وسائل التواصل تتحدى مقص الرقيب

القاهرة: «الخليج»

لا يزال الجدل مستمراً حول دور الرقابة على الأعمال الفنية، ففيما يتهمها البعض بمصادرة رؤى المبدعين والحجر على إبداعاتهم، يرى آخرون أن الرقابة دورها ضروري، حيث يساهم مقص الرقيب حسب رؤية هؤلاء في الحد من أضرار وسلبيات قد يتركها العمل الفني على المشاهدين.الجدل القديم تصاعد بعدما لجأ صناع الأعمال الفنية في الآونة الأخيرة، لاستغلال مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا وجود لأي رقابة من أي نوع عليها، لعرض بعض المشاهد من أعمالهم الفنية، والتي جار عليها مقص الرقيب، في محاولة منهم لاجتذاب قطاعات كبيرة من مرتادي تلك المواقع لمشاهدة أعمالهم.
اعترض جهاز الرقابة على المصنفات الفنية على العديد من الأفلام لأسباب مختلفة، منها ما يتعلق بالأخلاق العامة والحفاظ على الآداب، ومنها ما يتعلق بالسياسة والأمن القومي وغيرها من الأسباب التي تراها الرقابة منطقية، بينما يراها المبدعون مجرد تقييد للحريات، لكن اللافت لهذا الأمر أن الرقابة تلعب دوراً كبيراً في الدعاية للأفلام التي تعترض عليها دون قصد، وذلك بسبب عالم «السوشيال ميديا»، الذي يؤثر في الجماهير بشكل غير عادي من خلال مواقع التواصل «فيسبوك وتويتر وإنستجرام»، حيث يتناول روادها على صفحاتهم الحديث عن الرقابة والأعمال المرفوضة، ما يثير الفضول عند الكثير من الناس ليتعرفوا إلى هذه الأزمات، وبمجرد انتهاء المشاكل بين الرقابة وصناع هذه الأفلام يتابع الكثير من الجمهور، لدرجة أن هناك العديد من الأعمال حققت نجاحها بسبب خلافاتها مع الرقابة، مثل أفلام «لا مؤاخذة» الذي ناقش التعصب الديني والخجل من الكشف عن الديانة في مصر لدى بعض المسيحيين.
كما فشل صناع فيلم «حلاوة روح» في الحصول على تصريح الرقابة في بادئ الأمر، وحدثت أزمة كبيرة حينها، وتصاعدت الأزمة بعد عرض الفيلم، خصوصاً بعد قرار رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب وقف عرض الفيلم، حيث جاء قراره إثر موجة انتقادات تعرض لها الفيلم على خلفية بعض مشاهد الإغراء فيه، وذلك بعد أسبوعين فقط على انطلاق عرضه في صالات السينما.
أيضاً من الأفلام التي أثارت أزمة كبيرة مع الرقابة فيلم «اشتباك» للمخرج محمد دياب، وذلك لأن موضوعه شائك، حيث تدور أحداثه حول الانقسامات السياسية التي عاشها المجتمع المصري، خلال أحداث ثورة يناير 2011، غير أن الفيلم شارك رسمياً في قسم «نظرة ما» خلال الدورة ٦٩ من مهرجان «كان» السينمائي، كذلك فيلم «18 يوم»، الذي تناول عدة قصص عن أحداث يناير 2011، وشارك فيه 8 كتاب و10 مخرجين، ولم يتم عرضه سواء في دور العرض، أو على أي من الفضائيات، غير أنه عرض وبقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون الرقابة على المصنفات سبباً رئيسياً في انتشار هذه الأفلام وغيرها على «يوتيوب، وفيسبوك»، اللذين شهدا أيضاً خلال الفترة الأخيرة، انتشار عدد كبير جداً من الكليبات لأغان تم منع عرضها، بل وتم إلقاء القبض على من صنعوها لأنها تحرض على «الفجور».
مع انتشار مواقع التواصل التي تجذب اهتمام الملايين خاصة الشباب، لجأت شركات الإنتاج السينمائي لمحاولة استغلال الإقبال عليها للدعاية للأعمال الفنية التي تقوم بإنتاجها، وبأسلوب مبتكر وجديد من نوعه، حيث تستغل المشاهد التي تحذفها الرقابة لتعرضها عبر تلك المواقع، في محاولة لتحقيق الانتشار للعمل وزيادة الإقبال عليه، خاصة لو تضمنت تلك المشاهد المحذوفة إيحاءات ومشاهد غير أخلاقية، وهو ما قامت به شركة «دولار فيلم» في فيلمها الأخير «طلق صناعي»، الذي قام ببطولته حورية فرغلي، ماجد الكدواني، حيث نشرت الصفحة الرسمية للشركة، عبر «فيسبوك» عدداً من المشاهد المحذوفة من العمل، سواء تلك التي حذفت بسبب طول مدة عرض الفيلم أو لاعتراضات رقابية، الأمر نفسه لجأ إليه صناع فيلم «صنع في مصر»، بطولة أحمد حلمي، ياسمين رئيس، حيث طرح مخرجه عمرو سلامة، بعض المشاهد المحذوفة من الفيلم على صفحته على موقع «فيسبوك»، وكذلك على الصفحة الخاصة بالفيلم.
من جانبه أكد د.خالد عبد الجليل، رئيس جهاز الرقابة، أن دور الجهاز لا ينتهي عند مشاهدة الفيلم والترخيص بعرضه، وإنما أيضاً هو المسؤول عن إصدار التصاريح الخاصة بعرض «البرومو» أو الإعلانات الخاصة بهذه الأفلام، مشيراً إلى أنه من المفترض ألا يتم طرح أي «برومو» آخر لم تتم الموافقة عليه رقابياً.
وأضاف : أي جهة منتجة تخالف هذا الأمر تضع نفسها تحت المساءلة القانونية، والرقابة تتابع ما قامت بالتصريح به وما يعرض بالفعل سواء «البرومو» أو الفيلم نفسه.
وحول ما يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي قال عبد الجليل: الرقابة بصدد التفاهم مع الشركات التابعة لها مواقع التواصل الاجتماعي، لحل هذه الأزمة، لكن من الأساس من المفترض ألا تحدث مثل هذه الأمور من قبل الجهات المنتجة للأعمال الفنية.
وأضاف: مثل هذه المسائل كانت تغلب عليها الفوضى في الفترة الماضية، غير أنني وجهاز الرقابة نسعى جاهدين لتنظيم كل هذه الأمور من جديد، حتى لا تصبح «السوشيال ميديا» بوابة خلفية لعرض أي أعمال سبق ورفضتها الرقابة.
وعن استخدام بعض الجهات المنتجة للرقابة كوسيلة للدعاية غير المباشرة، في حال اعتراض الرقابة على بعض المشاهد، أو رفض التصريح بعرضها إلا بعد حذف هذه المشاهد، قال رئيس جهاز الرقابة، إن هذا النوع من الدعاية غير المباشرة للفيلم في طريقه للاندثار، خاصة بعد أن بدأ المشاهد يعي الهدف من ورائه.

شاهد أيضاً