«الشارقة السينمائي الدولي» أمل جديد للشباب العرب

مارلين سلوم

لا يشبه العرس السينمائي، بل هو فرح الطفولة وألوان الربيع داخل قاعة فيها الكثير من السحر والإبهار والخيال. قاعة يلتقي فيها الإبداع مع الصناعة والحرفة والمهنية. الصغار يبدعون أفلاماً سينمائية؟ نعم، ولديهم القدرة على المساهمة في تطوير هذه الصناعة لتحاكي واقعهم وخيالهم وطموحاتهم وتترجم أفكارهم بشكل فني جميل، ومن يزُرْ قاعة الجواهر التي تحتضن الدورة السادسة من مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل، يرَ سينما المستقبل حاضرة أمامه، ويبدأ المهرجان بجرعة عالية من التفاؤل ونقلة مهمة مع الإعلان عن تطوير مهم جداً، حيث سيكون المهرجان انطلاقاً من العام المقبل، للأطفال والشباب، وهذا حدث وأمنية تتحقق.
ماذا يعني أن يكون مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب؟ يعني أنه أول مهرجان في العالم العربي يحتضنهم، وأن هناك رئة يتنفس من خلالها الأطفال والشباب ليعبّروا عن مواهبهم، وأحلامهم وأفكارهم. نافذة يطلون من خلالها على العالم، يترجمون خيالهم إلى حكايات مصوّرة وشرائط يشاهدها العالم، ويعني أيضاً أن هناك من يؤمن بهؤلاء الشباب والأطفال ويتبنّى مواهبهم ويدعمهم ليكونوا رجال المستقبل في الفن أيضاً وليس فقط في العلوم والتعليم.
في عالمنا العربي لا يجد الصغار من يبحث عنهم لتثقيفهم فنياً، إلا فيما ندر. ولا تفتح السينما أبوابها لهم إلا من خلال مخرجين يبحثون عن ممثلين أو حالات نادرة تحقق لهم التميز في أفلامهم. فمن يصدق طفلاً يحلم على ورق، ويصير حلمه فيلماً سينمائياً قصيراً، ويقص ويقطع ويخرج الشريط فيولد بين يديه فيلماً صغيراً يطير بجناحين، علّه يصل إلى شاشة تلتقطه فتعرضه ثم يكبر في عيون الجمهور ويولد مرة ثانية في عالم السينما الكبير؟ ليس مجاملة أن نقول إن الشارقة ومؤسسة «فن» هي الوحيدة التي فتحت الأبواب والنوافذ لتلتقط تلك الأفلام والأحلام، وتؤسس مهرجاناً كان حتى يومنا هذا مخصصاً للأطفال، وسيصير للشباب حصتهم فيه.
هذا حدث بالنسبة لعشاق الفن السابع، وللفن عموماً، وبالنسبة لكل الشباب العربي. نحن لا نملك أفلاماً موجهة للشباب، ولا تشهد الصناعة أعمالاً موقّعة بأسماء مواهب شابة أو في سن المراهقة. كل من شاهدناهم حتى الآن يقدّمون تجاربهم الأولى في السينما، (خارج الشارقة السينمائي الدولي) تجاوزوا العشرين ودرسوا أو تخرجوا في جامعات، فماذا عن المراهقين من سن 15 وما فوق؟ السينما العربية تتجاهلهم في أفلامها وقضاياها، وتتجاهلهم في صناعتها، بينما هم الأكثر تأثيراً في السوق، والأكثر إقبالاً على المشاهدة في الصالات، ناهيك عن أنهم رجال المستقبل. فإذا لم تتم تنشئتهم بطريقة صحيحة ليطلقوا العنان لمواهبهم وتجاربهم في الفن السابع، ولم يتم توجيههم عبر ورش يديرها أهل الاختصاص، لن نشهد نمواً وتطوراً حقيقياً في الصناعة السينمائية في المستقبل.
للشباب والأطفال كلمتهم في المهرجان. مجموعة منهم لعبت دوراً في تقييم الأفلام وأدلت بصوتها بكل مسؤولية وعن وعي تام بكيفية نقد واختيار الأفلام، وتكوين رأي حولها لمعرفة كيفية تقييمها. تلك المجموعة التي تراوحت أعمار أعضائها ما بين الثامنة والعشرين عاماً، منها من شارك في أعمال مسرحية وفي ورش للشباب في الشارقة، ومنها من خاض تجربة صناعة أفلام عبر هاتفه النقال، ومن أخرج أفلاماً قصيرة.. وكلهم بلا استثناء يملكون موهبة بارزة في قراءة الأفلام وفهمها بشكل صحيح. ولا شك أننا إذا أجرينا ورشاً فنية متنقلة في المدارس، لاكتشفنا مجموعات أخرى من هذه النوعية من الأطفال والشباب القادر على تحمّل مسؤولية سينما المستقبل، ولا يحتاج إلا إلى اليد التي تمتد لمساعدته، ومن يتيح له الفرصة ليكتشف ذاته أولاً، وليكتشفه العالم ثانياً. لذا، فلنكن على مستوى أحلام وطموحات الأبناء.
الإبهار والسحر موجودان بقوة في أروقة قاعة الجواهر، أنت أمام حدث يؤمن بصناعة الصغار القادرة على منافسة الكبار، الورش المرافقة، التقنيات العالية والحديثة التي تفنن منظمو المهرجان في استخدامها في كل ركن ومحطة.. كل الجهود تضافرت لإنجاح المهرجان كما يليق به أن يكون.
علينا أن نحتفي بهذا المهرجان ونشغل العالم بتفاصيل أحداثه على مدى أيامه، وبعدها أيضاً، مثلما يحتفي العالم بأي مهرجان سينمائي دولي، فهو ليس أقل منها قيمة، بل لعله أكثر منها تأثيراً في الحاضر والمستقبل. ضروري أن يصير حدثاً عربياً مهماً، بحضور كبار النجوم كداعمين للشباب والأجيال القادمة بكل حماس وقوة إلى الفن السابع، فإذا لم يحتضن هؤلاء الكبار المواهب الفتية والأطفال، من يرشدهم ويكون قدوتهم ومثالهم الأعلى في السينما الحديثة إذاً؟

marlynsalloum@gmail.com

شاهد أيضاً