الأثر البيئي للفضاء الرقمي

تتدفق علينا إعلانات البريد الإلكتروني وإعلانات اليوتيوب، وتلفت نظرنا صورة على فيسبوك فنوزعها، ونسجل فيديو بشكل عابر لطائر يتناول حبات الأرز من يد طفل، وننشره فتشتعل مواقع التواصل به. لكن ألا يؤثر ذلك في البيئة والمناخ؟ الحقيقة الغائبة عن الجميع عبارة عن تفصيل صغير، فنحن نتكلم عن وسائل تشغيل الإنترنت، وهذا يحتاج لكومبيوتر، سواء لابتوب أو هاتف ذكي أو جهاز لوحي أو ساعة بالذكاء الاصطناعي، كلها وسائل تشغلها الطاقة الكهربائية، وهذا يؤدي إلى هدر طاقة توليد الكهرباء وينتج ثاني أوكسيد الكربون الضار بالمحيط.
كشفت دراسة نشرت مؤخراً عن وسائل بحثية لبناء اقتصاد يعمل بالطاقة المتجددة، ويشمل المبلغ الذي تطلب رصده للدراسة تكاليف إنشاء البنية التحتية المطلوبة، وتكاليف بناء قاعدة معلومات، تعمل كلها بمبدأ الطاقة المتجددة.
وتعرض حلقة البحث ثلاث سبل يمكن أن تكشف التأثير البيئي الخفي للتقنيات الرقمية على المستخدمين والمواطنين. سيتحرى الفريق البحثي حجم الاستهلاك الجاري على قواعد المعلومات، علاوة على استهلاك مصادر الطاقة، من خلال عروض تشغيل الفيديو، ورفعها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
وسيلتان من الوسائل المتبعة تكشف النقاب عن التأثيرات غير المرئية لاستخدامات المستهلك للإنترنت. أما الوسيلة الثالثة فتتيح للمستخدم تقليل تأثير الإنتاج عبر البيانات الرقمية المتأتية من إعادة نشر الفيديوهات من خلال مستهلكين محترفين أو هواة. التأثير البيئي للتقنيات الرقمية بات يعرف اليوم بأنه تأثير غير مستدام، لكن أصبح له تأثير متنامٍ، إذ إن استهلاك الطاقة عبر التقنيات الرقمية ينمو سنوياً بمعدل 9%. إن استخدام التقنيات الرقمية، يسبب 55% من استهلاك الطاقة، مقارنة بـ 45% من الاستهلاك لدى إنتاج المعدات الرقمية.
نحن نعيش عملياً في عالم تنتج فيها الفيديوهات المنشورة في الفضاء الرقمي فحسب 60% من تداول المعلومات، وتنتج بذلك نحو 300 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً. أما من جهة التغير المناخي، فإن الأمر لا يتعلق بأن تكون مع أو ضد استخدام أو إعادة نشر الفيديوهات الطبية أو خدمات الدواء الهاتفية أو حتى خدمات نتفليكس والبريد الإلكتروني، ولكن التحدي الحقيقي يتمثل في تجنب السلوكيات التي ستؤثر سلباً إلى حد بعيد في مصادر الطاقة ويخلف نتائج بيئية وخيمة. وكل هذا يجعل الوضع خاضعاً لاختيار مجتمعي يتجنب فرض تأثيرات لم نخترها، ولكنها تجري على حسابنا، سواء أدركنا ذلك أم لم ندرك، ويجب على العالم اليوم التعرف إلى كل الاحتمالات المستقبلية التي سنتمكن من خلالها تحديد مستقبلنا بكل مسؤولية.

دويتشه فيله

Original Article

شاهد أيضاً