نتنياهو يتوّج ملكاً أو سجيناً !

حافظ البرغوثي

يقرر «الإسرائيليون» اليوم (الثلاثاء) مستقبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإما أن يفوز الليكود في الانتخابات ويصبح «ملك إسرائيل»، وهو اللقب المحبب إليه منذ صغره، أو أنه سيمثل أمام المحكمة بتهمة الفساد ليسجن مثل سلفه إيهود أولمرت الذي أدين بالرشوة، والرئيس الأسبق موشيه قصاب الذي أدين بالاغتصاب والتحرش الجنسي.
الحملة الانتخابية لنتنياهو كانت متميزة بالقلق والعصبية، استخدم فيها كل أسلحته من الجوسسة وتوجيه الاتهامات لخصومه، والحط من قدر الصوت العربي واليساري، وأقحم الجيش في حملته، وشن عمليات عسكرية في سوريا والعراق ولبنان لأهداف انتخابية، وكشف أسراراً عسكرية عن إيران أحرجت الموساد، وأطلق خطاباً من الكراهية ضد النواب العرب، حتى أن إدارة «فيسبوك» أوقفت صفحة الليكود لمدة 24 ساعة بسبب هذا الخطاب، ثم هدد بحرب على غزة، لكن انفجار صاروخين قرب أسدود، وهربه عن المنصة عندما كان يلقي خطاباً في المدينة كان نذير شؤم عليه. وفي النهاية كان يستعد لإعلان ضم الضفة الغربية بالكامل إلى الكيان الاحتلالي، لكن أمراً ما في اللحظة الأخيرة دفعه لتأجيل إعلانه وتغيير صيغته إلى ضم الأغوار وشمال البحر الميت؛ حيث عقد جلسة حكومته هناك، وقيل إنه خاض صراعاً مع قادة أجهزته الأمنية على مدى ساعة من المكالمات والصراخ المتبادل؛ لأنهم حذروه من خطورة هذه الخطوة والعزلة الدولية للاحتلال وتفجر الأوضاع في المنطقة.
ويقال إنه استأذن ترامب لإعلان تأييده للضم، لكن الأخير اكتفى ببيان عن أن محادثات الدفاع المشترك بين البلدين ستمضي قدماً، وجاء تصريح ترامب حول الموضوع عابراً وعاماً لدعم نتنياهو انتخابياً فقط. ثم أطاح ترامب بحليف نتنياهو وهو مستشاره للأمن القومي جون بولتون، كما أن ترامب خذل نتنياهو في الملف الإيراني، وأعلن عن استعداده للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني. في تلك الأثناء خطط نتنياهو للقاء الرئيس الروسي بوتين في سوتشي بعد تعذر تلبية الأخير دعوة نتنياهو لزيارة الكيان، ولكن اللقاء كان على عكس اللقاء السابق قبل الانتخابات الماضية؛ حيث حظي باستقبال رسمي في الكرملين، وعاد حاملاً رفات جندي «إسرائيلي» كان مفقوداً في حرب لبنان منذ غزوه العام 1982، وعاد مزهواً بما أنجزه لاستمالة أصوات المهاجرين الروس اليهود وغير اليهود في الانتخابات. لكن في لقاء سوتشي يوم الخميس الماضي عاد حاملاً رفاته السياسي، فقد جعله بوتين ينتظر ثلاث ساعات قبل أن يستقبله، وكان اللقاء عفوياً والتصريحات متناقضة، حيث ادعى نتنياهو أنه حصل على موافقة لاستمرار القصف في سوريا، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف صرح بأن نتنياهو تعهد باحترام السيادة السورية وأن «إسرائيل» لن تعمل هناك.
وعلق الخصم اللدود لنتنياهو وهو أفيغدور ليبرمان على لقاء سوتشي وهو الخبير في الشأن الروسي؛ لأنه مهاجر من هناك ويعتمد على الصوت الروسي أن من يعرف البروتوكول الروسي يعرف أنه لا يهمل التفاصيل، ويفهم لماذا جعل الرئيس الروسي ضيفه نتنياهو ينتظر ثلاث ساعات. وفهم المحللون أن بوتين ابتعد مسافة عن نتنياهو؛ لأن استطلاعات الرأي المتوالية تشير إلى صعوبة تشكيله الحكومة المقبلة في ظل عدم حسم أي من المعسكرين (أي اليمين من جهة والوسط واليسار) معركة الانتخابات لمصلحته. فبينما قال الرئيس ترامب إنه يتطلع للقاء نتنياهو في الأمم المتحدة بعد الانتخابات، في إشارة إلى أنه يتوقع فوزه، إلا أن بوتين قال إنه يأمل في استمرار التعاون مع من تفرزه الانتخابات في «إسرائيل».
حتى ساعات قليلة قبل الانتخابات كان التعادل سيد استطلاعات الرأي بين معسكري اليمين ومعسكر الوسط واليسار برئاسة الجنرال بيني غانتس «أزرق وأبيض» لكن دون حسم واضح لمن ستكون الفرصة لتشكيل الحكومة، ويظل ليبرمان هو«بيضة القبان» التي تحدد شكل الحكومة المقبلة. ومع أنه يقترب قليلاً من تأييد غانتس إلا أنه يفضل أن يشارك في حكومة وحدة بين الليكود وأزرق وأبيض بالتناوب على الرئاسة. ذلك أنه في تاريخ دولة الاحتلال تم تشكيل حكومات وحدة من اليمين والوسط واليسار في الأوقات الحرجة التي تتطلب دخول حرب، ويبدو أن الظروف الحالية تتطلب ذلك، كما أن ليبرمان يريد تحقيق هدفين، الأول إبعاد المتدينين عن الحكومة وفرض التجنيد الإجباري عليهم، والثاني إبعاد اليسار والعرب عن الحكومة. وفي كلتا الحالتين إضعاف نتنياهو لاحقاً؛ لأن الهدف النهائي لليبرمان هو خلافة نتنياهو في قيادة معسكر اليمين، فهو هدفه الأكبر منذ أن بدأ حياته السياسية مديراً لمكتب شارون.

hafezbargo@hotmail.com

Original Article

شاهد أيضاً