الشرق الأوسط والحرب الرقمية

سلطان حميد الجسمي

تعد الحروب الرقمية اليوم في عصر ثورة المعلومات، أخطر بكثير من الحروب العسكرية بالأسلحة الثقيلة والصواريخ المدمرة، فالحرب الرقمية تضر بمصالح الدول والشعوب وتخلق العداوات والأحقاد، وتغسل العقول والأدمغة، وتصنع أعداء من الداخل والخارج، وتُحرِّض الرأي العام على الحكومات. أما الحروب العسكرية التقليدية فباتت أكثر صعوبة واحتراساً، بسبب القوانين الدولية التي تحكم دول العالم تحت مظلة الأمم المتحدة. وبمرور الزمن تحولت أكثر الحروب اليوم إلى حروب رقمية تستخدم فيها الدول والأفراد والمنظمات، سواء إرهابية أو سرية، التكنولوجيا الحديثة لخلق ما يُسمى بالفوضى التي من خلالها تستطيع هذه القوى السيطرة وفرض الهيمنة.
تشارك اليوم منظمات عالمية في هذه المهام، ولعل بعض الدول اليوم تلعب دوراً محورياً في هذا النشاط غير القانوني، وبالأخص في الشرق الأوسط، وهذا ما يقوم به النظام القطري على مدار سنوات ماضية ضد دول الجوار، مثل الكويت، والإمارات، والسعودية، والبحرين، ومصر، وغيرها من الدول التي تستهدفها قطر لمصالح قوى الشر. وعلى الرغم من كل المحاولات القطرية اليوم لتغيير المسار السياسي لهذه الدول، فإنها فشلت فشلاً ذريعاً، واليوم تدفع ثمن فشلها غالياً بمقاطعة الدول الأربع لها. والواقع يعلن مراراً وتكراراً عن فشل النظام القطري سياسياً ودبلوماسياً أمام المجتمع الدولي، فقد تم اكتشاف مؤامراته وتقديم جواسيسه للعدالة في هذه الدول، والأيام حُبلى بكل جديد عن هذا النظام ومؤامراته.
للأسف تدفع قوى الشر، ودولة قطر، الملايين من الدولارات اليوم لنشر الجيش الإلكتروني أو ما يسمى «الذباب الإلكتروني» لتحريض الشعوب ضد حكوماتها، مستغلين الشباب العاطل في الدول العربية. فبعد الهجوم الغاشم على مصفاة «أرامكو» في السعودية، بدأ هذا الذباب الإلكتروني في نشر الشائعات والأكاذيب عن المملكة، وتحريض الرأي الداخلي والخارجي عليها، في رسالة ضعيفة المحتوى، واستغلال بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين غسلت أدمغتهم ليتعاطفوا مع ميليشيات الحوثي الإرهابية، وأعمت أعينهم عن إرهاب الحوثي وماذا فعل في اليمن من قتل ونهب ثروات الشعب، ونشر الجهل والأمراض، وغير ذلك من أفعال منافية للإنسانية، وللأسف، فإنهم نتيجة هذا التغييب لا يبحثون عن التاريخ والواقع الإرهابي لميليشيات الحوثي.
تستغل المنظمات المشبوهة اليوم، مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد الأفراد سواء كمرتزقة مسلحين أو جواسيس استخباراتيين للعمل عن بُعد، وذلك ضمن الأهداف المرسومة لهم، لزعزعة أمن الدول. فاستهداف الشباب العاطلين الذين يبحثون عن المال والهوية، وإغراؤهم بالحياة الجميلة ليس بالأمر الصعب، وعادة ما تسعى هذه الخلايا النائمة إلى تغيير المسار السياسي للدول، واليوم هناك دول مثل سوريا وليبيا واليمن وغيرها شهدت ما يسمى ب«الربيع العربي» وقد حوربت رقمياً قبل أن تدخلها المنظمات الإرهابية مثل «داعش» وغيرها، فالتجنيد الأساسي لقوى الشر جاء عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.
وهذا قليل من النماذج التي استخدمت فيها قوى الشر، الحروب الرقمية لمحاربة الدول العربية من دون استخدام الأسلحة الثقيلة أو الصواريخ أو حتى الحروب بالوكالة. فالحروب الرقمية اليوم بواسطة التقنيات الحديثة هي التي تستخدم حالياً لضرب الدول وتدمير مصالحها داخلياً وخارجياً.

sultan.aljasmi@hotmail.com

Original Article

شاهد أيضاً