غموضه يفوق بوتين.. قائد فاغنر “لص لينينغراد” مجرم سابق مستفز يثير الغضب

يلعب رئيس مجموعة فاغنر المسلحة الروسية يفغيني بريغوجين، دورا يخدم مصالح الكرملين، ولكن طموحاته السياسية المتزايدة تثير ضده عداوات كثيرة، يفاقمها نهجه الاستفزازي وانتقاداته للنخب.

وبعدما حرص بريغوجين لفترة طويلة على البقاء في الظل، خرج إلى العلن في الخريف الماضي ليكشف أنه قائد مجموعة فاغنر للمرتزقة، ويتبنى انتصارات عسكرية ويعلن مسؤوليته عن إنشاء “جيوش إلكترونية” تشنّ حملات تضليل وتتلاعب بالرأي العام ولا سيما في دول إفريقيا، مرسخا لنفسه موقعا في المشهد السياسي الروسي.

ولفت محللون غربيون إلى أنه لم يكتسب أي لاعب غير رسمي من قبل هذا القدر من الأهمية في عمليات روسيا الخارجية، غير أن صعود بريغوجين يبقى هشا.

رئيس فاغنر  (أ ب)

رئيس فاغنر (أ ب)

وقالت تاتيانا ستانوفايا خبيرة المسائل الروسية في مجموعة كارنيغي الأميركية للدراسات “إنه (قائد فاغنر) موضع إشادة وانتقاد في آن”، وروابطه الحقيقية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين تثير الكثير من الروايات والتكهنات.

وأوضحت أن كل انتصار يحققه يعده بمستقبل لامع، وكل فشل ينذر بسقوط قريب، لكن “في الوقت الحاضر لا تبدو أيّ من الروايات حوله واقعية بالكامل”.

وكل ما في رجل الأعمال مثير للجدل والشقاق، ولا سيما ماضيه الإجرامي، إذ أمضى 9 سنوات في السجن في قضية سرقة واحتيال، وتصريحاته الحادة النبرة.

وأوضح ماكسيم أودينيه من معهد البحث الاستراتيجي في المدرسة العسكرية في باريس “هذا ما نطلق عليه لقب “مستثمر العنف”، شخص قادم من أوساط الجريمة لطالما استخدم العنف الكلامي والجسدي وسيلة لخدمة مصالحه.

قوات فاغنر (رويترز)

قوات فاغنر (رويترز)

مرحلة ما بعد بوتين

ومن الواضح أن مصالح قادئد فاغنر باتت تطال الدائرة السياسية. وتابع ماكسيم أودينيه “إنه (قائد فاغنر) يسعى إلى التمسك بالنزعة القومية الشعبوية التي تأثرت منذ وفاة فلاديمير جيرينوفسكي الزعيم التاريخي للحزب الديمقراطي الليبرالي (قومي متطرف) في نيسان/أبريل 2022”.

وأشار إلى أن “هذه الشريحة من النخبة السياسية الروسية قد تكون واعدة للغاية في مرحلة ما بعد بوتين”.

ونفى قائد فاغنر رجل الأعمال أنه يسعى لإنشاء حركة، لكنه يحتل موقعا أكبر نفوذه الفعلي، إذ إنه لم يعمل مباشرة مع بوتين، ولم يكن يوما من أصدقائه، ولا تواصل له مع الكرملين سوى بصورة غير مباشرة.

وأكدت تاتيانا ستانوفايا أنه “قد يكون يحظى في إطار صلاحياته بشيك على بياض من بوتين، لكنه خارج هذه الدائرة، إنه أعزل سياسيا”.

وقال ماكسيم أودينيه إن بريغوجين “لا ينتمي إلى الدائرة الأولى من نظام بوتين” لكن “قد يكون أخذه الزهو نتيجة شهرته المتزايدة. فبالرغم من أنه لا يحظى بصفة رسمية، أصبح لص لينينغراد السابق طرفا لا يمكن الالتفاف عليه”.

والواقع أن مجموعة فاغنر حققت انتصارات عسكرية حقيقية في أوكرانيا، كما أنها تتقدم في إفريقيا حيث تتمركز في إفريقيا الوسطى ومالي رغم نفي باماكو، ونشطت في موزمبيق وتحاول ترسيخ وجود لها في بوركينا فاسو.

قائد فاغنر وشويغو (خاص)

قائد فاغنر وشويغو (خاص)

منافسة مع الجيش

ولبريغوجين الكثير من الأعداء، إذ لا يتوانى عن التنديد بانتظام بالجيش ورئاسة أركانه ووزير الدفاع نفسه سيرغي شويغو.

وفي هذا السياق، ضغط قائد فاغنر، الأربعاء، على الجيش ليزود مقاتليه بالذخائر، وقال إن “القذائف موجودة لكن ينبغي على سياسيين وصوليين وأوغاد وقذرين أن يوقعوا عليها”. وأعلن قائد فاغنر، الخميس، إرسال ذخائر لعناصره في أوكرانيا.

وذهب بيتر راف من معهد هادسون في واشنطن إلى أن “بريغوجين يؤمن لبوتين طرفا ثالثا يمكنه عبره تنفيس الاستياء” تجاه الجيش الذي يواجه وضعا صعبا في أوكرانيا منذ عام، مشيرا إلى أنه يحظى بلا شك بالدعم المالي من الدولة الروسية.

غير أن “خلافه مع وزارة الدفاع يكمن في تلقيه مبالغ طائلة من الدولة على حساب العسكريين”، على ما أفاد الصحافي الاستقصائي الروسي من “مركز الملف” دينيس كوروتكوف.

وأكد الصحافي أنه “لا أصدقاء لقائد فاغنر ولا حلفاء تقريبا” في الجيش، معتبرا أن تصريحاته، الأربعاء، تشير إلى أنه “ليس لديه خط اتصال مباشر مع بوتين، أو أن خط الاتصال هذا انقطع”.

وأثار قائد فاغنر بتجنيده مقاتلين على مدى أسابيع من السجون تنديد القضاء، وبات على رادارات أجهزة الاستخبارات.

وإن كان بريغوجين يسمح لنفسه بأي شيء، فإن “علاقته بالدولة غير رسمية، وبالتالي فهي علاقة هشة، وقد تُقطع بدون سابق إنذار” برأي تاتيانا ستانوفايا.

وأكد ذلك بيتر راف قائلا: “ما يصح اليوم قد لا يصح غدا. من المستحيل التكهن بنتيجة الصراعات على السلطة في روسيا”.

شاهد أيضاً