منتدى تعزيز السلم يختتم المرحلة الاولى من ‘حوارات المواطنة الشاملة’ في أبوظبي

الخميس، ١٥ نوفمبر ٢٠١٨ – ٩:٤٢ م

منتدى تعزيز السلم يختتم المرحلة الاولى من "حوارات المواطنة الشاملة" في أبوظبي

ابوظبي في 15 نوفمبر/ وام/ اختتمت فعاليات المرحلة الأولى من "حوارات
المواطنة الشاملة" التي نظمها "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"
برئاسة معالي الشيخ عبدالله بن بيه رئيس "مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي"
بالشراكة مع مركز "ويلتون بارك" التابع للخارجية البريطانية، ومؤسسة
أديان.

وقال سعادة الدكتور محمد مطر الكعبي أمين عام منتدى تعزيز السلم في
المجتمعات المسلمة في مؤتمر صحافي عقده بحضور الأنبا أنجلوس وممثلة
مؤسسة "أديان"
الدكتورة نائلة طبارة .

من أبوظبي نبدأ رحلة جديدة في مسيرة الإنسانية نحو السلام
المستدام..مؤكدا أن مداولات المرحلة الأولى التي شارك بها نحو خمسين
شخصية من العلماء والمفكرين والأكاديميين وممثلي الأديان في الشرق
الأوسط خلصت إلى الاتفاق على مواصلة البحث المنهجي والتأصيل العلمي بغرض
التوصل إلى صيغة نموذجية تقدم مفاهيم جديدة للمواطنة الشاملة أو
المواطنة الحاضنة للتعددية الثقافية المعاصرة على كل المستويات
الإنسانية الدينية والأخلاقية أو الحقوقية والقانونية تحت عنوان "إعلان
أبوظبي للمواطنة الشاملة" .

وأضاف الكعبي انه تم الاتفاق على الانطلاق من "إعلان مراكش التاريخي"
حول حقوق الأقليات في الديار الإسلامية الذي أصدره "منتدى تعزيز السلم
في المجتمعات المسلمة" في يناير عام 2016 باعتباره يشكل نواة ثقافية
إنسانية صلبة وأرضية فكرية ومعرفية إسلامية مؤصلة علمياً بكل المعايير
الدينية والفقهية ويمكن الانطلاق منها لبناء إطار حقوقي وقانوني إنساني
شامل يقدم مفاهيم المواطنة الشاملة حسبما يسعى هذا المشروع الطموح
للارتقاء بالمفهوم من مستوى "المواطنة التعاقدية" كما نص إعلان مراكش
إلى مستوى المؤاخاة الإنسانية الخالصة التي تمارس القيم المشتركة بين
الأديان بل بني الإنسان بدلالات جديدة ..وأن نتراص كبشر كتفاً بكتف
كالبنيان الواحد فأرعى حقوقك وأحافظ عليها وكأنها حقوقي وأحرص عليك
كحرصي على نفسي حتى تنتقل المواطنة بالمؤاخاة من الموجود المشترك إلى
الوجدان المتشارك فتصبح المواطنة بوتقة تنصهر فيها كل الانتمـاءات.. ومن
مكامن القوة في هذا التصور هو الربط المحكم بين المواطنة وإطارها الناظم
المتمثل في مقصد السلم.. فمن دون سلام لا حقوق لأن فقدان السلم فقدان
لكل الحقوق بما فيها حق المواطنة فالسلام هو الحق الأول والمقصد الأعلى
الذي يحكم على كل جزئيات الحقوق فلا يمكن أن نتصور مواطنة بالمعنى الذي
نبحث عنه في بيئة متشنجة.

و تابع الكعبي انه بالسلم تسود الطمأنينة النفسية والروحية والسكينة بين
أفراد المجتمع وتنعكس على العلاقات بين الأفراد والجماعات ويكون السلم
الاجتماعي حالة من الوفاق تتمظهر في التضامن والتعاون لإيصال النفع إلى
الجميع ودرء الضر عن الجميع وتتجلى في اللغة والسلوك والمعاملة فلاعنف
في اللغة ولا اعتداء في السلوك ولا ظلم في المعاملة لأن السلم يوجد بيئة
الحب والسعادة والرفاهية والانتماء إلى الأمة والوطن والانخراط في
مصالحه وهو قبل كل شيء مصالحة مع الذات قبل أن يكون مصالحة مع الغير..

ما يعني أنه لاسبيل إلى تحقيق المواطنة السعيدة إلا من خلال استراتيجية
السلم.. فهذا المبدأ الذي نرفعه في منتدى تعزيز السلم مبدأ عام صادق في
كل البيئات ولايختص ببيئة دون أخرى ولايقتصر على مجتمع دون آخر ولكنه في
عالمنا العربي والإسلامي أظهر والحاجة إليه أمَسّْ والوعي به أكثر
إلحاحا.

و قال الكعبي لقد اتفق المتداولون على أن تكون المحطة الثانية من
"حوارات المواطنة الشاملة" في لندن في مارس 2019 بمشاركة أوسع من
القانونيين والأكاديميين وصانعي السياسة بهدف مواصلة البحث في تنزيل
نصوص الميثاق المأمول حول المواطنة الشاملة في أطر حقوقية وقانونية
تشريعية ودستورية تتواءم مع إمكانيات التطبيق أو التنفيذ وتتناغم مع
البيئات الثقافية المتباينة إذ إن لكل منطقة خصوصية وتجربة تاريخية
مختلفة.. ما يقتضي التدرج في التطبيق فمن المجازفة محاولة تطبيق قوانين
احتاجت إلى قرون أو أجيال في بيئتها الأصلية على بيئة أخرى مغايرة لها
تماما.. صحيح أن هناك حقوقا أساسية لا تساهل فيها ولا تراجع عنها لكن
هناك حقوقا ينبغي أن نسير إليها حتى نصل.. أما الحقوق الأساسية فلا
تمييز فيها إلا التمييز الإيجابي لصالح الأقليات.

كذلك اتفق المتداولون على أن تكون المحطة الثالثة والأخيرة من "حوارات
المواطنة الشاملة" في أبوظبي لإطلاق "إعلان أبوظبي العالمي للمواطنة
الشاملة" بحضور دولي بارز يضم ممثلين للمنظمات الحقوقية الدولية وقادة
سياسيين وصناع القرار على مستوى العالم بغرض بحث دعم فرص اجراء حوارات
فاعلة مع برلمانات وحكومات المنطقة لتنزيل نصوص الميثاق في دساتيرها
والانتقال به من صوره الأخلاقية والإنسانية إلى صيغ قانونية ملزمة تجرم
من يخالفها كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة في قانون التمييز
والكراهية.

وتحدث الأنبأ أنجلوس أسقف ابرشية لندن للكنيسة القبطية فأكد أن الحوارات
التي تستضيفها أبوظبي تشكل حدثاً ثقافيا وإنسانياً مهما لا سيما أنها
تستند الى"إعلان مراكش" الذي قدم أفضل صور الاهتمام بالأقليات ومفهوم
المواطنة الشاملة التي تعني العدالة والحرية والسلام المستدام.. وعلى
الجميع أن يدركوا أنه لا مناص من الاعتراف والإقرار بالحقوق والواجبات
وأن نتعايش بتناغم وانسجام وأن لا نتخندق في متاريس العزلة الدينية أو
العرقية أوالثقافية..وعلينا أن نتعلم من دروس الماضي وأن نستمد منه
عناصر القوة للتصدي لانحرافات وانزلاقات المستقبل.

وأعرب الأنبا أنجلوس عن آمله بأن يحقق هذا الملتقى الهدف منه وخاصة
لجهة رسم استراتيجية الرحلة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين نحو
المستقبل. .

و تحدثت الدكتورة نائلة طبارة مدير معهد إدارة المواطنة والتنوع في
مؤسسة أديان -بيروت- فأكدت استعداد المؤسسة للتعاون مع منتدى تعزيز
السلم ومركز "ويلتون بارك" في حوارات المواطنة الشاملة..منوهة أن
المؤسسة عملت على هذه الأفكار لوقت ليس بقصير ولديها خبرة كافية لإنجاح
حوارات المواطنة الشاملة لأن المؤسسة تنطلق للشراكة مع الآخرين من
اعتبار المسؤولية الاجتماعية للأديان أي العمل معاً من أجل النفع العام.

و اضافت نحن نتعاون ونتحاور بشأن ما يجمعنا من قيم التضامن والتسامح
والعدالة والحرية والتعليم والتنشئة. .مؤكدة انها تؤيد ما ذهب إليه
الدكتور محمد مطر الكعبي حينما اعتبر أن المواطنة الشاملة لا تتحقق إلا
إذا شعرنا ببعضنا البعض فالتضامن الإنساني هو جوهر المواطنة.

وام/عمر السعيدي/عماد العلي

شاهد أيضاً