امتحان شائك

عبداللطيف الزبيدي

كيف تكون نتائج الامتحان، لو جئنا بمندوب عن بعض الأنظمة العربيّة، وطلبنا منه أن يوجز في أربعمئة كلمة إنجازات بلده في العقود الأربعة الأخيرة؟ هل كثير على كل سنة عشر مفردات؟ كل دولة فيها عشرون وزارة، فهل الألفاظ العشرة طولها ألف ميل؟ لن نثقل عليهم بالأسئلة، فتوجيه أبسط سؤال إلى القمة في العالم العربي، أدنى جواب مأساة ألف لسان. أمّا لماذا يُطرح ما لا إجابة عنه، فلأنه يوجد في نهر المحال ما لا يوجد في بحر الواقع.
السؤال الثاني يعكف عليه مندوبو بعض الدول الشقيقة، بمجرّد الفراغ من سرد الإنجازات والانتصارات التنموية، هو: ما هي المرجعيّة النظرية للتنمية لديكم؟ بعبارة غير مغلّفة ولا معلّبة جيّداً: ما هو الشكل والمضمون في التخطيط الذي انطلقتم منه قبل أربعين سنة، حتى وصلتم ما شاء الله، ألف ما شاء الله، إلى مواصلكم اليوم؟ لا شك في أن على كل طاولة قارورة مياه معدنية، نظراً إلى أن الاختبار، كما هو معلوم، «ينشّف الريق»، خصوصاً حين تفاجأ ذوات المسؤولين بأسئلة لم تكن على البال ولا على الخاطر، ولو لم يكن هذا الامتحان يدور في قاعة الوهم والخيال، لكنت سمعت هدير عمرو بن كلثوم: «متى ننقل إلى قوم رحانا..يكونوا في الغداة لها طحينا».
ها هي محنة الامتحان، ومحنة الابتلاء، قد شارفت على النهاية، إلى غير رجعة في النفوس والأذهان، فلم يبق في الجعبة إلاّ سهم واحد بعدما أعطينا القوس باريها، وتنفّس الصعداء قاب قوس واحدة أو أدنى. السؤال الأخير: ما هي مرجعية النظرية السياسية التي انتقيتم بها المرجعية الاقتصادية؟ حتى لا يكون في السؤال أي لبس يكدّر النفس، والتباس يحبس الأنفاس: صف النهج القويم الذي سلكتموه على بركة الله أربعين عاماً؟
لزوم ما يلزم: النتيجة السحرية: يقيناً، ستأتي أغلبية الأوراق بيضاء، لكن المذهل هو أن القارئ الكريم يعرف الإجابات سلفاً.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article

شاهد أيضاً