خواطر عاصمة الإعلام العربي

عبداللطيف الزبيدي

كيف لا نشكر العربية على تعدّدية المعاني للمفردة الواحدة؟ مع بسمة فجر العام الجديد، تغدو دبي رسمياً عاصمة الإعلام العربي.
على الرأي والتعبير أن يتفاءلا لغويّاً أوّلاً والبقية تأتي إن شاء الله. فعل عصم يعني منع، فالعاصمة فيها منعة ومناعة وتحصين وحماية. في هذا المعنى اللغوي ما يبعث الأمل في نفوس الإعلاميين العرب، الذين رأوا ألف جنّي أزرق، وألف عفريت أرقم، منذ نشأة الصحافة العربية في القرن التاسع عشر. أهون الأذى مقص الرقيب، الذي يغدو سخرية لاذعة حين يسمّونه مقص التحرير، ما يذكّر بتحرير بوش الابن للعراق.
أمّا المعنى الاصطلاحي للعاصمة، ففيه تفاؤل آخر، فالعاصمة هي مركز القرار، حتى في حالة لامركزية القرار، ثمّة النفوذ الأدبي والتأثير المعنوي، ما يعني وجود تعادلية برضا المنظومة، فإذا كان نفوذ العاصمة غير مطلق، فإن العلاقة التنظيمية التنسيقية تستدعي التزاماً مهنياً وأخلاقياً. الآن، ما الحاصل من معنيي العاصمة حين تكون دبي هي العاصمة؟ أهمّ عنصر هو معنويات ما قبل البداية. لا يوجد إعلامي عربي يشك في تألق دبي وتفوّقها في الإرادة العمليّة الواقعية، والإدارة الفائقة المستقبلية. ارتفاع منسوب المعنويات إلى هذا المستوى، هو بالتعبير العسكري: تحقيق الانتصار قبل بدء «المعركة». هذه المعنويات العالية تسندها عقود من نجاح أروع تجربة لبلد عربي في التنمية الشاملة، وبلا منازع. هذا فرض وجود وليس منّة ممنونة.
ما الذي ينتظره الإعلام العربي من عاصمته الجديدة دبي، التي لن تكون كغيرها من العواصم؟ إذا كانت العاصمة راضية حتى بنسبة 40% عن أداء الإعلام العربي، فسوف تكون صفحة تقليدية مكرّرة. أمّا إذا أرادت أن تكون علامة فارقة ونقلة نوعية في تاريخ الإعلام العربي، مثلما هي تنمويّاً، فإن عليها ألاّ تقول: إن ظروف العرب لا تسمح بالقفز على أسوار الواقع. دبي تملك مفتاحاً تستطيع أن تجعله مصباحاً سحرياً: تجربة عقدين من منتدى الإعلام العربي.
لزوم ما يلزم: النتيجة العربونية: تلك مقبّلات الخواطر، الأطباق آتية بإذنه.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article