حتى لا يتجاوزنا الزمن

شيماء المرزوقي

هناك بعض المواضيع التي عند قراءتها تستدعي الضحك أو على أقل تقدير الابتسامة ليس إعجاباً وإنما دهشة واستغراباً من سطحيتها أو من شدة بديهيتها ومعرفة الناس بها، ورغم هذا تجد من يكتب عنها وكأن هناك غفلةً وتناسياً ويجب التذكير والتنبيه. على سبيل المثال مقال يتحدث عن أهمية شبكة المعلومات العالمية الإنترنت، أعتقد أن هذا الموضوع بديهي بشكل كبير للجميع، فالأهمية ماثلة ولا يمكن تجاوزها أو لا أعتقد أن هناك من يشكك في هذه الأهمية أو أن هناك من ينسى هذه الأهمية، فقد باتت شبكة الإنترنت جزءاً من حياتنا بل جزء لا ينفصل حيث نقوم بعملياتنا المالية والثقافية والاجتماعية بواسطة شبكة الانترنت. الأهمية ماثلة ولا تحتاج للتذكير ولا للتنبيه، وعندها تصبح مثل هذه الكلمات عبثية وليست في محلها نهائياً، لو جاءت هذه الكلمات خلال منتصف أو نهاية التسعينات ستكون مبررة كون الشبكة في ذلك الزمن في طور النمو والانتشار، أما في هذا اليوم الذي أصبحت فيه جزءاً تاماً وواضحاً من حياتنا فأعتقد من المضحك الحديث عن هذه الأهمية.
هناك بديهيات أخرى في حياتنا عندما يكتب عنها وعن أهميتها وهي ماثلة وعصب لهذه الحياة مثل موضوع يتحدث عن أهمية الكهرباء أو الطائرات أو السيارات أو أهمية الدواء والعلاج،إلخ.
جميعها جوانب حياتية لا يمكن الانفصال عنها أو لا يمكن تخيل الحياة بدونها وبالتالي، فإن الكتابة عن أهميتها تصبح مضحكة في مرحلة ما. وهذا يقودنا نحو المواقف التي حدثت مع كل واحد من تلك المخترعات في بدايتها وكانت محل جدل ونقاش، فالكهرباء في بداية ظهورها كان هناك من يصفها بأنها من عمل السحر وآخرون رفضوها وهناك من قالوا إن لها أضراراً صحية على الإنسان، والحال نفسها في كل خطوة تطوير نحو الطيران كانت هناك أصوات دوماً رافضة وأخرى متشككة، ومنها مقولة لأحدهم جاء فيها:«لو أن الله يريد للإنسان أن يطير لخلق له أجنحة». وستجد الرفض لكل مخترع جديد وهذا يشمل كل عملية تطوير تمر بالتعليم وأدواته ومناهجه، فدوماً الرفض ماثل وواقع، ولكن، كما هو الحال دوما عندما تصبح هذه المبتكرات والمخترعات ماثلة وعلى أرض الواقع تصمت تلك الأصوات للأبد.
لا يفترض أن نكتب عن بديهيات تم التسليم بأهميتها وحيويتها وجزء من معيشة وحياة الناس وإنما يجب أن نكتب عن كيفية ابتكار المزيد وكيف تكون لنا بصمة في التطوير والارتقاء حتى لا يتجاوزنا الزمن.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

شاهد أيضاً