«الخثار الوريدي العميق»..خطر على صحتك

تنتج حالة الخثار الوريدي العميق بسبب تكون جلطة داخل وريد عميق، والتي تحدث في العادة داخل الوريد الفخذي أو الوريد المأبطي في الساق، وهو الذي يقع خلف الركبة، ويحمل الدم من مفصل الركبة والعضلات في الفخذ والساق إلى القلب، وذلك بسبب ملازمة الفراش فترات طويلة، وهو ما يعرف طبياً بتجلط الأوردة العميقة.
يؤثر تجلط الأوردة العميقة على أوردة الساق أو الأوردة العميقة في الحوض، وفي بعض الأحيان تصاب أوردة الذراع بهذا المرض، وينتج هذا التجلط عن عوامل محددة، منها انخفاض معدل تدفق الدم في هذه المناطق، وحدوث تلف في جدار الوعاء الدموي، وزيادة قابلية تجلط الدم، وهو ما يعرف بفرط تخثر الدم.
ويعد أكثر الاختبارات المستخدمة في حالة تخثر الأوردة العميقة لتشخيص الإصابة بالتجلط الوريدي العميق، هو اختبار دم يسمى دي دايمر وتحليل الموجات فوق الصوتية دوبلر للأوردة المصابة.
ويتم تصوير أوردة الساق لبيان الحالة ثم تحديد طرق العلاج، وبزيادة الأبحاث والدراسات يمكننا كذلك تحديد الخطوات اللازمة للوقاية، وتقليل المضار في الحالات التي في طريقها للوقوع تحت تأثير هذا النوع من الأمراض.
ونتناول في هذا الموضوع مرض الخثار الوريدي العميق بالتفاصيل، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه المشكلة، وكذلك الأعراض والعلامات الدالة عليه، إضافة إلى طرق الوقاية الممكنة، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.

ثلاثي فيرشو

تعود الإصابة بالخثار الوريدي العميق إلى ما يعرف طبياً بثلاثي فيرشو، وهي مجموعة مكونة من 3 عوامل معروفة بتأثيرها في تكون الجلطات، وتمثل معدل تدفق الدم، وكثافة الدم، وخصائص جدار الوعاء الدموي.
لاحظ فيرشو أن تجلط الأوردة العميقة يصيب الساق اليسرى أكثر من اليمنى، وأشار إلى أن السبب الرئيسي يرجع إلى ضغط الدم الشديد في الوريد الحرقفي العام للساق اليمنى عن الوريد الحرقفي للساق اليسرى.
وتتسبب العمليات الجراحية أو الإقامة في مستشفى مدة طويلة في الإصابة بهذه الحالة المرضية، وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة إصابة مرضى جراحة تغيير الركبة بالخثار الوريدي العميق تبلغ حوالي 70%، والمصابون بهذا النوع من التجلط لم يتلقوا عقار الهيبارين، وهو العلاج الوقائي لهذه الجلطات.

السن والتدخين

يلعب التقدم في السن دوراً كبيراً في الإصابة بالخثار الوريدي العميق، وكذلك الذين يعانون سمنة؛ حيث يكون هناك ضغط على الأوردة بصفة مستمرة، وكذلك الإصابة بالعدوى.
ويؤدي استخدام أشكال حبوب منع الحمل الهرمونية المركبة، والتي تحتوي على الهرمون المعروف بالأستروجين للإصابة بالمرض، ويظل في دائرة الخطر الذين يداومون على التدخين بشراهة أو بصورة مكثفة، والمصابون بميل كبير للتجلط.
ويتسبب الجلوس لفترات طويلة دون حركة وبوضع ثابت، وعدم الحصول على فترات راحة من أجل السير في الإصابة بالخثار الوريدي العميق، على سبيل المثال خلال رحلات الطيران الطويلة أو السفر المتواصل بالسيارة.

الإصابة الساكنة

تتمثل أعراض الخثار الوريدي في ألم شديد في القدم، وانتفاخ وتورم الأطراف واحمرار العضو المصاب، ويتأثر أداء المصاب ومقدرته على المشي، وذلك في حالة إصابة الأوردة العميقة.
وتعتبر إصابة الساق بالوذمة ضمن الأعراض الأكثر ظهوراً، ويصاحبه في بعض الأحيان شحوب في الجلد، ويمكن أن توجد كتلة تحت سطح الجلد في الساق المصابة، يستطيع المصاب أن يلمسها ويشعر بها، وذلك في حالة إصابة وريد سطحي.
ويشير الأطباء إلى أن الإصابة تكون ساكنة في حوالي نصف الحالات، إلى أن تحدث مضاعفات الخثار الوريدي العميق، مثل انصمام الشريان الرئوي، والذي يصاحبه ضيق في التنفس، وألم في الصدر وسعال مصحوب في بعض الأحيان ببلغم دموي.

دور التاريخ المرضي

يجب أخذ التاريخ المرضي بدقة للمريض؛ لأن له دوراً بالغاً في تحديد مدى الإصابة، وكذلك خطوات العلاج، بما في ذلك استخدام حبوب منع الحمل الهرمونية، التي تحتوي على هرمون الأستروجين، ويضاف للتاريخ المرضى معرفة ما إذا كان المريض ممن يسافرون لمسافات طويلة، لما يلازمها من أسباب تدعو إلى الإصابة بهذا المرض.
ويأتي بعد ذلك حالة المريض من حيث تعاطي الأدوية التي تؤخذ عن طريق الوريد، وأخذ التاريخ المرضى لحالات الإجهاض، وكذلك معرفة التاريخ المرضى للعائلة، حيث يكشف عادة عن وجود عامل وراثي يؤدي للإصابة بتجلط الأوردة العميقة.

تشخيص فوري

يجب تشخيص الخثار الوريدي العميق عند اشتباه الإصابة به على الفور، ورمانة الميزان في التشخيص هي تصوير الأوردة بالأشعة، والذي يتضمن حقن الوريد المحيطي للطرف المصاب بإحدى مواد التباين، وإجراء فحص باستخدام أشعة إكس؛ لإظهار ما إذا كان حدث انسداد في التدفق الوريدي أم لا.
ويتيح التشخيص بواسطة فحص دوبلر والموجات فوق الصوتية التصوير المباشر للأوردة والجلطات، وذلك عقب الحصول على القصة المرضية، وإجراء فحص المريض سريرياً.
ويمتاز التصوير بالموجات فوق الصوتية بحساسية عالية ونوعية تجاه هذه الإصابة، إضافة إلى أنه لا يحتاج إلى تدخل جراحي لإجرائه، ويمكن أن يلجأ الطبيب إلى التصوير بالرنين المغناطيسي مع حقن مادة تباين.

سيولة الدم السر

تستند مبادئ علاج الخثار الوريدي العميق إلى إعطاء عقاقير مسيلة للدم؛ من أجل الحد من هذه العملية، أي التخثر والتجلط، والحد من مخاطر واحتمالات حدوث المضاعفات، وتختلف مدة العلاج من حالة إلى أخرى، وهذا يحدده الطبيب مع ما يكون من المريض من التعاون والالتزام بالتعليمات.
تتراوح فترة العلاج ما بين 3 و6 أشهر في بعض الأحيان، حيث يصف الطبيب المعالج بعض الأدوية التي تذيب الجلطات، والتي تعتبر مفيدة في مثل هذه الحالات النادرة، وعندما يتعلق الأمر باضطراب شديد في تصريف الدم الوريدي، يتطلب الأمر إجراء عملية جراحية لإزالة الجلطات.

تجنب عوامل الخطر

يجب العمل، على منع عوامل الخطر، مثل التوقف عن استخدام أقراص منع الحمل، وتقليل وزن الجسم، إضافة للعلاجات المختلفة.
ويوصى أيضاً بدعم ميكانيكي للأوردة، بواسطة جوارب ضغط مرنة، إضافة لتجنب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة دون حركة.
ويتطلب الأمر أيضاً تثبيت مرشح مصفاة في الوريد الأجوف السفلى، من أجل منع الانضمامات الرئوية التي تهدد حياة المريض.
تشكل حالات الإصابة بجلطة الأوردة العميقة خلال فترات سابقة، عاملاً يزيد من مخاطر عودة الإصابة مجدداً في المستقبل، إذا تعرض المريض من جديد لمسببات الخطر، فيجب اتخاذ التدابير الوقائية التي تم الحديث عنها.

نصائح مهمة

يوجه الأطباء والباحثون عدداً من النصائح التي يمكن أن تجنب الإصابة بالخثار الوريدي العميق، وذلك عند السفر بالطائرة أو السيارة أو القطار لمسافات طويلة، ومن هذه النصائح ارتداء الملابس الفضفاضة والمريحة، والأحذية الواسعة كذلك، ويمكن ارتداء جوارب قصيرة، حيث تساعد على جعل القدمين دافئتين وغير محشورتين كما تفعل الأحذية.
يفيد كذلك تمديد الساقين، وتحريك القدمين لأعلى وأسفل، حتى خلال الجلوس في المقعد، مع شد عضلات البطن من حين لآخر، وينصح كذلك بالتنفس بعمق وبطء بصورة دورية، مع محاولة القيام من المقعد والسير عند التمكن من ذلك، ولو مرة كل ساعة.
يمكن الحصول على استشارة طبية عن إمكانية تناول الأسبرين خلال السفر، لأن الجرعات الصغيرة منه ربما جنبت الإصابة بالجلطات، ويجب تجنب الإصابة بالجفاف، أو نقص السوائل؛ لأن ذلك يزيد خطر الإصابة بالجلطات، وينبغي الابتعاد عن المشروبات الكحولية؛ لأنها سبب أساسي في الجفاف، وتفيد السوائل غير الكحولية في الوقاية من هذه الحالة، مع التشجيع على الحركة للذهاب إلى دورة المياه.

الأطفال خارج الدائرة

أكدت دراسة حديثة أن حوالي شخص من كل ألف يصابون بمرض تجلط الأوردة العميقة سنوياً، وتشير التقديرات إلى أن 450 ألف شخص يصابون سنوياً بتجلط الأوردة العميقة وانسداد الشريان الرئوي، وأن 100 ألف حالة وفاة على الأقل يمكن أن ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بهذين المرضين.
وتقل الإصابة بتجلط الأوردة العميقة بين الأطفال، حيث يصاب حوالي شخص واحد من بين كل 100 ألف شخص تحت سن 18 عاماً بتجلط الأوردة العميقة، ويرجع السبب إلى ارتفاع معدل ضربات القلب في الدقيقة لدى الأطفال، كما أن أسلوب حياته نشط نسبياً مقارنة بالبالغين.
وأكدت الإحصائيات أن معدل الإصابة لدى النساء يكون أقل بنسبة 5%، أي بمعدل 7 حالات من كل 100 حالة حمل، ويعتبر تجلط الأوردة العميقة السبب الثاني الأكثر شيوعاً في حدوث وفيات الأمهات الحوامل، وذلك في الدول المتقدمة بعد النزيف.
ويصاب حوالي 15% من مرضى تجلط الأوردة العميقة بمتلازمة ما بعد الجلطة، وتأتي بصورة ورم في الساق وألم وتشنج عضلي أثناء النوم، وعرج وريدي المنشأ، وتصبغ الجلد والتهابه، وتقرح الجلد، وفي الغالب يكون الجانب الأوسط من أسفل الساق.

شاهد أيضاً