قم للمعلم

سوسن دهنيم

عندما صعد عالم الفضاء جاجارين إلى القمر قال الروس: «الآن هزمنا المعلم الأمريكي»، وعندما حط آرمسترونج على القمر رد الأمريكيون: «الآن هزمنا المعلم الروسي»، هكذا كان المسؤولون في كلا البلدين يعزون النجاح إلى المعلم ولا أحد سواه؛ ذلك أنه أساس كل علم وكل مهنة وكل تميّز.
للمعلم فضل كبير على المجتمع؛ أي مجتمع، فهو حامي العقول وهو الذي يُرويها علماً وثقافة، هو أساس المعرفة الأولى المبنية على الحقائق العلمية، وهو وحده الذي يستطيع أن يسهل دراسة مادة أو يُصعبها.
هو الذي لا تنتهي مهمته بانتهاء يومه العملي؛ بل يبقى مشغولاً بها طوال يومه، يُحضِّر ويبحث ويدقق، كي يرتقي بتلاميذه ويوصلهم إلى بر النجاح في كل عام.
هو الذي يبقى مع تلاميذه أكثر مما يبقى معهم آباؤهم، وهو الذي يعرف أسرارهم وأحوالهم ويلاحظ التغيرات التي تطرأ على أمزجتهم ونفسياتهم وصحتهم وعقولهم.
المعلم الذي لا يألو جهداً كي يحقق هذا نجاحاً، ويفوز هذا في مسابقة، ويشترك هذا في ندوة أو نشاط يعود بالنفع عليه، وعلى أسرته ومجتمعه.
جميعنا ندين للمعلمين كثيراً، فمن منا لا يتذكر معلماً ساعده في اكتشاف موهبة لديه، أو تطوير أدواته أو حبه لمادة دون سواها؟
من منا لا يتذكر معلماً وقف إلى جانبه يوماً حين تخلى عنه أصدقاؤه ومحبوه وآمن به وشجعه؟
وأنا أكتب هذه الكلمات أبتسم لا شعورياً؛ لأنني أتذكر معلماتي في مراحل مختلفة من دراستي في جميع المراحل المدرسية، وأتذكر وجوه الأساتذة في الجامعات التي درست بها، وكان لهم حضور لا يمكن تلاشيه من الذاكرة؛ أتذكر فضل هذا، وجميل تلك، ووقفة هذه، وسماحة ذاك.
لكل معلم على وجه هذه الأرض: كل عام وأنت بخير بمناسبة العام الدراسي الجديد، وها نحن ننتظر منك الكثير، فكلما أعطيت كلما كُتب اسمك في قلوب وذاكرة ووجدان تلاميذك.
لكل طالب على هذه الأرض: لا تنس أن المعلم أبوك وأخوك؛ أمك وأختك، فلا تعامله إلا بالحسنى، وتذكر دائماً أنه كاد أن يكون رسولاً. شكراً من القلب لكل معلم ومعلمة أخلصوا وتفانوا كي نصل ويصل أبناؤنا إلى ما وصلنا إليه.

sawsanon@gmail.com

Original Article

شاهد أيضاً