الترشيد العقلاني مصلحة

ابن الديرة

الاستهلاك، والشراء الزائد عن الاحتياجات الفعلية، يؤثران سلباً في ميزانيات الأسر محدودة، أو متوسطة الدخل، وبالتالي ينعكس على مستوى ونمط معيشتها، لأنها ستجد نفسها تنفق أحياناً على سلع كمالية ليست أساسية، ويمكن الاستغناء عنها بسهولة، وتصطدم بصعوبات في توفير احتياجات أساسية للبيت قد يكون من الصعوبة تصنيفها بأنها غير ضرورية، أو يمكن لأفراد الأسرة أن يسقطوها من حساباتهم بسهولة والاستغناء عنها.
ولأن ميزانيات الأسر، وتحديد احتياجاتها غالباً ما تكون في أيدي السيدات، فإن وعي المرأة بضرورة الادخار، وعدم الإسراف، والإنفاق العقلاني المرشد، تحوّل إلى محور اهتمام صحيح في العديد من المؤسسات الرسمية والمنظمات الاجتماعية التي تلعب أدواراً مهمة على الصعيد الاجتماعي.
ولذلك كان في غاية الأهمية، تعزيز دور المرأة في الاقتصاد، وعملية التنمية المستدامة، نظراً لأهمية الادخار والإنفاق العقلاني كعامل مهم في النمو الاقتصادي، والتحكم إلى حد ما في بعض مساراته الحيوية، والتأثير فيها.
الادخار نقيض للإسراف، وتأكيد القيادة الحكيمة على أهمية التوعية بإيجابياته، يجب أن يكون حافزاً للجميع، خاصة للمرأة مديرة الميزانية الأسرية، فالتوفير هو نوع من القوة الاقتصادية للمرأة، والأسرة، وأفرادها، ويعزز من القدرة على مواجهة المفاجآت، والتحديات، والمتطلبات المعيشية الضرورية الطارئة.
الخلل يكمن غالباً في الاستهلاك التفاخري، من خلال شراء ما لا تحتاج إليه الأسرة، وبكميات زائدة عن الحاجة، فتهدر، وفي أحيان كثيرة يكون مستوى الإنفاق لا يتناسب مع مستوى الدخل، يزيد عليه، ولا يسمح بتلبية الضروريات أحياناً لمصلحة الاستهلاك الترفي، الزائد غير الضروري، المظهري، الذي يتستر خلفه البعض ليقال إنه ميسور الحال، وهو غير ذلك تماماً، وغالباً ما تثقل كاهله الديون.
إن زيادة الاستهلاك تعتبر آفة اجتماعية تلحق الضرر الأكيد بالاقتصاد الوطني للدول، ولا تخدمه، وتقف حجر عثرة في طريق تنميته، وتطوره، فإلى جانب مساهمة زيادة الطلب على المنتجات في رفع أسعارها نتيجة اختلال ميزان العرض والطلب، فإن زيادة استهلاكها يحتم تعويض الكميات المفقودة بالاستيراد من بلاد المنشأ، بكل ما يكلفه ذلك من رصد ودفع عملة صعبة ثمناً لتلك المنتجات، ونقلها الجوي والبحري المكلف، وتخزينها الأصعب، والأكثر تكلفة، إضافة إلى تكلفة تسويقها محلياً، رغم أنها لا تكون مهمة واستراتيجية في بعض الأحيان، فيكون الإجمالي مرهقاً يساهم في خلل الميزان التجاري.
هذا النوع من الاستهلاك يؤثر في مستوى التنمية بمختلف جوانبها، لأن جزءاً مهماً من الدخل ينفق في غير محله، بدلاً من أن يستثمر للمصلحة الوطنية، ويكون دعماً أساسياً لمجمل النشاطات الاقتصادية الوطنية المهمة، كالصناعة، والزراعة، والخدمات الحيوية.

ebnaldeera@gmail.com

Original Article

شاهد أيضاً