسيقى” التي تمنحها “شبكة المدن المبدعة” لمنظمة اليونسكو للمدن التي توظف الإبداع كأداة استراتيجية في تعزيز مسيرة التنمية الحضرية المستدامة.

وسلط أشقر، الذي يرى في تداخل العناصر الموسيقية العربية والغربية طريقاً واعداً لتطور عالم الموسيقى، الضوء على نابغة البيانو اللبناني طارق يمني الذي أنتج ألبومه الثالث في أبوظبي ليطلقه خلال افتتاح مهرجان أبوظبي 2017.

وأوضح أن ألبوم طارق يمني المشار إليه كان رائداً في مجاله مشيراً إلى دمجه بين عناصر من الموسيقى الخليجية وموسيقى الجاز، والذي أتبعه بنشر كتاب اختصاصي، بدعم من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، يشرح فيه العوامل الإبداعية وراء قوالب الإيقاع المميزة الذي نشأت في منطقة شبه الجزيرة العربية.

وأشارت “شبكة المدن الإبداعية” إلى القطاع الثقافي والإبداعي في أبوظبي كمحرك رئيسي للتماسك الاجتماعي والنمو والتنوع الاقتصادي في الإمارة، حيث أشارت الإحصاءات في ذلك الحين إلى أن قطاع الموسيقى في العاصمة يحتضن أكثر من 600 مؤسسة موسيقية و4,000 من المختصين في المجالات الثقافية، فضلاً عن المؤسسات التي تساهم في إثراء المشهد الإبداعي، ومنها المجمّع الثقافي وبيت العود العربي، ومركز الفنون التابع لجامعة نيويورك في أبوظبي وبيركلي أبوظبي.

ويمكن النظر إلى هذه الإنجازات على أنها نتاج لثقافة التسامح التي تنتهجها دولة الإمارات وسعيها لرعاية وتقدير هذه المواهب ضمن سعيها لخلق أشكال جديدة من الموسيقى تجمع بين العوامل الموسيقية التقليدية والشعبية والحديثة من الشرق والغرب.

وعلى عكس التوجهات الموسيقية قصيرة العمر التي تستمر في الظهور حول العالم، تحاول دولة الإمارات بدء ثورة إبداعية، ليكون للموسيقى الناتجة قدرة على جذب الجماهير عبر مختلف الشرائح والثقافات والعصور.

ولا بد من تقدير قيمة الانفتاح في دولة الإمارات كونها سياسة فعّالة، على رغم من بساطتها، وتمثل واحدة من ركائز القوة الناعمة للدولة.

شاهد أيضاً