الدوامات القمرية الغامضة توجِّه الأنظار إلى الماضي البركاني المغناطيسي للقمر

قد يكون انحلّ أخيرًا لغز الدوامات القمرية (ظاهرة من ظواهر نظامنا الشمسي الجامعة بين الغرابة والجمال) نتيجة دراسة أجراها باحثون من جامعة روتجرز وجامعة كاليفورنيا في بركلي؛ ويتطرق حلّهم إلى ديناميكية القمر في الماضي، حين كان ذا نشاط بركاني ومجال مغناطيسي داخليّ المنشأ، ويغيِّر تصوُّر الباحثين لجيولوجيا القمر.

وتبدو الدوامات القمرية كأشكال ساطعة متموجة على سطح القمر الداكن، وأشهرها -ولا سيما بين المبتدئِين المولعين بالفلك- دوامة رينير جاما البالغ طولها نحو 64 كم؛ ومن الخصائص المشتركة بين تلك الدوامات أن في موقع كل منها مجالًا مغناطيسيًّا قويًّا، ويحتمَل أن العلامات الساطعة والداكنة تلك تكونت لأن هذه المجالات المغناطيسية تُبعد جزيئات الرياح الشمسية، فتُبطِّئ تغيُّر شكل سطح القمر عندها.

قالت سونيا تيكو، المشاركة في هذه الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في قسم الكواكب من مجلة جيوفيزيكال ريسيرش، والأستاذة المساعدة في قسم علوم الأرض والكواكب في حرم جامعة روتجرز الموجود في نيو برونزويك «لطالما ظل سبب تكوُّن تلك المجالات المغناطيسية -وتكوُّن الدوامات ذاتها لغزًا، ولِحلّه كان علينا أن نعرف الخصائص الجيولوجية التي قد تُنشئ مثل هذه المجالات، وسبب قوّتها المغناطيسية الهائلة.»

أعد الباحثون نماذج رياضياتية «للمغناطيسات» الجيولوجية، اعتمادًا على ما هو معلوم عن الهندسة المعقدة للدوامات القمرية، ونقاط قوة المجالات المغناطيسية المرتبطة بتلك الدوامات؛ فخلصوا إلى أن كل دوامة لا بد أن يكون تحتها شيء مغناطيسي دقيق نسبيًّا وقريب من سطح القمر.

يقارِب هذا التصوُّر: أنابيب الحمم البركانية، وهي قنوات طويلة دقيقة تكونت أثناء الاندلاعات البركانية؛ وجيوب الحمم النافذة، وهي صفائح رأسية من صُهارة تسربت في القشرة القمرية.

سونيا تيكو، الأستاذة المساعدة في قسم علوم الأرض والكواكب في حرم جامعة روتجرز الموجود في نيو برونزويك، وهي تنظر إلى عينات صخرية قمرية في طبق بِتري. حقوق الصورة: نِيك رُومانِنْكُو/جامعة روتجرز

لكن هذا يثير سؤالًا: كيف لهذه الأنابيب والجيوب أن تكُون بتلك القوة المغناطيسية الهائلة؟ تكمن الإجابة في التفاعل الفريد الذي حدث على القمر وقت تلك الاندفاعات القديمة (قبل 3 مليارات عام).

اكتُشف بتجارب سابقة أن صخورًا قمرية كثيرة تصبح شديدة المغناطيسية حين تُسخَّن حتى 600 درجة مئوية في وَسَط خال من الأكسجين، لأن بعض المعادن تتحلل بالحرارة العالية فيَنتج عنها الحديد الفلزي، وفي حالة وجوده بالقرب من مجال مغناطيسي قوي فإنه يتمغنط على طول اتجاه ذلك المجال.

لا يحدث هذا عادةً على الأرض، حيث يرتبط الأكسجين الحر بالحديد؛ ولن يحدث هذا على القمر حاليًّا، لعدم وجود مجال مغناطيسي شامل ليمغنط الحديد.

لكن في دراسة نَشرت تيكو نتائجها العام الماضي وجدَت أن المجال المغناطيسي القديم للقمر بقي مليار-مليارَيْ عام ونصف فوق المُدة التي ظنها العلماء من قبل، وربما زامَن هذا تكوُّن أنابيب الحمم أو جيوب الحمم التي قد يتمغنط محتواها الحديدي تمغنطًا شديدًا ما إن يبرد.

وأضافت تيكو «لم يَسبق أن التفت أحد إلى هذا التفاعل قط في محاولة تفسيره لتلك الخصائص المغناطيسية القوية. كان هذا آخر ما نحتاج إليه لفهم المغناطيسية المسبِّبة لتلك الدوامات القمرية.»

والخطوة المقبلة: إطلاق بعثة إلى دوامة من تلك الدوامات لدراستها دراسة مباشرة؛ وتيكو بالفعل عضو في لجنة تحاول اقتراح إرسال عربة فضائية لإجراء تلك الدراسة.

The post الدوامات القمرية الغامضة توجِّه الأنظار إلى الماضي البركاني المغناطيسي للقمر appeared first on مرصد المستقبل.

Original Article

شاهد أيضاً