الاتجار بالبشر.. انتهاك لكرامة الإنسان

مايكل كورتين *

في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، يُجدّد العالم عزمه على محاربة هذه الظاهرة الخسيسة التي غدت تجارة رابحة تُدر أكثر من 150 مليار دولار سنوياً.
ساعد الوعي المتزايد بجريمة الاتجار بالبشر، الدول في السنوات الأخيرة، على تحديد العلامات الدالة على الاتجار، ومدّ يد العون للضحايا الذين وقعوا فريسة لأشد الأفراد قسوة وبُعداً عن الرحمة.
صادف يوم 30 يوليو/تموز الماضي، اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص. وفي ما يتعلق بهذا اليوم، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، قائلاً: «في هذا اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، دعونا نؤكد من جديد، التزامنا بمنع المجرمين من استغلال الناس دون رحمة، سعياً وراء تحقيق المكاسب والأرباح، ومساعدة الضحايا على إعادة بناء حياتهم».
ويشكل عنصر العائدات في هذه الجريمة، أكبر تحدٍّ يواجه المجتمع الدولي. إن المتاجرة بالبشر صناعة مربحة إلى أبعد الحدود، تدر ما يُقدّر ب150 مليار دولار سنوياً.
وفي وقت سابق من هذا العام، أصدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تقريره الدولي عن المتاجرة بالأشخاص، وبيَّن أن عدد الحالات بلغت الذروة خلال 13 عاماً، ولكن البيانات عكست في الوقت ذاته، زيادة في معدّل الإدانة. ذكر المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يوري فيدوتوف، أن «التقرير أعِدّ لسبب بسيط؛ إذا أردنا أن ننجح في مواجهة الاتجار بالبشر بجميع مظاهره وأشكاله، يجب علينا أن نفهم مداه وبُنيته بشكل أفضل».
وإضافة إلى ذلك، أشار إلى «أننا في حاجة إلى أن ندرك أين يَحدث الاتجار بالبشر، ومَن هم ضحاياه، ومَن الذين يرتكبون هذه الجريمة».
وقد تحسنت قدرة الدول على جمع البيانات، بينما ازداد عدد الدول التي لديها مؤسسات مخصّصة لمراقبة حالات الاتجار إلى 65 دولة، كما يبيّن تقرير عام 2018. ومن جهة أخرى، فإن الدول الآسيوية والإفريقية، لديها معدلات إدانة منخفض، كما أن أعداد الحالات التي تكشف أقل.
والأفراد الأشد ضعفاً وتعرضاً لخطر الاتجار هم النساء والبنات. وكما يشير التقرير، فإن الأغلبية العظمى من الضحايا المكتَشَفين تحدث من أجل الاستغلال الجنسي، وأن 35% ممن يتعرضون للاتجار بهم في أعمال السخرة (العمل القسري)، هم من الإناث. وتختلف ملامح الضحية من منطقة إلى أخرى.
وتُظهر تقارير الأنباء، الصور المروّعة للاجئين الذين يحاولون اتخاذ طريقهم إلى الولايات المتحدة. والأشخاص الذين ينجحون في هذه الرحلة الخطرة، كثيراً ما يستسلمون للدوافع الشريرة للمتاجرين بالبشر. ويُضطر المهاجرون من دول السلفادور، وهندوراس، وجواتيمالا في أمريكا الوسطى في كثير من الأحيان إلى أن يدفعوا للمهربين لمساعدتهم في اتخاذ طريقهم شمالاً. وهم يهاجرون هرباً من العواقب المدمرة التي يجلبها عنف العصابات، ومن الفقر. وستّون بالمئة من الضحايا المتاجَر بهم، أطفال، بناء على تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وتتفق الدول المتحضرة على أن ممارسة الاتجار بالبشر أمر مشين يستحق الشجب من الناحية الأخلاقية؛ إلا أن ما هو مستحق للشجب بالقدر ذاته، هو معاملة المهاجرين على الحدود. فهم يبلغون هذه النقطة بعد رحلة مضنية مروعة في العادة، ليجدوا الظروف التي يُحتجَزون فيها مستهجَنة بالقدر ذاته. وقد حان الوقت للولايات المتحدة أن تستعيد مكانتها كزعيمة عالمية، وتنهي سياستها الخاطئة تجاه المهاجرين.

* كاتب متخصص في الدبلوماسية والعلاقات الدولية.
موقع: إنترناشيونال بوليسي دايْجِسْت.


Original Article

شاهد أيضاً