«هالوين المسكون».. رحلة ممتعة مع الرعب الظريف

مارلين سلوم

ظاهرياً هو ثاني فيلم «رعب» يؤخذ عن روايات الكاتب الأمريكي روبرت لورنس ستاين والمعروف ب «أر إل ستاين»، صاحب سلسلة «صرخة الرعب» الشهيرة، الموجهة للمراهقين والأطفال والتي حققت نجاحاً عالمياً. أما فعلياً، فأنت أمام قصة مشوقة عن العلاقة بين الكاتب وشخصياته المحصورة داخل كتبه، والتي تسعى إلى التحرر منها ومنه، لتضع النهاية كما يحلو لها أن تكون. في الصالة تعيش رحلة ممتعة من التشويق والكوميديا في الجزء الثاني من «صرخة الرعب: هالوين المسكون».
إنه الرعب الظريف، الذي لا يتضمن أياً من المحاذير التي تجعلك تمنع أطفالك من مشاهدته، بل على العكس، فإن روايات «أر إل ستاين» التي استطاعت أن تحقق نجاحاً مبهراً في التسعينات ومن خلال أكثر من 62 كتاباً، هي موجهة للصغار والشباب وللأسرة كاملة؛ وتناولها في أفلام يعتبر مريحاً لأي مخرج وكاتب سيناريو، لأنها تضمن مشاهدة
عائلية بامتياز، وإقبالاً كبيراً من الجمهور.
بين 14 أكتوبر 2015 و16 أكتوبر 2018، ثلاثة أعوام تفصل بين ظهور الفيلم الأول «صرخة الرعب»، والثاني «صرخة الرعب: هالوين المسكون». نقاط كثيرة تجمع بين العملين رغم اختلاف المخرج وكتّاب السيناريو الذين شاركوا المؤلف دارن ليمكي في إنجاز العملين استناداً إلى الرواية الأصلية؛ الجزء الأول إخراج روب ليترمان وسيناريو سكوت ألكسندر، والثاني إخراج آري ساندل، وسيناريو روب ليبر. الأبطال أيضاً يختلفون باستثناء جاك بلاك الذي يجسد الكاتب ستاين، والدمى باعتبارها الشخصيات الأساسية في كل تلك السلسلة.
في العملين تجد ثلاثة أبطال، فتاة وولدين، وفي «هالوين المسكون»، يجسد البطولة جيريمي راي تايلور بدور الفتى سوني الذي يحاول تقديم مجسم عن برج تسلا المهجور والذي كان يولّد طاقة كهربائية، ليقدّمه كعمل تطبيقي في المدرسة، وتبوء كل محاولاته بالفشل. وشقيقته سارة (ماديسون أيزمان) التي تحاول كتابة مقال عن «الخوف» لتقديمه كاختبار دخول إلى جامعة كامبردج. أما الثالث فهو سام (كاليل هاريس) صديق سوني والذي يقيم عنده بسبب سفر والديه. تواجه سارة صعوبة في الكتابة عن الخوف، إلى أن تعيش لحظات من الرعب الحقيقي، بسبب مغامرات سوني وسام التي تؤدي بالثلاثي إلى لعب دور الفريق المنقذ لبلدتهم في ليلة هالوين. يعمل الولدان على جمع الخردة لقاء أجر ولو زهيد، فيتلقيان اتصالاً يطلب منهما التوجه إلى منزل مهجور لجمع الخردة، فإذا بهما أمام صندوق عجيب يحتوي على كتاب بقفل محكم، وفوق الكتاب دمية غريبة على شكل رجل صغير الحجم. لاحقاً تكشف الدمية عن حقيقتها، فهو «سلابي» بطل روايات «أر إل ستاين» المتمرد والساعي دائماً إلى التحرر من قيود الكاتب ومن أسره داخل كتاب مغلق. يعتقد الولدان أن سلابي دمية ظريفة تملك سحراً وتستطيع مساعدتهما على إنهاء فروضهما، وإنجاز مشروع «تسلا» ليقدمه سوني للمدرسة. لكن سلابي يسيطر على المنزل ويتحكم بكل شيء حتى يزج نفسه في حقيبة سارة ويحدث جلبة ومشاكل كبيرة في المدرسة.
من مميزات روايات ستاين أنها تمشي بشكل تصاعدي، حاملة معها الأحداث من مرحلة البساطة والانسيابية إلى قمة العقدة وتراكم المشاكل. سلابي لا يكتفي بالتحكم بالولدين وسارة، بل يأسر والدتهما كاثي (ويندي ماكليندن كوفي) ويحوّلها إلى دمية لأنه يحتاج إلى «ماما» كي تكتمل أسرته. يجمع كل الأشباح ويضخ الحياة في كل ما له علاقة بزينة هالوين المنتشرة في الشوارع وداخل البيوت والمحال. حالة من الفوضى والعبث في كل مكان، وعلى سارة وسوني وسام إنقاذ المدينة وأهلها وأولهم الوالدة كاثي. تتصل سارة لإبلاغ «أر إل ستاين» بالكارثة، فيسرع للمساعدة إلا أنه يصل بعد انتهاء المعركة.
تقلصت مساحة دور جاك بلاك في هذا الفيلم، فلا نراه سوى في الجزء الأخير. نفتقده وننتظر إطلالته طوال الوقت لأنه من العناصر الأساسية، ولأن بلاك ظريف ويليق به دور الكاتب غريب الأطوار، الخائف من الشخصيات التي أوجدها بنفسه. كثيرة التلميحات التي يتضمّنها العمل، خصوصاً حول أفلام الرعب التي «سرقت» أفكاراً ومشاهد أو شخصيات من روايات ستاين، مثل البالون الأحمر المتحرك وحده، حيث يصرخ ستاين (في الفيلم) بأنه كان متأكداً من أنه أول من ابتكره، في إشارة إلى سرقة صناع فيلم الرعب «إت» الفكرة منه.
تحمل الخاتمة مفاجأة حقيقية، حيث يحل الكاتب ستاين مكان سلابي، وسيكون بلا شك بطل الرواية المقبلة والشخصية المأسورة داخل الكتاب والساعية إلى التحرر منه.
الكاتب أسير رواياته ولا يعرف كيف يخرج منها، فكرة ذكية يلعب عليها باستمرار ستاين، وجاء صنّاع الفيلم ليجسدوها بإتقان وسلاسة كي يستوعبها الصغار كما الكبار. الإنتاج لشركة سوني، الإخراج والتصوير والتحريك والمؤثرات والموسيقى المرافقة، والإفيهات والنكات والرسائل الإنسانية الكثيرة تجعل «هالوين المسكون» فيلماً جيداً مسلياً وناجحاً، يفاجئك ويضحكك بدل أن يرعبك.

marlynsalloum@gmail.com

شاهد أيضاً