«ضيق التنفس».. المرض القاتل

يصاب عدد كبير من الأشخاص بمشكلة ضيق التنفس أو عسر التنفس، فنلاحظ على سبيل المثال هذه المشكلة لدى البعض عند صعود السلالم أو عند المشي فترة بسيطة، والبعض الآخر تنتابه هذه الحالة عند بذل أي مجهود قليل.
وهذه الحالة لا تقتصر على سن معينة، ولكنها يمكن أن تصيب كل الفئات العمرية لأسباب معينة، ولكنها تظهر بوضوح لدى الأشخاص الذين يعانون البدانة، وكذلك عند كبار السن والمصابين ببعض الأمراض التي تكون هذه المشكلة إحدى أعراضها.
تحدث هذه الحالة بشكل طبيعي نتيجة بذل مجهود كبير في التمارين الرياضية، وأثناء أداء مباريات كرة القدم والسلة واليد والجري وغيرها من الألعاب التي تحتاج مجهوداً متواصلاً.
ويتم ملاحظة هذه الحالة في تغييرات الطقس الحادة، مثل الانخفاض الحاد في درجات الحرارة، ويتحوّل الجو إلى حالة البرودة القاسية، وأيضاً أثناء الارتفاع الكبير في درجة الحرارة.
ويصبح ضيق التنفس مؤشراً على حدوث بعض المشاكل الصحية، إذا استمر وأصبح معوقاً لأنشطة الشخص المعتادة، وهو من المشاكل المزعجة والمخيفة، ويجب التعامل معها باهتمام بالغ.
ونتناول في هذا الموضوع مشكلة ضيق التنفس بالتفاصيل، ونقدم العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بها، مع بيان الأعراض التي تظهر، ونطرح سبل الوقاية والعلاج الممكنة.

حالة طارئة

يعتبر ضيق التنفس المفاجئ والشديد حالة طارئة تستدعي الذهاب إلى المستشفى أو طلب الإسعاف حتى وإن كان لفترة وجيزة، لأن ذلك يدل على وجود خلل حدث في الجسم، وأيضاً إذا حدث عسر التنفس لفترة طويلة.
ويجب أن يحدد الطبيب سبب هذه المشكلة والقيام بوضع حلول عاجلة لها، من أجل الحفاظ على حياة الشخص، لأن المشكلة يمكن أن تكون متعلقة بالقلب أو المجاري التنفسية.
وعندما يحدث ضيق التنفس أثناء الراحة يدل على وجود مشكلة طبية، وكذلك أثناء التعرّض للحساسية، وفي حالة عسر التنفس عند الاستلقاء، وخلال بذل الأنشطة أو مزاولة التمارين الرياضية.
وفي الحالات السابقة ينبغي الذهاب للطبيب على الفور، لعمل اللازم واحتواء المشكلة قبل التفاقم، فمجرد الإحساس بعدم الحصول على ما تحتاجه من الهواء يكون الأمر مخيفاً للغاية، ويحاول الأطباء تهدئة المريض بصورة كبيرة للسيطرة على هذا الفزع وعدم الوقوع في مشاكل صحية أخرى.
ويمكن أن يوفر الطبيب الأوكسجين اللازم للتنفس عن طريق قناع المساعدة، ويعالج المشكلة الصحية التي أدت إلى حدوث عسر التنفس، ويصف بعض الأدوية والعلاجات التي تخفف من هذه الحالة، فمن الجائز أن يكون هناك مشكلة مزمنة وراء هذه الحالة.

خلل في الرئتين

يتوفر عدد من الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى حدوث مشكلة ضيق التنفس، ومنها البدانة وقلة اللياقة والتي تسبب نهجاناً وضيق للتنفس مع أي مجهود بسيط، كما أن الربو من الأمراض التي تظهر فيها هذه المشكلة، وخاصة عندما لا يتم السيطرة عليه بصورة صحيحة.
ويساعد الإصابة بمرض فقر الدم على حدوث حالة من ضيق التنفس، لأن معدل الأوكسجين يقل في الدم، نتيجة نقص خلايا الدم الحمراء أو قلة الهيموجلوبين، وهي الخلايا المكلفة بحمل الأوكسجين.
وتسبب مشاكل الرئة حدوث ضيق التنفس، ومنها التهابات القصبات الهوائية، والالتهاب الرئوي المزمن، والتهاب الشعب الهوائية المزمن والذي غالباً ما يكون مصحوباً بالمخاط، وكذلك مرض السل.
ومن مشاكل الرئة أيضاً، مرض الرئة الانسدادي المزمن وانتفاخ الرئة، الذي يؤدي إلى مقاومة الزفير من الرئة، وبالتالي انحباس الهواء في الرئة وحدوث ضيق التنفس مع صدور صوت صفير.
عند مصاحبة ضيق التنفس لفقدان الوزن والشهية، يدل ذلك على احتمال الإصابة بسرطان الرئة، وغالباً ما ينتج عن سنوات طويلة من التدخين، وحدوث تندب وتلف للرئتين.
ويحدث ضيق التنفس أيضاً في حالة الإصابة بجلطة في الدورة الدموية للرئتين أو ما يسمى الصمام الرئوي، وفيها يكون ضيق التنفس مفاجئاً مع سرعة في التنفس وألم في الصدر.
وكذلك مشاكل الحجاب الحاجز تؤدي إلى الإصابة بضيق التنفس، لأن الحجاب الحاجز هو العضلة المسؤولة عن توسيع الرئتين، ويمكن أن تصاب بخلل بعد إجراء جراحة داخل الصدر، كما تسبب تشوهات جدار الصدر وتشوهات العمود الفقري صعوبة في التنفس.

اضطراب القلب

ويوجد العديد من مشاكل القلب التي تؤدي إلى حدوث مشكلة ضيق التنفس، ومنها فشل القلب، والذي يترتب عليه انخفاض قدرته على توصيل الدم إلى الرئتين، وبالتالي يزيد الضغط في الأوعية الدموية وصعوبة في التنفس.
ويعتبر ضيق التنفس أثناء الاستلقاء من الأعراض الشائعة والمميزة لحالة فشل القلب، وأيضاً القيام من النوم بسبب ضيق التنفس مع السعال الحاد، وصعوبة التنفس مع بذل نشاط بسيط،
كما أن زيادة معدل هرمونات الغدة الدرقية يسبب ارتفاع الطلب على الأوكسجين، مما يؤدي إلى حدوث مشكلة التنفس بصورة سريعة وظهور صعوبة التنفس.
ويظهر ضيق التنفس كذلك عند حدوث مشاكل في الكبد أو الكلى، نتيجة زيادة السوائل داخل الرئتين والجسم، وانخفاض عملية تبادل الأوكسجين في الرئتين، مما يؤدي إلى حدوث حالة الضيق.

المشاكل العصبية

تسهم المشاكل العصبية التي تواجه بعض الأشخاص في الإصابة بمشكلة ضيق التنفس، مثل التعرض للأورام والنزيف في جزء من الدماغ، والصدمة النفسية والسكتات الدماغية.
وتؤدي هذه المشاكل إلى التأثير في المنطقة التي تنظّم التنفس داخل الدماغ، وبالتالي حدوث مشكلات ومنها صعوبة التنفس، بالإضافة إلى أعراض أخرى قبل اضطراب التنفس وهي الشعور بثقل وسرعة ملحوظة في التنفس.
ويبين بعض الأطباء أن حدوث حالة من الخوف الشديد والذعر وكذلك القلق، مما يتبعه التنفس العميق أو السريع والتي تسمّى حالة النهجان، وينبغي اتباع طريقة التنفس البطيء لإعادة حالة التنفس إلى طبيعتها. ويعتبر ضيق التنفس أحد مضاعفات داء السكري، بسبب المشكلة المعروفة باسم الحماض الكيتوني السكري، وفيه تزيد الأحماض في الدم والبول، وهو ناتج عن نقص الإنسولين في الدم.

أزمة قلبية

كشف باحثون يابانيون أن إهمال علاج مشكلة ضيق التنفس أثناء النوم والتي تسبب مشكلة انقطاع النفس للحظات وأيضاً الشخير، تؤدي إلى زيادة فرص حدوث الأزمات القلبية والجلطات الدماغية، وخاصة لدى الأشخاص الذين أجريت لهم عمليات جراحة الأوعية التاجية.
وأشار الباحثون إلى احتمال حدوث توقف للقلب أو الإصابة بأزمة قلبية أو جلطة دماغية بزيادة تصل إلى الضعف، وذلك لدى المرضى الذين أجريت لهم عمليات توسيع الأوعية التاجية، ويعانون كذلك مشاكل التنفس خلال النوم.
وبينت الدراسة أن انخفاض الأوكسجين بصورة متقطعة أثناء النوم تزيد من الإجهاد الذي يلحق الضرر بالقلب، ووجدت الدراسة علاقة وطيدة بين اضطرابات التنفس أثناء النوم، وبين ارتفاع فرص الإصابة بأمراض القلب.
ونصح الباحثون بالاهتمام بدراسات النوم بعد حدوث الأزمات القلبية وتوسيع الأوعية التاجية، من أجل استبعاد مشاكل التنفس أثناء النوم، وعمل الاحتياطات اللازمة لعودة التنفس الصحي خلال النوم.

تخفيف المشكلة

توضّح دراسة حديثة أن ارتداء الجوارب الضاغطة في فترة النهار، يمكن أن يخفف من ضيق التنفس خلال النوم، ولكنها لا ترقى إلى درجة العلاج من مشكلة ضيق التنفس أثناء النوم.
وتؤثر مشكلة ضيق التنفس أثناء النوم في حوالي 13 مليون مواطن أمريكي، والذي يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية والجلطات وخلل في دقات القلب.
ارتدى 35 مريضاً بضيق التنفس خلال النوم جوارب ضاغطة في فترة النهار لمدة 15 يوماً، مما أدى إلى تراجع مشكلة ضيق التنفس بنسبة وصلت إلى 30%، وهي نسبة بسيطة نقلت المريض إلى الدرجة المتوسطة فقط من ضيق التنفس، ولم تعالج المشكلة.

الرطوبة تزيد المشكلة

كشفت دراسة سويدية جديدة أن البيوت التي تحتوي على الرطوبة تؤدي إلى الإصابة بعدد من المشاكل الصحية ومنها ضيق التنفس، نتيجة توفر البكتريا في كل أنحاء المكان مثل الجدران والأرضيات وهذه البكتريا تزيد من فرص حدوث ضيق التنفس بنسبة تصل إلى 88%.
وتوصلت الدراسة إلى أن الاستمرار في هذه المنازل الرطبة يرفع من فرص الإصابة بمرض الربو والتهاب الشعب الهوائية واحتقان الجيوب الأنفية.
وبين الباحثون أن عددا كبيراً من المنازل الجديدة بما يقدر بحوالي 12% من هذه المنازل تصبح عرضة للرطوبة، التي توفر البيئة الملائمة لنمو وتكاثر البكتريا، ومن ثم ارتفاع فرص حدوث مشاكل الأنف والبلعوم والرئتين.
حلل الباحثون معلومات من 30 ألف شخص داخل 5 مدن سويدية، ومن ضمنها أعراض الجهاز التنفسي، وتوصلوا إلى نسبة الرطوبة عن طريق بعض الأسئلة المرتبطة بهذه المشكلة.
وبينت نتائج الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون الرطوبة داخل البيوت، أصبحوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض الأنف المستمرة بنسبة وصلت إلى 81%، وتظهر في صورة العطس وأعراض سيلان الأنف والاحتقان.

شاهد أيضاً