صحتك تبدأ من فمك وأسنانك

تحقيق: راندا جرجس

يتعرض الأشخاص للكثير من الأمراض بسبب مشكلات الأسنان، حيث إن الفم أساس صحة الجسم، وجزء لا يتجزأ منه، كما أن تطور هذه الآفات يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والشرايين، ومضاعفات داء السكري، وأمراض الرئة، والكلى، إضافة إلى خطر الولادة المبكرة، وفي هذا التحقيق يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن بعض المشكلات التي يواجهها الإنسان خلال مراحل حياته، من الطفولة إلى الشيخوخة كالتسوس بأنواعه، واصفرار الأسنان، والتهابات اللثة، ورائحة الفم الكريهة، وكيفية مواجهتها والوقاية منها.
يقول الدكتور رامي عزالدين، مختص بزراعة الأسنان: إن التسوس يعد من أكثر المشكلات التي تصيب الأسنان، فهو مرض بكتيري في الأصل، يؤدي إلى تلف يصيب الأسنان ويتحول إلى ثقوب سوداء صغيرة مع مرور الوقت، ويمكن أن تتوسع هذه الثقوب محدثة خللاً في طبقة العاج وبالتالي تدمر السن بشكل يصعب علاجها، ولذلك يُشكل تسوس الأسنان إحدى المشاكل الصحية الأكثر انتشاراً في مختلف أنحاء العالم، كما أنه يستهدف بالدرجة الأولى الأطفال والمراهقين، وفي حال عدم معالجتها لجميع الأعمار، فإن هذه الثقوب تكبر وتتسع، ما يسبب آلاماً شديدة، والتهابات، أو فقدان الأسنان الذي يعد من المشاكل الخطيرة التي تواجه المرضى، فهي تؤثر في الجسم ككل، وتسبب قصوراً في وظيفة الفم، وعدم قدرته على أداء مهامه بشكل صحيح، كتقطيع الطعام وطحنه، ليتم بلعه وإرساله بسهولة للهضم، وأيضاً حدوث رائحة كريهة في الفم، وتغير في شكل الوجه، إضافة إلى الامتصاص العظمي المرافق، ولذلك يجب معرفة أنه لا يمكن التخلص من التسوس الذي يصيب الأسنان بشكل كامل، إلا عن طريق المعالجة عند الطبيب المختص، والهدف من طب الأسنان الحديث إعادة الحدود الطبيعية للمريض، الوظيفة، الراحة، المظهر التجميلي، النطق، الصحة، وذلك بإزالة النخور من أسنانه أو التعويض عنها، ما يجعل زراعة الأسنان عملاً متميزاً لقدرته على تحقيق هذه الأهداف، خاصة بعد التطور الكبير في هذا المجال، واستخدام التقنيات الحديثة التي جعلت من عمليات الزراعة معالجات بسيطة أقل ألماً وبنتائج أفضل مشابهة للأسنان الطبيعية.

زراعة الأسنان

يذكر د. عزالدين أن الوقاية أفضل الحلول وكذلك المحافظة على نظافة الفم والأسنان بشكل منتظم، كما تساعد على الحد من تسوس الأسنان وتبعات إهمال معالجتها، ولكن عندما تتفاقم المشكلة تكون هناك حاجة لاستعادة وظائف الفم، التي تبدأ بإعادة ترميم الأسنان المعطوبة، وتعويض ما فُقد منها، وتعرف هذه العملية باستعاضة الأسنان، حيث تعتمد على استخدام الزرعات السنية أو التعويضات الثابتة أو المتحركة، كما أن زراعة الأسنان أصبحت في الفترة الأخيرة من أكثر الظواهر انتشاراً، بسبب حاجة من تفسد أسنانهم نتيجة إحدى المشكلات السنية، إلى تبديلها بأخرى دون أن تؤثر في الشكل الجمالي للفم، فهي تدوم لوقت أطول، حيث إن زراعة الأسنان تتم باستخدام جذور صناعية من معدن التيتانيوم الخالص، الذي يتشابه مع الأسنان الطبيعية إلى حدٍ كبير، ويتمكن الشخص من الأكل، والتحدث بكل سهولة، كما أنها تمنع ضمور العظم في مكان السن المفقودة، وتحافظ عليها، وتحافظ على الأسنان الطبيعية المتبقية، كما أنها توفر للطبيب المعالج إمكانية استعاضة جذر السن والتاج وزراعة سن جديدة بدلاً من عملية النحت للأسنان السليمة المحيطة بالسن المفقودة، كما تعيد الثقة بالنفس، والتي تمنحك حياة طبيعية.

الاصفرار

يوضح الدكتور أحمد عامر طبيب مختص تجميل وعلاج الأسنان بالليزر، أن اصفرار الأسنان ظاهرة نتيجة عدة أسباب مختلفة، كالتقدم في العمر، وعدم تنظيف الأسنان بشكل منتظم ودقيق، وتناول الأطعمة التي تحتوي على ألوان، كما يسهم وجود بعض الأمراض في تغير لون الأسنان مثل الإشعاعات المستخدمة للرأس والعنق أو في العلاج الكيميائي لمرضى السرطان، أو تناول بعض الأدوية يؤثر في لون الأسنان، كأنواع معينة من المضادات الحيوية للأطفال التي يتناولونها قبل عمر الـ 8 سنوات، وغسول الفم الذي يحتوي على مادة الكلورهيكسيدين، وبعض الأدوية النفسية، أو التي تتعلق بضغط الدم، كما أن استعمال بعض أنواع الحشوات المعدنية أو التركيبات السنية السيئة يؤدي أيضاً إلى اصفرار أو تغير لونها إلى الداكن، وكذلك استخدام المضمضات الفموية بشكل عشوائي ولمدة طويلة يترك اللون الأصفر على الأسنان وباطن الخدين واللسان، والجدير بالذكر أن اصطباغ الأسنان الناتج من العوامل الخارجية، يمكن إزالته بكل سهولة في عيادة طبيب الأسنان خلال عمليه التنظيف وتلميع أسطح الأسنان، وتتم معالجة تصبغ الأسنان الخفيف بالمواظبة على استخدام الفرشاة بشكل دائم وصحيح.

تقنيات تزيل التصبغ

يبين د. عامر أن هناك العديد من التقنيات الحديثة التي تساعد على إزالة الاصفرار الشديد، ومنها على سبيل المثال قشرات الفنيير التي تعطي ابتسامة أكثر بياضاً وأسناناً في غاية التناسق والترتيب، وتقنية الموجات الصوتية وتيار الهواء والماء القوي الذي يعمل على تلميع وتنظيف طبقة المينا، أو تبييض الأسنان باستخدام ضوء الـ LED، ونوع معين من الجل الذي لا يضر بطبقة المينا، ولا ينتج عنه أي تحسس، أو الشعور بخشونة في السن، ما ينتج عنه تبييض الأسنان بدرجة معقولة وطبيعية، وبصورة آمنة، وهناك التبييض الدائم الذي يسمى طبقة الأمنيرز، إضافة لون للأسنان بشكل مستمر عن طريق عدسات يتم تركيبها بدون حفر أو كحت في السن الطبيعية، بمشاركة المريض في اختياره، كما تتم الاستعانة بهذه التقنية في حال الاصفرار الناتج عن حادثة أو إصابة تعرض لها الشخص، وخاصة التي تستهدف عصب السن، حيث يقوم طبيب الأسنان بتبييض السن من الداخل، وعلاج العصب المعطوب بشكل خاص، أو الاستعانة بتقنية الأمنيرز أو العدسات الملونة.

بخر الفم

تشير الدكتورة مياف رجب التحافي، طبيبة الأسنان إلى أن رائحة الفم الكريهة أو ما يسمى «بخر الفم»، من المشكلات المزعجة التي تسبب الإحراج لمن يعانيه، وهناك بعض الأسباب التي تؤدي إلى ظهوره ومنها:
– استبدال الحشوات المكسورة والتركيبات القديمة بأخرى حديثة، وعلاج كل التحفرات والنخور في الأسنان، التي من شأنها أن تكون بؤرة لتجمع البكتيريا.
– عدم تنظيف اللسان، ما يمنع إعطاء النفس المنعش، بسبب وجود أنواع كثيرة من البكتيريا التي تعيش على سطح اللسان.
– حالة المريض الصحية التي تكشف الكثير من الأمور التي تؤثر سلباً في صحة الفم والأسنان، كالإصابة بداء السكرى، الذي يسبب جفافاً في الفم وقلة إفراز اللعاب، ويؤدي إلى تراكم طبقات البلاك والتجمعات البكتيرية فيها، ما يزيد من شدة رائحة الفم غير المستحبة.
– تناول بعض الأطعمة والنكهات مثل البصل والثوم يؤثر سلباً في رائحة الفم وانتعاش النفس.
– التدخين، إضافة إلى عوامل جينية وتركيبية تدخل في بنية الأسنان.
تضيف: إن التخلص من رائحة الفم الكريهة يبدأ من تنظيف الأسنان وغسلها بالفرشاة والمعجون من مرتين إلى ثلاث يومياً، مع الحرص على استخدام الخيط الطبي لتنظيف ما بين الأسنان، وتفادي تجمع بقايا الأكل وتكون طبقة البلاك والجير التي تؤذي سطح السن واللثة كذلك.

مشكلات اللثة

يفيد الدكتور نضال فرا طبيب الأسنان، بأن نزيف اللثة من أهم الآفات التي تُصيب الأسنان، وتتعدد الأسباب المؤدية إلى ذلك، لكن السبب الأكثر شيوعاً هوالالتهاب البكتيري، الذي يحدث نتيجة عدم اتباع إرشادات نظافة الفم والأسنان بانتظام، فتتكون طبقة من البكتيريا تدعى (البلاك) على الأسنان، وعلى حدود اللثة تقوم بكتيريا البلاك بإفراز سمومها، ما يؤدي إلى التهاب اللثة، وتتفاقم مشكلة النزيف إن لم تتم إزالة البلاك على يد طبيب الأسنان، إضافة إلى وجود بعض العوامل الأخرى مثل جرح أو صدمة على اللثة، والاستخدام الخاطئ لفرشاة الأسنان أو خيط الأسنان، وتعاطي أدوية معينة كأدوية أمراض القلب وضغط الدم وأدوية التمييع، وتركيب أسنان بشكل غير صحيح كأن تكون حواف التلبيسات طويلة أو قصيرة عن حدود الأسنان، واضطراب في الهورمونات خلال فترة المراهقة أو خلال فترة الحمل، ونقص ببعض الفيتامينات كفيتامين C أوD، ووضع طقم أسنان ضيق أو غير مناسب.

نزيف اللثة

يؤكد د. فرا ضرورة تجنب التهابات اللثة، لما لها من آثار سلبية على الفم والأسنان وصحة الأشخاص، وهناك بعض العادات التي يجب الالتزام بها، كتفريش الأسنان باستخدام فرشاة أسنان متوسطة النعومة بعد كل وجبة، واستخدم خيط الأسنان مرة واحدة في اليوم على الأقل، والمضمضة بماء دافئ وملح، أو الأنواع التي تحتوي على مواد مضادة لالتهابات اللثة، وتجنب تناول الأطعمة العالية الكربوهيدرات لمنع تكون طبقة البلاك على الأسنان، وتناول المأكولات التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف، وذلك لتقوية أنسجة اللثة مثل التفاح والجزر والخبز الأسمر، وزيارة طبيب الأسنان مرة كل ستة أشهر على الأقل، لإزالة طبقة البلاك التي يصعب الوصول إليها باستخدام الفرشاة، كما يجب الالتزام بالإرشادات الوقائية التي ينصح بها أطباء الأسنان للكبار والصغار، لننعم بأسنان جيدة وقوية، ونحافظ على صحة الفم، دون مشكلات أو آفات، كتجنب الإكثار من الأكل بين الوجبات الرئيسية، لأن ذلك يزيد احتمالية تراكم الجير على الأسنان، ومن ثم الإصابة بالتسوس، والحد من تناول المشروبات الغازية، والإقلاع عن التدخين وشرب القهوة، والاعتناء بالأسنان، بتنظيفها بالفرشاة والخيط بانتظام.

الطباعة ثلاثية الأبعاد

يشهد طب الأسنان تطوراً تكنولوجياً هائلاً، حيث أصبحت الطباعة ثلاثية الأبعاد تغير من كيفية صناعة التيجان والجسور التي كان يتم صناعتها تقليدياً باليد وبشكل يدوي مع مراحل طويلة في مختبر الأسنان، كما أصبح من السهل إعادة تصميم التيجان السنية والجسور وأجهزة التقويم للأسنان الشفافة، حيث توفر هذه التقنية تكوين جسم ثلاثي الأبعاد من خلال وضع طبقات رقيقة متتالية من مادة ما، فوق بعضها بعضاً باستخدام الحاسوب، الذي يحدد بواسطته الشكل المطلوب طباعته، كما أنها تقوم بالعمل الشاق في مختبرات الأسنان، كما يتم من خلالها استغلال كفاءات التصميم الرقمي إلى مرحلة الإنتاج والتصنيع، من خلال الجمع بين تقنية المسح الضوئي عن طريق الفم، والتصميم بمساعدة الحاسوب والتصنيع بمساعدة الكمبيوتر CAD / CAM والطباعة 3D.

شاهد أيضاً