في مواجهة الانتحار

شيماء المرزوقي

قبل بضعة أيام قرأت عن تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، جاء فيه: "أن شخصاً واحداً يموت منتحراً كل 40 ثانية، ليصل العدد إلى 800 ألف شخص سنوياً". واللافت في التقرير والذي يجب التوقف عنده ملياً أن أكثر من نصف المنتحرين في العالم هم دون سن ال 45 عاماً، أي من فئة الشباب. ولكن الأكثر غرابة أن البلدان الأكثر دخلاً أي التي تعيش رفاهاً اقتصادياً لديها معدلات أعلى في حالات الانتحار أكثر من البلدان التي تملك دخلاً متوسطاً.
هذا الجانب يقودنا لنقطة تحدث عنها عدد من علماء النفس والمختصين إذ بينوا أن الانتحار عمل فردي وذاتي، بمعنى أن كل من يقدم على هذا الفعل لديه أسبابه الخاصة، ودون شك أن مواضيع مثل الثقافة والضوابط والقيود والصدمات والقلق والضغوط الحياتية وخيبة الأمل والتعثر والفشل جوانب حاضرة وماثلة كأسباب قد تؤدي إلى الانتحار، وتوجد نقطة يجب عدم إغفالها وهي الفئة العمرية العامة لدى المنتحرين والتي تتراوح ما بين الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين، وكما هو واضح هناك عدم نضوج وتعجل وأيضاً روح شبابية طائشة، أو صعوبات حياتية قاسية فضلاً عن تعثر وصدمات عنيفة سببت ردات فعل نفسية قاسية أدت لإنهاء الحياة.
أتذكر قصة قرأتها قبل فترة من الزمن، تحكي عن شاب أرسل أوراقه لثلاث جامعات كانت الأولى مقبولة والأخرى جيدة أما الثالثة فكانت ممتازة، ويصعب القبول فيها، انتظر رد تلك الجامعات وبعد مضي بعض الوقت وصل رد الجامعة الأولى بالاعتذار، وبعد وقت قصير جاء رد الجامعة الثانية أيضاً بالاعتذار عن قبوله، تلبسه اليأس وشعور طاغ بالفشل، وقرر إنهاء حياته، لأن حلمه بإكمال دراسته الجامعية قد تبخر، بعد مضي فترة زمنية وصلت من الجامعة الثالثة الموافقة على قبوله.
الذي حدث ببساطة متناهية أن روح الشباب الطاغية هي المتحكمة، فعندما لم تقبله الجامعتان الأقل تصنيفاً اعتقد باستحالة قبوله في الثالثة الأعلى، ولو افترضنا أن جميع تلك الجامعات لم تقبله فلا يوجد أي مبرر لإنهاء الحياة.
دون شك أن الضغوط المستمرة والمشاكل المعاصرة في الحياة ومعدل حركتها المتصاعد والسريع، فضلاً عن قلة الخبرة وانعدام الإرشاد والتوجيه وغيرها، هي عوامل تؤدي للإقدام على الانتحار، وبالتوازي مع هذه الظاهرة أو في إطار التصدي لها يجب زيادة الإرشاد الاجتماعي والتوجيه النفسي والروحي ووضع برامج وخطط شاملة وعامة.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

شاهد أيضاً