«انقطاع النفس النومي» يضعف عضلة القلب

يعتبر انقطاع النفس أثناء النوم أو ما يطلق عليه متلازمة انقطاع النفس النومي، أحد الاضطرابات التنفسية التي تؤدي إلى عدم التنفس بشكل كلي، ويحدث ذلك بصورة مؤقتة، ولمدة 10 ثوان أو أكثر، وتتكرر 5 مرات على الأقل في الساعة. ويمكن أن يكون انقطاع النفس جزئيا، وهو ما يعني انخفاض جريان الهواء بنسبة تتجاوز 50% لمدة 10 ثوان أو أكثر، ويتسبب عدم أخذ أعضاء الجسم كمية كافية من الأكسجين في عدم قيامها بالوظائف الخلوية لها.
تصيب هذه المتلازمة في العادة البالغين وكبار السن، بسبب الإصابة بمشاكل صحية أخرى، ويمكن كذلك أن تصيب الصغار لكن في حالات نادرة، نتيجة مشكلات صحية وراءها بعض العيوب أو الأمراض الموروثة. ونتناول في هذا الموضوع مشكلة متلازمة انقطاع النفس النومي بالتفاصيل، مع تقديم العوامل والأسباب التي تقود إلى هذه الحالة، وكذلك الأعراض التي تظهر، مع بيان طرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.

غير مهدد للحياة

يمكن أن يكون سبب الإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم ضيق المجاري التنفسية، والذي يحدث نتيجة زيادة الوزن أو البدانة أو طول زائد في الرقبة، ويمكن أن يكون تضخم اللوزتين أو اللسان، أو صغر حجم الفك السفلي أو انحراف الحاجز الأنفي سببا كذلك في الإصابة.
وتعتبر أبرز أعراض هذه الحالة هي الاستيقاظ من النوم بشكل متكرر، إثر هبوط مستوى الأكسجين الذي يصل إلى الدماغ خلال فترات النوم. وتصيب هذه الحالة الذكور في العادة أكثر من الإناث، وذلك قبل الخمسين من العمر، وتتساوى نسبة الإصابة بعد هذا العمر.
ويعتبر انقطاع النفس الانسدادي النومي حالة غير مهددة للحياة، إلا أن هناك خوفا من المضاعفات التي يمكن أن تسببها للمصاب، ومنها فرط ارتفاع ضغط الدم، وفشل العضلة القلبية، والقلق والتوتر، بالإضافة إلى الإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الرئة، والإصابة بالارتداد المعدي، وفي حالات نادرة للغاية يمكن أن تحدث وفاة مفاجئة.

ثلاثة أنواع

ينقسم انقطاع النفس أثناء النوم إلى 3 أنواع، وذلك يرجع إلى السبب وراء الإصابة، وأول هذه الأنواع، «الانسدادي»، وهو يشكل معظم حالات الإصابة، حيث تبلغ نسبة الإصابة به نحو 84%، ويكون السبب وراءه انسداد الطرق الهوائية أثناء النوم. وتشكل الإصابة بالنوع الثاني، والذي يطلق عليه «المركزي»، نحو 15% من المصابين بهذه الحالة، ويكون بسبب خلل في المراكز التنفسية الدماغية، حيث يحدث خلل في إرسال الإشارات العصبية من الدماغ للعضلات التنفسية للقيام بالتنفس، ويطلق على النوع الثالث مسمى «المختلط»، حيث يجمع كلا النوعين السابقين.

أثناء النوم

يعاني المصاب من متلازمة انقطاع النفس النومي عدداً من الأعراض والتي تحدث أثناء النوم وفي وقت النهار، حيث يصاب بتوقف متكرر في التنفس أثناء النوم، ويكون مصحوباً بشخير عادة صوته مرتفع أو صاخب.
وينقطع إمداد الجسم بالأكسجين أثناء هذه التوقفات، وتتوقف إزالة ثاني أكسيد الكربون، وهو الأمر الذي يتسبب في تحفيز الدماغ للانتقال من مرحلة النوم العميق إلى الاستيقاظ، وذلك حتى يتم فتح مجرى الهواء مرة أخرى وترجع عملية التنفس إلى طبيعتها.
ويصاحب هذه الحالة شعور بالأرق الدائم وجفاف الفم والتعرق الليلي والتبول والعطش الليلي، ويمكن أن يفقد المقدرة على النوم في بعض الأحيان.

صداع عند الاستيقاظ

يعاني المصاب بهذه المتلازمة في وقت النهار الصداع عندما يستيقظ، ويشعر بالنعاس والتعــب والضعف العام والارتباك.
ويمكن أن يعاني ضـعف الذاكرة، وعدم القدرة على التركيز، وهو الأمـر الذي يؤثر بشكل سلبي على النشاطات اليومية، ويصاب بالارتباك، وربما أدي ذلك في بعض الأحيان إلى الإصابة بالاكتئاب والقلق.
ويجب أن يتنبه الإنسان لبعض الأعراض التي تشير إلى الإصابة بهذه الحالة، والتي ينبغي عندها أن يلجأ لاستشارة الطبيب، ومنها الشخير بصوت عال للدرجة التي يمكن أن توقظ المصاب أو من ينام بجواره، وكذلك في حالة الإصابة باللهاث أو الاختناق عند الاستيقاظ. ويمكن أن تؤدي هذه الحالة للنعاس المفرط أثناء النهار، للحد الذي يغفو فيه المصاب أثناء العمل أو مشاهدة التلفاز، أو حتى أثناء قيادة السيارة.

استرخاء العضلات

يؤدي استرخاء عضلات الجزء الخلفي من الحلق بشكل أكثر من اللازم إلى حدوث انقطاع النفس الانسدادي، وذلك للسماح بعملية التنفس الطبيعي، وهذه العضلات تدعم الهياكل، والتي تشمل الحنك الرخو واللهاة، وهي جزء من نسيج مثلث الشكل يتدلى من الحنك الرخو، واللوزتين واللسان. وتضيق الشعب الهوائية أو تنغلق عند استرخاء العضلات بسبب عملية الاستنشاق، وربما كان التنفس غير كاف في مدة تتراوح بين 10 إلى 20 ثانية، ويمكن أن يقلل هذا الأمر من مستوى الأكسجين في الدم، وبالتالي يتراكم ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يتسبب في شعور المخ بنقص التنفس، وبالتالي يستيقظ المصاب حتى يتمكن من إعادة فتح الشعب الهوائية، وفي العادة فإن هذا التنبيه يكون قصيراً للدرجة التي لا يتذكر فيها هذا التنبيه.
ويمكن أن يستيقظ المصاب بسبب ضيق عابر في التنفس، وهو ما يصحح نفسه بسرعة، عبر التنفس بعمق مرة أو مرتين، وربما يصدر مصاب انقطاع النفس الانسدادي أصوات شخير أو اختناق أو صوت لهاث.

اعتلالات الدماغ

تؤدي وجود اعتلالات في الدماغ للإصابة بمتلازمة انقطاع النفس النومي المركزي، حيث لا تصل الإشارات العصبية للرئتين بشكل صحيح، وهو الأمر الذي يؤثر في إيصال كمية الأكسجين الكافية.
ويزيد معدل الإصابة بهذه الحالة المرضية نتيجة عدد من العوامل، ومنها الوزن الزائد، حيث يعاني نحو نصف المصــابين بمتلازمة انقطاع النفس النومي الوزن الـــزائد أو البدانة.
ويفسر الأمر بأن الرواسب الدهنية الموجودة في محيط المجرى الهوائي العلوي يمكن أن تعرقل التنفس، وعلى الرغم من ذلك فإن الأشخاص النحفاء يكونون معرضين كذلك للإصابة بهذا الداء.

ضيق المسالك الهوائية

يؤدي كذلك للإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم ضيق المسالك الهوائية، ويمكن أن يكون هذا الضيق وراثيا، أو نتيجة تضخم اللوزتين أو اللحمية.
ويتسبب كذلك ارتفاع ضغط الدم في الإصابة بهذه الحالة، وتتضاعف نسب الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي فيمن يعانون احتقان الأنف الليلي، وذلك بصرف النظر عن السبب.
وتزيد نسبة الإصابة لدى المصابين بالسكري، وكذلك الأفراد المدخنين، وتشير الإحصائيات إلى أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي من النساء بما يبلغ الضعف، وتشير الأبحاث كذلك إلى أن هناك رابطا بين الإصابة بهذا العرض والإصابة بالربو.

ضغط المجرى الهوائي

يتضمن علاج متلازمة انقطاع النفس النومي عددا من الخيارات، والتي تبدأ بتغيير نمط حياة المصاب، وبالذات في الحالات الخفيفة.
ويشمل هذا الأمر فقدان الوزن الزائد، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والإقلاع عند التدخين، والنوم على الجنب بدلا من الظهر.
ويلجأ الطبيب إلى استخدام بعض الأجهزة التي تساعد على فتح مجرى الهواء المسدود وذلك في الحالات المعتدلة، ويبقي خيار العمليات الجراحية مطروحا وذلك بالنسبة للحالات الشديدة. ويطلق على العلاج الأكثر انتشارا ضغط المجرى الهوائي الإيجابي المستمر، ويكون ضغط ما يتنفسه المصاب في هذا النوع من الهواء ثابتاً ومستمراً، ويمنع هذا الضغط الهوائي الشخير وانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، وبالتالي يقلل من النعاس خلال النهار ويحسن جودة الحياة.

مزعج وغير مريح

يجد بعض المصابين أن القناع المستخدم مزعج وغير مريح أو مرتفع الصوت، غير أن الآلات الأحدث أصغر وأقل ضجيجا.
ويتعلم المصاب مع كثرة استخدام القناع كيفية ضبطه للحصول على الملاءمة المريحة والآمنة، ويمكن أن تتم تجربة أنواع مختلفة للتوصل للقناع المناسب، كما أن هناك عدة خيارات متوافرة مثل الأقنعة الأنفية أو أقنعة الوجه أو الوسادات الأنفية.
وتمثل الأجهزة الفموية بديلاً لبعض المصابين بانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم البسيط أو المعتدل، وربما تقلل من النعاس وتحسن من جودة الحياة. وتجعل هذه الأجهزة الحلق مفتوحاً من خلال دفع الفك إلى الأمام، وهو ما يخفف في كثير من الأحيان من الشخير وانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم.
وتثبت أجهزة أخرى اللسان في وضعية مختلفة، وتحتاج لإجراء مقابلة مع طبيب أسنان خبير بأجهزة الأسنان الخاصة بطب النوم، لملاءمتها ومتابعة العلاج.

إجراءات مفيدة

تنصح دراسة حديثة الأشخاص المصابين بانقطاع النفس الانسدادي النومي باتباع مجموعة من الإجراءات، والتي تهدف إلى التخفيف من المرض والتعايش معه، ومن هذه الإجراءات شرب كميات كافية من السوائل، وذلك بما يوازي 6 أكواب ماء يوميا.
وينصح كذلك بتناول طعام صحي ومتوازن يحتوي على العناصر الغذائية جميعها، مع ممارسة الرياضة بانتظام، ويكون المستهدف 150 دقيقة أسبوعيا.
وتعد من النصائح المفيدة النوم على وسادة مريحة ومرتفعة بعض الشيء، وذلك بهدف الحفاظ على المجاري التنفسية مفتوحة.
ويجب على المصاب بهذه الحالة تجنب بعض الأدوية، مثل أقراص النوم ومهدئات الأعصاب، حيث تزيد حالة النوم سوءا.
وينصح بالنوم على الجانب أو البطن بدلاً من الظهر، حيث إن النوم على الظهر يجعل اللسان والحنك الرخو يستندان إلى الجزء الخلفي من الحلق، وبالتالي يسدان مجرى الهواء، في حين أن الحالة تكون أخف وطأة عند النوم على الجنب.
ويمكن للمصاب استخدام بخاخ محلول ملحي للأنف، وذلك حتى يساعد على بقاء الممرات الأنفية مفتوحة أثناء النوم.

شاهد أيضاً