التدخين المسبب الأول للإصابة بسرطان الفم

ينتشر سرطان الفم بين الكثير من المدخنين، وأيضاً بين بعض الأشخاص، ولكنه أكثر تفشياً بين أولئك الذين يفرطون في التدخين لسنوات طويلة من العمر، ويصيب هذا السرطان أي جزء من الفم، فيمكن أن يصيب هذا الورم اللثة وكذلك الشفتين أو يظهر على سطح اللسان، وفي بعض الحالات يكون داخل الخدود، وأيضا في سقف وأرضية الفم والحنك والجزء الأوسط من الحلق، ويصيب الغدد اللعابية لدى بعض الأشخاص أو يصل إلى اللوزتين.
هذا النوع من السرطان يصنف في مقدمة الأمراض السرطانية حول العالم، ويظهر بين المصابين في الأربعينات من العمر، ولكن في بعض الحالات يكون في أعمار أقل من 40 عاما، ويمكن الشفاء من هذا الورم السرطاني بشكل تام، إذا تم اكتشافه بشكل مبكر والسيطرة عليه وعدم تطوره وتفاقم الوضع وانتشاره
سجلت الكثير من الإحصائيات وفاة أعداد ليست قليلة من الأشخاص المصابين بسرطان الفم، نتيجة التأخر في العلاج بسبب التشخيص غير السليم، لأن أعراض هذا الورم تتشابه مع بعض الأعراض التي يمكن أن تصيب الفم والناتجة عن الأمراض التقليدية، والسرعة في تشخيص سرطان الفم ضرورية للغاية للوصول إلى الشفاء الكامل، وبعض الإحصائيات العالمية تشير إلى وفاة حوالي 51% من إجمالي عدد المصابين بهذا الورم الخبيث.
وتبلغ نسبة الأشخاص المصابين بهذا المرض حوالي 6% من إجمالي عدد الأفراد المصابين بكل أنواع السرطانات، وفي هذا الموضوع سوف نتناول مرض سرطان الفم بكل تفاصيله، والمسببات التي تؤدي إليه، وطرق الوقاية والحماية من هذا المرض.

الخلايا الحرشفية

تشير التقارير الطبية العالمية إلى إصابة حوالي 655 ألف شخص بمرض سرطان الفم بجميع دول العالم على مدار العام، ويرتفع معدل الخطر إلى 25% من هذا العدد السابق، ويصل عدد الأشخاص الذين يفقدون حياتهم بسبب هذا المرض إلى حوالي 174 ألف شخص من إجمالي المصابين، ومن المثير للقلق أن هذا السرطان أصبح أكثر انتشارا.
وينصح الأطباء بضرورة معرفة حالة الجسم الطبيعية، والتعرف على أي متغير لسهولة اكتشاف المرض في وقت مبكر، وعند ظهور قرح في الفم أو على اللسان أو حدوث تورم في الشفتين، وظهور بقعة حمراء أو بيضاء داخل الفم، كل هذه المظاهر والأعراض يجب أن تعرض على الطبيب المتخصص، حتى يتعرف على التغييرات غير الطبيعية إذا كانت موجودة، كما أن نمط الحياة الصحي يعمل على انخفاض خطر الإصابة بسرطان الفم، وسرطان الفم هو ورم خبيث ينشأ داخل تجويف الفم، وفي الغالب ينتج عن ورم قبله يكون في نسيج الفم نفسه، وفي بعض الحالات يعتبر امتداداً لورم في البلعوم، ثم ينتشر السرطان في تجويف الفم سواء على اللثة أو سقف الفم وسقف الحلق أو أرضية الفم، أو باقي الأماكن الأخرى من الفم التي ذكرناها سالفا.
والخطورة الكبيرة في هذا الورم أنه يعد من أكثر السرطانات سرعة في الانتشار، ويمكن أن يصل إلى أماكن يصعب السيطرة عليه، مما يؤكد أن التشخيص المبكر يحمي من هذا الانتشار، وينتشر بين النساء أكثر من الرجال، ونسبة حوالي 93% من الأشخاص المصابين بمرض سرطان الفم يكون مصدره الخلايا الحرشفية، والموجودة في الغشاء المخاطي داخل الفم، وينشأ السرطان في البداية على شكل ورم حميد داخل الفم وتظهر بعض التقرحات، ثم ينتج عنه نسيج أحمر ويتطور ويتحول إلى ورم خبيث يهاجم أجزاء أخرى من الفم.

تكرار التقرحات

يظهر الورم السرطاني في الفم غالبا من اللسان، وفي بعض الحالات يكون سرطان الفم ورماً أصيلاً داخل أحد أنسجة الفم نفسه، وأيضا من الجائز أن يكون ورماً ثانوياً امتداداً لورم خبيث في المناطق المتاخمة للفم كالأنف والبلعوم.
وعموما فإن هذا النوع من السرطان يسبب وقوع عدد من الوفيات أكثر من سرطان الرحم والخصيتين معا، ومن أسبابه الأساسية التدخين كما ذكرنا، وكذلك تناول الخمور والمخدرات، ومن مسبباته أيضا الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري.
وكشفت دراسة سابقة أن التدخين يسبب الإصابة بنسبة حوالي 40% من إجمالي المصابين بهذا المرض، حيث تم إثبات وجود علاقة كبيرة بين مادة التبغ وهذا النوع من السرطان، ورغم التحذيرات القوية من التدخين، إلا أن هذه الظاهرة السيئة تنتشر بين قطاعات واسعة من الشباب والرجال، ويرجح البعض وجود دور لمرض الفشل الكلوي في الإصابة بهذا السرطان
ومن العوامل الأخرى أيضا المسببة للمرض مشكلة نقص المناعة ومرض الحزاز الفموي، ويمكن أن يحدث نتيجة حالات مرض الزهري ومرض الذئبة، وكذلك الإصابات المتكررة بالتقرحات في الفم، والذي يفتح الباب أمام الميكروبات والفيروسات والبكتيريا لمهاجمة مستمرة لأنسجة الفم وعمل خلل في الحمض النووي للخلايا، ويمكن أن يكون نمط الغذاء غير الصحي أحد الأسباب، وبعض العلماء يرجح أيضا التباين بين تناول الأطعمة الساخنة ثم المشروبات الباردة أو الغذاء الحار، ويقولون إن هذا التناقض في الإحساس داخل الفم يضر بالخلايا ويفقدها الحالة الطبيعية، وتلعب بعض العقاقير والأدوية دوراً في الإصابة بهذا الورم الخبيث، بسبب الآثار الجانبية والتضررات الكيميائية التي تحدث بالفم.

رائحة كريهة

تظهر بعض الأعراض على الأشخاص المصابين بمرض سرطان الفم، ومنها الإحساس بألم وخدران في الوجه، ويبدو اللسان بشكل غير طبيعي وأحيانا يصاب بالشلل، ويظهر في الحنك أو بطانة الخد واللثة والشفتين، وغالبا ما يكون الورم صغيراً ولونه قاتم أو باهت،
وفي بعض الحالات ينشأ هذا الورم من وجود بقعة داخل الفم حمراء أو بيضاء، تتطور وتتحول إلى سرطان، وأيضا وجود ورم غير مؤلم في اللسان، ويجد المصاب صعوبة في عملية البلع، ويوجد بعض العلامات التي تدل على احتمالات الإصابة بسرطان الفم، ومنها صدور روائح كريهة من داخل الفم، وعند استمرارها يكون ذلك مؤشرا قويا على بدايات الإصابة بسرطان الفم، ويجب التوجه إلى الطبيب المتخصص فورا في هذه الحالة لكشف سبب هذه الرائحة المستمرة وعمل اللازم.
كما أن ظهور البقع الحمراء والبيضاء من علامات واحتمالات الإصابة بهذا السرطان، ويوجد بعض البقع التي تحدثها الفطريات وتختفي فور علاجها. أما ظهور بعض القرح المستمرة التي لا تعالج ولا تلتئم، فإن ذلك دليل على أن هذا المرض في حالة متقدمة، وتعد هذه القرح من علامات اكتشاف سرطان الفم بصورة مبكرة، قبل أن يتطور وينتشر قي أنسجة الفم، ومن خصائص هذه القرح أنها ليست مؤلمة ولا تختفي من العلاج، وفي حالة استمرار هذه القرح أكثر من 15 يوما داخل الفم دون شفاء يجب الذهاب إلى الطبيب فورا، لأن هذا الشخص يصبح قريبا للغاية من الإصابة بسرطان الفم، فهذه العلامة بداية لظهور الورم الذي يمكن علاجه في هذه المرحلة نهائيا، وتظهر هذه القرح على سطح اللسان وأسفله أو في أي مكان بالفم، ومن الأعراض أيضا فقدان جزء ملحوظ من الوزن بصورة سريعة دون سبب واضح، وفي حالة فقدان الشخص حوالي 7 كيلو جرامات من الوزن بسرعة، فإن احتمال الإصابة بسرطان الفم تكون كبيرة، وتتورم العقد الليمفاوية بشكل واضح في هذا المرض، ويحدث نزيف في الفم وشعور بألم في الأذن وخلخلة في الأسنان دون أسباب.

زيادة المصابين

تشير دراسة حديثة إلى ارتفاع أعداد المصابين بسرطان الفم، حيث وصلت النسبة إلى ما يقرب من 70% في خلال 25 سنة الماضية، ويعود ذلك إلى أنماط الحياة غير الصحية، وتكشف معلومات معهد أبحاث السرطان في بريطانيا أن سرطان الفم في طريقه إلى الارتفاع بين الرجال والسيدات من مختلف الأعمار، حيث كانت العدد 9 حالات مصابة بالسرطان من بين كل 100 ألف شخص من عام 1992 إلى عام 1996، وارتفع هذا العدد ليصل إلى 14 شخصاً مصاباً لكل 100 ألف فرد بين أعوام 2011 و2015، وتبين من الإحصاءات ارتفاع معدل إصابة الذكور إلى 7% تحت عمر 52 سنة، وكان هذا العدد قبل 25 عاماً حوالي 345 حالة مصابة سنوياً في هذه الفئة العمرية، أما الرجال الذين تتجاوز أعمارهم 52 عاماً فأكثر، ارتفعت معدلات الإصابة لديهم بنسبة 61%، وزاد هذا المعدل إلى 73% لدى النساء خلال 25 سنة الماضية.
وهذه المعدلات المخيفة جعلت مركز أبحاث السرطان في بريطانيا يصدر تحذيراً قوياً بالأرقام، وفيه أن 90% من إجمالي المصابين بسرطان الفم له علاقة بنمط الحياة غير الصحي، وكشف المركز أن المدخنين هم المعرضون لمخاطر ضخمة للإصابة بهذا المرض بصفة خاصة، ثم يأتي بعد التدخين العوامل الأخرى مثل تناول الكحول، والاعتماد على نظام غذائي قليل الخضراوات والفاكهة، ثم عدوى فيروس الورم الحليمي البشري، كلها عوامل لها دور في هذا المرض.

شاهد أيضاً