التصاق اللسان مشكلة مرضية تعيق تغذية الأطفال

يصاب العديد من الأطفال بمرض التصاق اللسان في سن مبكرة، وهذه الحالة تسبب لهم مشاكل كثيرة، مثل عدم القدرة على الرضاعة الطبيعية بشكل سليم وكذلك مشاكل في التحدث، وعدم القدرة على نظافة الفم بصورة جيدة.
ويسمى التصاق اللسان أيضاً بحالة عقد اللسان، وفيها يصعب تحريك الصغير للسان بحرية وسلاسة، وذلك لأن الأنسجة الملاصقة للسان والمتصلة بأسفل الفم تكون قصيرة للغاية، وأحياناً تصبح متصلة بمقدمة اللسان وبالتالي تعيق مقدرة اللسان على الحركة الحرية المعتادة لدى الأطفال الأصحاء.
يصنف بعض الأطباء التصاق اللسان على أنه من العيوب التي يولد بها الطفل، وله عدة أنواع وأشكال، كما يمكن أن يسبب مخاطر حقيقية على الطفل المصاب، لأنه يؤثر في قدرة الطفل على الأكل والتغذية.
كما أن التصاق اللسان مشكلة منتشرة بين نسبة ليست قليلة من الأطفال، وتحتاج إلى علاج ليعود الصغير إلى الحالة الطبيعية، ولحسن الحظ فإن العلاج لهذه المشكلة فعال ويأتي بنتيجة جيدة، ولكن يجب عدم إهمال هذه الحالة ومعرفة مدى العيب وهل هو مقبول ويمكن التعايش معه؟، أم يحتاج إلى جراحة عاجلة.
ونتناول في هذا الموضوع مشكلة التصاق اللسان لدى الأطفال الصغار بالتفصيل، مع كشف الأعراض والعلامات التي تظهر على المصابين، بالإضافة إلى عرض وسائل وطرق العلاج المتنوعة والحديثة لهذا المرض.
عيب يولد به
يوضح الأطباء المختصون أن مشكلة التصاق اللسان يعد أحد العيوب التي تولد مع الطفل ويمكن أن تكون لها علاقة ببعض العوامل المتداخلة، فهي ربما لها مسببات جينية ووراثية، وكذلك نتيجة حدوث اضطرابات في تكوين الجنين خلال فترات نموه داخل رحم الأم، بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى.
ويلاحظ أن ربط اللسان حالة منتشرة ولكنها أكثر شيوعاً لدى الذكور، ونسبة الفتيات المولودة بهذه المشكلة بسيطة إذا ما تم مقارنتها بالذكور، وفي مجمل الحالات التي لا تصاب فإنها لا تعتبر خطيرة، ولكن يجب عرض الطفل على الطبيب المتابع، ليحدد درجة العيب وما يجب عمله نحو الصغير.
ويمكن أن تكون درجة العيب في التصاق اللسان مقبولة وبسيطة، وفي هذه الحالة لا يوجد قلق على الصغير، أما في حالة وجود عيب كبير في التصاق اللسان، فسوف يؤدي إلى مشكلة كبيرة في عملية الرضاعة للصغير، مما يؤدي إلى مشاكل ضخمة في التغذية والنمو يعقبها مضاعفات تعرض حياة الطفل للخطر، لأنه في وقت يتسم بوتيرة النمو السريعة والتي تحتاج إلى غذاء جيد.
ويجد الصغير صعوبة بالغة في امتصاص الحليب لا تمكنه من الوصول إلى لبن الأم، ويفشل الطفل بالفعل في الرضاعة والتغذية، فينعكس ذلك بالسلب على وزن الصغير وصحته ونشاطه ونموه، كما يترك أضراراً بالغة على تطور الفم وطريقة تناول الطعام والبلع.
قصر اللجام والوراثة
وتحدث مشكلة التصاق اللسان بسبب قصر «اللجام» لدى الطفل المصاب، واللجام هو النسيج اللحمي الذي يربط اللسان بقاع الفم، وقصر اللجام أو كونه مشدوداً أكثر من اللازم هو ما يسبب هذا العيب الخلقي.
وتختلف درجة قصر اللسان من طفل لآخر، ويتم التعرف إلى ذلك من خلال مدى قدرة الصغير على تحريك لسانه من عدمه، مما يؤدي في النهاية إلى تقيد حرية اللسان مقارنة بالحالات الطبيعية.
وتتراوح مشكلة اللجام بين القصير أو السميك أكثر من اللازم أو المشدود بدرجة تجمد حركة اللسان، وكذلك تختلف درجة الالتصاق من البسيط إلى المتوسط وتصل إلى الشديد الذي يمنع حركة اللسان.
كما يتوفر عدد من المسببات والعوامل التي تؤدي إلى مشكلة التصاق اللسان، والذي يتم اكتشافه في وقت مبكر لدى الأطفال، لأن الصغير يولد ولديه هذه المشكلة في اللسان.
وينتج التصاق اللسان عن وجود العوامل الوراثية، فالطفل يحمل الجينات المسببة للمرض عن طريق أحد الوالدين أو كليهما، وكذلك من خلال أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى.
وتناول الأمهات للخمور والمخدرات يزيد من فرص إصابة الطفل المولود بحالة التصاق اللسان، وتحدث هذه المشكلة أيضاً لدى بعض الأطفال الذين يعانون من أمراض وراثية أخرى، ومنهم صغار المرضى بحالة متلازمة الجنين الكحولي.
عدم التحريك والبروز
يظهر الكثير من الأعراض نتيجة الإصابة بمرض التصاق اللسان لدى الأطفال، وأوضح هذه الأعراض عدم مقدرة الصغير على رفع اللسان، وتلاحظ الأم ذلك من خلال عدم وصول اللسان إلى الأسنان العلوية.
ولا يستطيع الطفل تحريك أطرف اللسان في أي اتجاه داخل الفم مثل الأطفال الأصحاء، كما يلاحظ أفراد الأسرة بروز لسان الصغير من أمام الأسنان الأمامية بشكل واضح.
تحدث حالة من الاضطراب في النطق، ويصعب على الطفل الكلام وإخراج الحروف السهلة، نتيجة عدم القدرة على تحريك اللسان، وتظهر مشاكل واضحة في نطق بعض الحروف، ومنها الراء والدال والنون والتاء والسين وغيرهم.
فشل الرضاعة
ويجد الصغير كذلك صعوبة في عملية المصّ والرضاعة الطبيعية أو عن طريق الببرونة وزجاجات اللبن الصناعي، يظهر اللسان بصورة غريبة عند محاولة الطفل إخراجه من الفم ويأخذ شكل القلب.
كما يتحول الصغير من عملية مصّ اللبن لصعوبتها إلى المضغ وهو ما يسبب مشاكل كبيرة وتشققات والتهابات للأم، ويصدر صوت أثناء الرضاعة نتيجة فشل عملية مص اللبن، وتصبح عملية الرضاعة غير مفيدة.
يبدو على الرضيع حالة التعب الإرهاق مع أول محاولات الرضاعة، نتيجة المجهود الذي يبذله دون جدوى، وكذلك بسبب الضعف الذي يصيبه من قلة العناصر الغذائية.
ويحدث ثبات لوزن المولود أو ينتج نقص بسبب سوء التغذية، مع ضيق الطفل من عملية الرضاعة الطبيعية ويبعد بشكل متكرر عن الأم، ويصاب بمشكلة المغص والغازات وانتفاخ البطن، لأنه يقوم بإدخال هواءً كثيراً أثناء عملية الرضاعة غير الصحيحة، وبالتالي يحدث له آلام شديدة في البطن ويتلوى منها، وتنتابه حالة شديدة من عدم الراحة.
تلجأ الأم للطبيب فوراً في حالة كان التصاق اللسان يسبب مشاكل كبيرة في الرضاعة ويعيق الطفل عن التغذية السليمة، وأيضاً في حالة الطفل الأكبر سناً والذي يحدث له اضطرابات كبيرة ناتجة عن هذه الحالة المرضية.
تسوس الأسنان
يصاب الطفل الذي يعاني من مشكلة التصاق اللسان بتسوس الأسنان، نتيجة فقدان القدرة على نظافة الفم بالشكل الصحيح، كما يحدث التهابات متكررة في اللثة وصدور روائح كريهة من الفم.
تظهر فجوات واضحة أو مسافة بين بعض الأسنان الأمامية وكذلك السفلية، ويجد الطفل صعوبة بالغة في لعق الشفتين أو لعق الآيس كريم أو أي طعام يحتاج إلى عملية اللعق، وكذلك لا يستطيع العزف على الأجهزة الموسيقية التي تحتاج إلى النفخ مثل الناي.
ويعاني بعض الأطفال الأكبر سناً المصابين بهذه المشكلة من مشاكل مستمرة في عملية البلع بعد مضغ الأغذية أو خلل في إفراغ الفم من الطعام.
يتعرض الكثير من الأطفال ملتصقي اللسان من صعوبات اجتماعية، حيث يفقد التواصل الجيد مع الآخرين نتيجة صعوبة التحدث، بالإضافة إلى عدم القدرة على تناول الغذاء مثل بقية المحيطين بهم.
الجراحة فعالة
يتوفر طرق فعالة لعلاج مشكلة التصاق اللسان، فإذا كان الالتصاق عند الطفل خفيفاً، فيمكن التعايش معه، طالما لا يسبب مشاكل للصغير تعيق طريقة حياته، ومع الوقت سوف يعدل النمو من حالة اللسان ويعود تدريجياً إلى حالته الطبيعية.
ويعتمد الطبيب على العمليات الجراحية في حالة كان الالتصاق واضحاً ويؤثر في الصغير، وهي عمليات بسيطة للطفل ليس منها ضرر على الطفل.
ويوجد عمليات رأب اللجام وهي عملية سهلة أيضاً، وفيها يستأصل الطبيب اللجام، باستخدام التخدير الكلي أو التخدير الموضعي حسب ما يراه مناسباً.
وتستخدم تكنولوجيا الترددات اللاسلكية في عمليات جراحة التصاق اللسان وغالباً ما تكون بواسطة التخدير الموضعي، وتستغرق حوالي 60 ثانية فقط أو أكثر قليلاً، ويعود الطفل بعدها مباشرة إلى الرضاعة الطبيعية.

الذكور أكثر إصابة
تشير دراسة حديثة إلى أن مرض التصاق اللسان يصيب حوالي من 6% إلى 11% من الأطفال حديثي الولادة، وتوصلت دراسة أخرى إلى أن الأمهات اللاتي لديهن تاريخ في إدمان الكوكايين، يصبحن الأكثر تعرضا لإنجاب صغار مصابين بهذا العيب الخلقي في اللسان.
توضح الدراسة أن هذه المشكلة تنتشر أكثر لدى الأطفال الذكور أكثر منها لدى الإناث، وخاصة عند الصغار الذين يعانون بعض الأمراض الوراثية.
ينقسم التصاق اللسان إلى عدة أنواع، الأول وفيها يرتبط طرف اللسان باللجام من أمام حافة اللثة الأمامية، أما النوع الثاني يكون الالتصاق ممتد حوالي متوسط 3 سنتيمترات خلف طرف اللسان، ويصبح الارتباط بحافة اللثة أو من خلفها.
ويوجد نوع ثالث من التصاق اللسان وهو ارتباط منتصف اللسان مع وسط قاعدة الفم، وهذا الارتباط أكثر قوة وقليل المرونة، والنوع الأخير يصب فيه الارتباط من الجزء الخلفي للسان، ويكون هذا الارتباط مرن وغير سميك وأقلهم ضررا.
وتنصح الدراسات بسرعة علاج هذه المشكلة المرضية، لأنها تؤثر في الطفل ويمكن أن تسبب له حالات نفسية مزعجة، وتقوده إلى الانعزال وتجنب الأصدقاء وكذلك الإصابة بالاكتئاب.

شاهد أيضاً