التهاب الوتر الرضفي بسبب الجري والقفز

تعمل عضلات ومفاصل الإنسان بتناغم تام، فتنقبض العضلات جاذبة الأوتار التي تجذب بدورها العظام فتحدث الحركة، ويتسبب الاستخدام الخاطئ أو الزائد عن الحد إلى إصابة الأوتار بالتلف.
وكذلك تتأثر مفاصل الجسم لأسباب كثيرة منها الاستخدام الكثيف خاصة مع الرياضيين من دون راحة كافية يقوم فيها الجسم ببناء ما تلف منه، أو لزيادة الحمل على المفصل، أو غيرها من الأسباب.
يتكون مفصل الركبة من مجموعة من الأربطة المحكمة، التي تربط عظام الفخذ والساق ببعضها، وكذلك من مجموعة أوتار مطاطية قابلة للتمدد والتي تربط العظام بالعضلات.
وتوجد من الأمام عظمة صغيرة دائرية تسمى الرضفة أو «الصابونة»، وهي التي تحمي عظام الركبة من الصدمات، وتعمل مع الوتر الرضفي الذي يصل الصابونة بعظمة الساق على تناغم حركة المفصل، وتساعد العضلات على فرد وثني الساق.
ونتناول في هذا الموضوع التهابات الوتر الرضفي، والعوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به، والأعراض التي تظهر وكذلك نقدم طرق الوقاية والحماية اللازمة، مع عرض طرق العلاج الطبيعي والطبي للتخلص من هذه المشكلة المزعجة.

ركبة القافز

يلتهب الوتر الرضفي مع الاستخدام المفرط له سواء في القفز أو الركض، ويكثر حدوثه مع الرياضيين وتحديدا في ألعاب كرة السلة والكرة الطائرة، وأيضا كرة القدم، ولذلك يسمى التهاب الوتر الرضفي بركبة القافز.
ويتعرض على الرغم من ذلك أي شخص للإصابة بالتهاب الوتر الرضفي حتى لو لم يكن يقفز أو يركض، فأي حـــــركات مفاجئة وغير طبيعية تعد اســــتخداما خـــــاطئا ربما ينتج عنها إصابة أو التهاب، يشعر معه المريض بالألم الذي يشتد مع المشي أو الركض.
ويعني التهاب الوتر بصفة عامة أن نسيجه تضرر أو تمزق لسبب ما، وبالتالي فإنه لا يؤدي وظيفته بالشكل الطبيعي، وربما يصاحب الالتهاب التورم والاحمرار، وغالبًا ما تعالج التهابات الأوتار بالعلاج الطبيعي والراحة مع المسكنات لتخفيف الآلام، أو بالتدخل الجراحي في الحالات شديدة السوء.

تكرار حركات معينة

يحدث التهاب الوتر الرضفي غالباً نتيجة تكرار كثيف لحركات معينة لفترات طويلة كالركض أو ركوب الدراجة الهوائية، وكذلك يتأثر وتر صابونة الركبة بكثرة صعود أو هبوط المنحدرات أو السلالم، وهو مرض الرياضيين عامة.
يتسبب عدم توازن قوى العضلات في التهاب الأوتار، ففـــي حال كانت عضلة تجذب الوتر بقوة أكبر من أختها، فـــــإن الوتر يجهد ويتضرر نسيجه، ومن الممكن أن يتضــــرر الوتر الرضفي من الانتقـــــال إلى مستوى صعوبة كـــبير أو عدد تكرار كثير في التمارين الرياضية، أو حتى إذا كان الحذاء الرياضي من نوع سيئ أو غير مناسب للقدم وخاصة في الركض.
ويزداد احتمال حدوث التهاب الوتر الرضفي كلما ضاقت زاوية الحوض مع عظمة الفخذ، ممــا ينتج عنه عظمة فخذ مائلة تضغط بزاوية مائلة على الركبة، ويكون ذلك بسبب عيب خلقي.
ولذلك فالنساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الوتر الرضفي لأن الحوض عندهن أعرض منه في الرجال.

عضلة الفخذ والوتر

يزيد ضعف عضلة الفخذ الأمامية من الحمل على وتر الرضفة، مما يؤدي إلى التهابه، وكذلك قصر عضلة الفخذ الرباعية الخارجية والضامة والأمامية والخلفية يؤدي إلى التهاب وتر الصابونة.
ويؤدي حدوث صدمة لصابونة الركبة إلى التهاب الوتر الرضفي، وأيضا التعرض لبعض الأمراض كالتلوث الجرثومي أو الأمراض الروماتزمية. ولا يعد الجسد غير الرياضي بمنأى عن هذا الالتهاب فإن العضلات قليلة المرونة تزيد من احتمالية حدوث الالتهاب في وتر صابونة الركبة، كما أن زيادة الوزن تضغط على الركبة بكل مكوناتها طوال وقت الوقوف والمشي، مما يجعل الركبة عامة والوتر الرضفي خاصة عرضة للالتهابات والآلام.

ألم مستمر

يبدأ المريض الشعور بالألم مع بداية ممارسة الرياضة، ويزداد هذا الألم بزيادة الوقت أو نوعية التمارين الرياضية التي يمارسها، ويصبح هذا الألم طوال اليوم مع الأنشطة المعتادة مثل صعود السلالم، أو حتى المشي، والقيام من بعد جلوس.
ويكون الألم غالبا في أسفل الوتر الرضفي عند مكان التقائه بالساق، وربما يحدث تورم بسيط في مكان الالتهاب.
وتحدث أورام الالتهابات بسبب زيادة إفراز الجسم للسوائل الزلالية الزيتية، والتي تعمل على تليين حركة المفاصل ومنع تآكلها، ونتيجة لحادث ربما يتمزق الوتر فيحدث ألما شديدا لا يستطيع معه المصاب تحريك ركبته.

لا يظهر بالأشعة

يساعد المصاب طبيبه في التشخيص بأن يذكر له تاريخه المرضي والرياضات التي يمارسها، ويضغط الطبيب عادة على أماكن مختلفة لتحديد مكان الألم بدقة أكبر، ويقوم الطبيب بثني الركبة وفردها ووضعها في زوايا معينة ليقيم مدى سلامة المفصل.
ويصعب على الطبيب تحديد التهاب الوتر الرضفي من وصف المريض، وذلك لتشابهه مع الكثير من حالات إصابات الركبة كتمزق الرباط الصليبي، أو الغضروف المفصلي أو حتى النقرس، أو إصابة الكيس الزلالي للركبة أو هشاشة العظام.
ولذلك فإن الطبيب يلجأ للتصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير بالموجات فوق الصوتية، فحتى الأشعة العادية لا توضح وجود هذا الالتهاب، لأن الأوتار والأربطة لا تظهر بها.
يمكن أن يطلب الطبيب عمل الأشعة إذا شك في وجود كسر أو شرخ في العظام، وكذلك تساعد الأشعة السينية في حصر المشكلة في الأربطة والأوتار في حال وضوح سلامة العظام بالأشعة.
تزداد آلام التهاب الوتر الرضفي إذا ما تم تجاهلها، ويصبح السير مؤلما وتتأثر العضلات المحيطة وتضعف، ويزداد تمزق الوتر ولا يتمكن الجسم من علاج نفسه، وبالتالي يتحول إلى التهاب الوتر الرضفي الأخطر، ويصبح مزمنا.

الراحة وتجنب الرياضة

يبدأ علاج التهاب الوتر الرضفي بالراحة، وارتداء رباط طبي ضاغط على الركبة، مع تجنب الرياضات والأنشطة التي يظهر معها الألم، فليس من المقبول الاستمرار في أداء التمارين الرياضية مع استمرار الشعور بالألم حتى لا يزداد الأمر سوءا.
ويعتبر من المفيد وضع كمادات ثلج على مكان الألم، فالثلج من العلاجات القديمة المعروفة لتسكين الآلام وسرعة الشفاء، ولا يوضع الثلج على الجسم مباشرة ولا في كيس بلاستيكي خفيف، حتى لا يؤدي إلى حدوث تلف في الأعصاب أو ما يسمى بحروق باردة، بل يكون داخل قربة سميكة أو منشفة، ولا يبقى على الالتهاب لأكثر من 10 دقائق، وتكرر هذه العملية 3 مرات متباعدة ويوميا لمدة أسبوع أو أقل.
يشير استمرار الألم إلى ضرورة اللجوء للطبيب، والذي يقوم أولا بالعلاج الطبيعي عن طريق تدليك الوتر، وتدريب المصاب على تكرار عدة تمارين طبيعية استشفائية، منها ما هو لتقوية العضلات وزيادة مرونتها، ومنها ما يعالج الوتر الملتهب نفسه.

دوائي وجراحي

توجد أدوية يقوم الطبيب بحقنها مباشرة تحت الجلد عند الوتر ثم استخدام جهاز كهربي يطلق شحنات ضعيفة تنشر العلاج على الوتر الملتهب، ويصف الطبيب إلى جانب ذلك بعض المسكنات التي تساعد على تخفيف الشعور بالألم.
وينصح الطبيب الشخص المصاب بإيقاف الأنشطة الرياضية مؤقتا، لحين زوال الألم أو التحول لرياضات لا تضغط على الوتر الرضفي.
وإذا لاحظ الطبيب أن التهاب الوتر الرضفي ناتج عن حركات خاطئة أدت للالتهاب، يقوم بتعليمه الطرق الصحيحة للقفز والركض والتوقف السريع بطرق لا تضغط على الأوتار وتؤدي بها للالتهاب، كما يرشده للاستخدام الصحيح للأجهزة الرياضية.
ويتجه الطبيب للعلاج الجراحي إذا لم يستجب المريض للعلاجات الطبيعية والدوائية طوال عام كامل، ويتم في الجراحة علاج التمزق أو حتى استئصال ما هو شديد التضرر، ولكن معظم الحالات تستجيب للعلاج الدوائي، ونادرا ما يلجأ الطبيب للتدخل الجراحي.

حقن البلازما

يتجه الطب الحديث إلى علاج الالتهابات بحقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية، لأنها تحتوي على البروتين الذي يسرع عملية التئام وشفاء الأنسجة، والمساعدة في إيقاف أي نزيف للدم، وكانت النتائج الأولية مبشرة للغاية، فاللاعب الرياضي أكثر ما يهمه هو سرعة العودة للملعب ولرياضته المحبوبة.
ويتحدد الشفاء التام عندما يزول الألم تماما ويتمكن المريض من ثني وفرد الركبة والانحناء والجلوس في وضع القرفصاء دون أي ألم، مع عدم وجود أي كدمات أو انتفاخات، وحينها يمكنه العودة لأنشطته الرياضية المعتادة.
وتساعد الراحة مع سرعة بدء رحلة العلاج في زيادة سرعة شفاء التهاب وتر صابونة الركبة، وحتى لا يمتد العلاج إلى عدة أشهر.

مدة الشفاء التام

أكدت دراسة أمريكية حديثة أن هناك 3 لاعبين من كل 100 لاعب رياضي يضطر للغياب عن الملاعب، وذلك بسبب الإصابة بالتهاب الوتر الرضفي، وبينت الدراسة أن من أكثر المصابين بهذه الإصابة من بين الألعاب الرياضية لاعبي كرة السلة والكرة الطائرة.
ويحتل مرض التهاب الوتر الرضفي نسبة 2% من بين كل الإصابات التي تهاجم الرياضيين بشكل عام، وتشير الدراسة إلى أن حالة المصاب من الجائز أن تتحسن مع العلاج بعد مرور 3 أيام، غير أن الشفاء التام يحتاج فترة زمنية تصل من 3 أشهر إلى 6 أشهر.
ويؤكد الباحثون والخبراء أن العلاج الجراحي يعتبر الحل الأخير، وذلك في حالة مرور 12 شهراً على المصاب دون حدوث تحسن في حالته، سواء بعد العلاجات الطبيعية أو الدوائية.

شاهد أيضاً