الأعشاب الطبية..سلاح ذو حدين

تحقيق: راندا جرجس

يعتبر العلاج بالأعشاب الطبية جزءاً من الطب التقليدي منذ آلاف السنين، وموجود في الثقافات المختلفة والحضارات القديمة لجميع الشعوب، حيث يتم استخدامه لأغراض متنوعة بهدف الوقاية أو علاج للأمراض الجسدية والعقلية المنتشرة، كما أن الطبيعة المحيطة بنا تهدينا الكثير من النباتات والبذور العشبية التي تحتوي على فوائد صحية عديدة، وعلى الرغم من أن النتائج الجيدة التي تظهر مع استخدام الأعشاب الطبية، إلا أن الإكثار منها أو الاستعمال غير المدروس يعطي نتائج عكسية، تؤدي في بعض الحالات إلى مشكلات خطيرة، وآثار سلبية.
يقول الدكتور أحمد عبد الحميد مختص الأمراض الباطنية، إن طب العلاج بالأعشاب يحظى باهتمام خاص من قبل الأطباء وشركات الدواء في الآونة الأخيرة، بعد أن تم إثبات فاعليته في العديد من الأبحاث الطبية الموثقة، حتى أن هناك بعض الجامعات، وخاصة في الصين تقوم بتدريسه، كما أن بعض الدول المتقدمة اعترفت بفاعليته كبديل للطب العلاجي التقليدي، وبحسب التقديرات فإن 80% من سكان بعض دول آسيا، وإفريقيا يستخدمون الأعشاب الطبية في كثير من النواحي العلاجية، وهنا تجدر الإشارة إلى وجود علاقة بعض الأعشاب الطبية المستخدمة في كثير من المستحضرات الطبية الدوائية لعلاج أمراض الجهاز الهضمي، ومنها:
– السليمارين: وهو مادة تستخلص من أحد نباتات البحر المتوسط، تسمى نبتة الشوك الميرمية، التي تعد أحد مضادات الأكسدة التي تقلل من تليف الخلايا الكبدية، وأشهر المواد الطبيعية الداعمة للكبد، كما أنها تساعد على تجدد خلايا الكبد، وخاصة في حالات الالتهابات، والكبد الدهني.
– الألياف الغذائية: التي تعرف بأنها مواد غير قابلة للهضم أو الامتصاص عند الإنسان، وتحتوي على فوائد كثيرة في تنظيم حركة الجهاز الهضمي، وعلاج الإمساك كما وجد أن لها بعض الخصائص في الحماية ضد سرطان القولون، وهي تتوفر في أنواع كثيرة من الفواكه، الخضراوات، الحبوب الكاملة، ويُنصح بتناول 20 جراما على الأقل يومياً منها.
– مشروبات عشبية: مثل الزنجبيل الذي يساعد على التخلص من الغازات، علاج تقلصات الأمعاء، وأعراض القولون العصبي، كما أن الكراوية، اليانسون، والكمون، من النباتات العشبية المهمة في تقليل تهيج الغشاء المبطن للجهاز الهضمي، علاج التهاب المعدة، ويعتبر نبات النعناع معالجا مفيدا لعسر الهضم، الانتفاخ، يهدئ تقلصات الأمعاء، حيث إنه منشط للغدد اللعابية والأنزيمات الهاضمة، بالإضافة إلى انه مضاد طبيعي للبكتيريا المسؤولة عن التسوس/ لهذا يدخل في صناعة مطهرات الفم، ومعاجين الأسنان، وللقرنفل أيضاً تأثير في تحسين رائحة النفس، ومضاد طبيعي للغثيان.

مشكلات عشبية

يوضح د. أحمد أنه على الرغم من الفوائد الكثيرة للأعشاب للجهاز الهضمي، إلا أنها تكون غير مستحبة في بعض الحالات، وربما ترتقي إلى مستوى الموانع مثل استخدام الألياف الغذائية لمرضى الداء الزلاقي، المعروف بمرض حساسية القمح، والقولون العصبي، حيث إن الإكثار منها يؤدي إلى زيادة الأعراض، كما يعد مشروب القهوة، فصوص الثوم، والحمضيات من الأشياء التي يجب تفاديها في حالات التهابات المعدة، ارتجاع المريء حيث إن الإكثار منها يفاقم علامات الإصابة، ويسبب الإسراف في تناول الشاي الأخضر والبلوط ارتفاعا في أنزيمات الكبد، لذلك يجب الإشارة إلى أن العلاج العشبي، لا يغني عن الأدوية التقليدية في معظم الأمراض.
يضيف: يجب الانتباه إلى مصدر الأعشاب الطبية، في حال تصنيعها من قبل شركات غير متخصصة بالمستحضرات الدوائية، واستشارة الطبيب قبل استخدامها، في حالات مرضى الكبد والكلى، فربما يؤدي تناولها بكميات أو شكل غير مدروس إلى نتائج عكسية تصل إلى حد التسمم العشبي، كما أن تفاعلها مع الأدوية ينجم عنه آثار جانبية، ومضاعفات بسبب زيادة أو انخفاض مفعول الدواء، وخاصة مع الحوامل والأطفال وكبار السن.

فوائد الأعشاب

تقول أخصائية التغذية أريج الموسى إن الأدوية العشبية هي أدوية نباتية مصنوعة من توليفات عديدة من الأجزاء النباتية كالأوراق، الزهور، الجذور، البذور أو مزيج منها، ولكل جزء استخداماته الطبية، كما أن هناك أنواعا عديدة من المكونات الكيميائية التي تتطلب طرق استخراج مختلفة، وتعتبر السبب الأكثر شيوعاً في لجوء الأشخاص لطب الأعشاب، لأنها أزهد ثمناً من العقاقير، كما أنها تقلل من تناول الأدوية ذات التركيبات الكيميائية (الاصطناعية)، إضافة إلى الاعتقاد الشائع بأن الأعشاب إن لم تحقق الفائدة فهي لن تضر، وهي توجد بأشكال متعددة كالشاي، الشراب، الزيوت الأساسية، المراهم، زيوت التدليك، الكبسولات، والأقراص التي تحتوي على مسحوق، أو مجموعة من المساحيق العشبية، ومن الأنواع المنتشرة في المنطقة ولا تخلو منها المنازل: البابونج، الشبث، الشمر، الشاي الأخضر والأحمر، أوراق الثوم، البقدونس، النعناع، الزعتر، إكليل الجبل، الحلبة وغيرها، ويتم اللجوء إليها في حالات آلام البطن، صعوبة التنفس، علاج القروح، الجروح، والتهابات الشعب الهوائية، السعال، التحكم بالشهية، وتحسين الهضم.
تضيف: هناك بعض الآثار السلبية للأعشاب، فعلى الرغم من الفوائد المتعارف عليها لبعضها، إلا أن ما يفيد مع فئة معينة من الأشخاص، يمكن أن يسبب أضرارا خطيرة مع غيرهم، أو يكون العلاج العشبي غير فعال في علاج الحالة الصحية، وبالتالي تكون إضاعة الوقت وربما ينجم عنها تفاقم الوضع الصحي، وصعوبة نجاح العلاج الدوائي بسبب تأخر البدء فيه، كما يجب الانتباه عند استخدامها مع الحامل وحديثي الولادة، حيث إن الطفل يمتلك جسدا ضعيفا ومناعته أقل من الكبار، وربما يتفاعل العلاج العشبي بطريقة غير متوقعة، ولذلك نحن في حاجة إلى المزيد من الأبحاث والدراسات عن الأدوية العشبية، حول كفاءتها وآثارها، والكمية المسموح تناولها لكل فئة عمرية، دون التأثير على الصحة العامة، بالإضافة إلى الحاجة الماسة لدراسة الكفاءة السريرية للعديد من الأعشاب الشائع استخدامها.

نباتات عشبية علاجية

تشير الدكتورة دينا البلتاجي أخصائية التغذية، إلى أن علم استخدام الأعشاب والبذور في علاج بعض الأمراض والمشكلات الصحية أو التخفيف منها ومن مضاعفاتها من العلوم الواسعة الانتشار، حيث يمتلك كل نوع من الأعشاب والبذور ميزاته الخاصة التي تجعله صالحاً لاستخدامات معينة، فمثلا هناك ما هو مناسب لعلاج أمراض المعدة، وبعضها لتداوي العظام وآلام المفاصل، الكلى ومن أهم هذه الأعشاب والبذور:
– الزعتر، وهو نبات طيب الرائحة، مهضم، مضاد للتخمرات المعوية والمعدية، ويؤخذ مضافا إليه زيت الزيتون، كما أن بذوره مع العسل تعطي نتائج ممتازة في حالة التهابات الشعب التنفسية بما في ذلك السعال الديكي والربو، وعلاج الصداع والشقيقة واضطرابات المعدة، واحتقانات الكبد، وتهدئة الآلام الناشئة عن تحركات الحصى في المثانة.
– اليانسون، الذي يستخدم كفاتح للشهية، طارد للغازات، مهدئ عصبي خفيف.
– البابونج، وهو يستخدم في الإسعافات الأولية في حالة الإسهال، المغص المعدي والمعوي، والمرارة، كما أن الكمادات منه تساعد على الشفاء من الالتهابات الجلدية بسرعة، واستنشاق مغلي البابونج يزيل الالتهابات من التجاويف الأنفية والجبهية ويقضي على جميع الجراثيم الموجودة هناك بمدة قصيرة، ويساعد البابونج في طرد الغازات المتولدة في الأمعاء، ومعالجة قرحة المعدة.
– أوراق الغار، التي تحسن من عملية الهضم، وتخفف الإصابة بالاضطرابات المعوية والإمساك بشكل سريع، وتعالج حموضة المعدة وحرقتها، لاحتوائها على نسبة كبيرة من الأنزيمات العلاجية، كما تلعب دوراً في الحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وأثبتت الدراسات أنها تساعد في تخفيض مستوى السكر في الدم، وتنظيم عمل الأنسولين.
– الزعرور، الذي تعتبر أهم خواصه الأساسية تنظيم الأعصاب وتهدئتها، إذ إنه يؤثر على أعصاب القلب ويقويها، ومهدئ لهيجان الشرايين، فيجعلها مرنة لانسياب الدم.
– الزعفران، وهو فعال في محاربة الاكتئاب لاحتوائه على مجموعة من مضادات الأكسدة، كما أن له دوراً في ضبط ضغط الدم لأن فيه نسبة جيدة من البوتاسيوم، كما يعمل على الوقاية من فقر الدم لاحتوائه على الحديد.
– كبش القرنفل، الذي يملك الأثر الفعال في تسكين ألام الأضراس، لتمتعه بتأثيرات تعمل كمطهر عام ومضاد للفيروسات، كما يفيد في معالجة الربو، السعال، نزلات البرد وكذلك مشكلة التهاب الشعب الهوائية، وانسداد الجيوب الأنفية.
– الحلبة، وهي نبات غني بالبروتين، النشا، والفسفور، ويشيع استخدامها بعد الولادة مباشرة لزيادة إفراز الحليب، وتوصف أيضا لمن يشكو قلة الوزن وضعف الشهية.
– أوراق الشاي، التي تحتوي على مادة تسمى «شايين» وهي تشبه الكافيين الموجود في القهوة، وهي مادة تعمل على تنبيه الأعصاب، مقوية للقلب عند استعمالها باعتدال، كما يحتوي الشاي على مادة التوفيلين المدرة للبول، ولذلك يعتبر هذا النبات مفيدا في بعث النشاط للجسم، علاج الصداع، والمساعدة على الهضم، إذا تناوله الأشخاص بعد الطعام بثلاث أو أربع ساعات، كما يفيد في دفع العطش ومساعدة الجسم على مقاومة الحر.
– الميرمية، التي تستخدم كمضاد للالتهابات، الجراثيم، ومطهر للجهاز الهضمي، وطارد للغازات، كما أنها مفيدة لصحة الفم والأسنان.

تفاعل الأعشاب والأدوية

يعتقد الكثير من الأشخاص أن التداوي بالأعشاب لا يحمل المخاطر مثل العلاج بالأدوية الكيميائية، غير مدركين أن هذه الأعشاب سلاح ذو حدين، وما يعطى نتيجة جيدة مع شخص، ربما يحدث العكس مع الآخر، وأن الأدوية أو الأعشاب كلاهما يحمل آثاراً سلبية قد ينجم عن تناولها دون استشارة الطبيب أضرار أكثر بكثير مما يعتقدون، وغير مدركين أيضاً أن استعمالهما معاً ربما يؤدي إلى تفاعل يهدد حياة المريض، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الثوم والزنجبيل تزيد من سيولة الدم مثل الأسبرين، ولكن يمكن أن يحدث عنها أيضاً نزيف حاد، وكذلك المشروبات مثل القهوة أو التي تحتوى على مادة الكولا، فهي تزيد من الآثار الجانبية لمضادات الالتهاب والمسكنات غير الأسترودية، وينتج عن تناولها حدة التهابات المعدة والأمعاء وتزيد من تهيج الجهاز الهضمي.

شاهد أيضاً