أحدث طرق التشخيص والتحليل لكشف الأمراض

تطورت أدوات وسبل وطرق التحليل والفحص والتشخيص بصورة مذهلة في الآونة الأخيرة، وحدث تقدم نوعي في هذه الأدوات يقود نحو اكتشافات طرق دقيقة لتشخيص الأمراض والمشاكل الصحية التي كانت مستعصية منذ عدة سنوات مضت.
أصبح مجال التحليل يتخطى تشخيص المرض أو يكشف الميكروبات، ولكن تجاوز كل ذلك ليصل إلى فتح مجالات جديدة، ومنها معرفة أسرار الجينات الوراثية، وهو ما يؤدي إلى تشخيص المرض قبل الإصابة به بعدة سنوات، مع وضع سبل الحماية والوقاية من هذا المرض، لتجنب الإصابة به وتغير أساليب الحياة التي سوف تؤدي إلى الإصابة بهذه الأمراض.
كما أن هذا التقدم في سبل التحليل اختصر كثيراً من الوقت الذي كان مطلوباً للفحص، وذلك من خلال ابتكار تقنيات أكثر تطورا في الفحص، وبدأت أوقات التحليلات والفحوصات تتناقص بشدة، بعدما كانت تستغرق 24 ساعة في بعض هذه التحليلات أصبحت لا تتجوز عدة ساعات.
ونتناول في هذا الموضوع أحدث الطرق الحديثة في التحليل والتشخيص، مع الكشف عن بعض الأجهزة الجديدة التي تساهم في الكشف عن أمراض القلب، وبعض المشاكل الصحية الخطيرة، بالإضافة إلى تقديم بعض الطرق المبتكرة والناجحة في معرفة الأمراض الفيروسية، وأيضا محاولات القضاء على أمراض العدوى والأوبئة التي تسببها الميكروبات والبكتريا والجراثيم والطفيليات.

اختصار زمن التشخيص

كانت بعض الأمراض تحتاج في الماضي إلى 15 يوما للتشخيص، والآن أصبح التشخيص يستغرق يوما واحد فقط، وما زالت أساليب تطوير طرق التحليل مستمرة وتقلص الزمن كل يوم، ورغم تراجع الوقت إلا أن النتائج أصبحت أكثر دقة من طرق التحليل السابقة، وهذه هي أهم مميزات هذا التطور الرهيب في مجال التحليل والتشخيص.
نجحت هذه التقنيات المتطورة في إيجاد ما يطلق عليه ميزة التشخيص المبكر، وهي التي توفر المزيد من الوقت في علاج المرض منذ بداية، مما يؤدي إلى سهولة العلاج وتوفير الجهد والوقت المطلوب للعلاج والشفاء، والنجاة من الأعراض الشديدة.
وصلت دقة الاختبارات الطبية إلى تحديد احتمال حدوث الأمراض وكذلك مدى تفاقمها وتطورها، وذلك عن طريق قياس معدلات الإنزيمات داخل الدم، أو الكشف عن مادة جديدة لم تكن معروفة بالسابق، ولها القدرة على إعطاء معلومات دقيقة عن حدوث المرض ونسبة تطوره.

تحديد نوع الفيروسات

نجح الباحثون في تطوير جهاز حديث يستطيع الكشف عن نوع الجينات للفيروسات، وهذا الإنجاز مهم للغاية لأن الفيروسات تسبب الإصابة بأخطر الأمراض حول العالم، ويرجع ذلك إلى عدم القدرة على تشخيص هذه الأمراض، نتيجة الفشل في معرفة نوع الجينات لهذه الفيروسات، مع الأخطاء المستمرة في وصف العلاج المناسب، وأيضا عدم توفر العقاقير والأدوية للكثير من هذه الفيروسات للقضاء عليها.
واستطاعت الأبحاث تطوير جهاز حديث له القدرة على كشف النوع الجيني لهذه الفيروسات، ونجح العلماء في تحديد الفيروس المسبب للإصابة بمرض الالتهاب الكبد الوبائي.
وسوف يساعد هذا الجهاز الجديد الأطباء على وصف الأدوية المناسب للعلاج، وذلك طبقا لنوع الفيروس الذي يؤدي إلى الالتهاب، وبالتالي يساعد على تقليل الآثار الجانبية الكثيرة التي تنتج عن العلاجات غير الملائمة لنوع الالتهاب.
كما صمم الباحثون جهاز جديد للتحليل يساعد على كشف نوع الميكروبات التي تسبب الأمراض، وذلك بعد دخول الميكروب إلى الجسم بحوالي 3 أيام فقط، لأن الفيروس غالبا ما يحتاج إلى فترة من الحضانة حتى يبدأ في التأثير على الجسم، ولا يمكن معرفة نوع الميكروب إلا بعد أن يصل إلى معدل كبير في الجسم.
وفحوى هذه الطريقة تدور حول إمكانية هذا الجهاز على تحليل مضادات الأجسام الموجودة داخل خلايا بيتا اللمفية، وذلك قبل فترة من انتشار هذه المضادات في الدم.

أمراض القلب

بحثت طرق الفحص الحديثة عن حدوث زيادة أو نقصان في مادة معينة أو وجود علامات جديدة لها ارتباط بالقلب أو تدل على فرص الإصابة بمرض أو حدوث مشكلة داخل القلب أو تؤثر سلبا على نشاط الدورة الدموية، ومن المعروف علميا أن أمراض القلب تصنف على أنها السبب الرئيسي لحدوث الوفيات في كل دول العالم.
واكتشف الباحثون وجود ارتفاع في مادة معينة تسمى «هيموسيستين» داخل الدم، وثبت أنها تدل على احتمالية إصابة الشخص بأحد أمراض القلب، والسبب أن حدوث ارتفاع في هذه المادة إلى معدلات كبيرة سوف يعمل على تدمير الشرايين، وهذه المادة في الحقيقة هي عامل خطر مستقل، مثل ارتفاع مستوى الكوليسترول والدهون الثلاثية داخل الجسم.
وطور العلماء جهاز جديد يمكنها قياس نسبة الهيموسيستين داخل الدم، وفي حالة ارتفاع هذه المادة عن المعدل الطبيعي لها يمكن اتخاذ الأساليب البسيطة لتقليله من خلال تناول فيتامين «ب» وكذلك حامض الفوليك ووضعهما ضمن النظام الغذائي المتبع، ويمكن الحصول عليهما عن طريق المكملات الغذائية لتعويض النقص الموجود.
كما استطاع الباحثون تطوير أسلوب جديد لتشخيص الأمراض القلبية والشريانية، وذلك بواسطة اختبار فحص الدم دون عمل جرح للمريض أو إزعاجه، ويتميز هذا الاختبار بأنه غير مكلف ويستغرق دقائق معدودة.
وتعتمد الطريقة الجديدة على سحب قطرات قليلة من دم الشخص، والقيام بعمل تحليل الخواص المغناطيسية للجزيئات داخل الدم، وذلك بواسطة الأمواج الصوتية ذات الترددات العالية، والتي يتم تحليلها من خلال استخدام الحاسب الآلي المتقدم في هذا الشأن، ويستطيع كشف الأنواع غير الطبيعية للدلائل الرتبطة بأمراض القلب.

الخثار الوريدي

نجحت دراسة أمريكية حديثة في تطوير اختبار جديد لسرعة الكشف عن تجلطات الدم، وهذه الطريقة الجديدة سهلت عملية تشخيص مرض الخثار الوريدي العميق الذي يؤدي إلى وفاة ما يقرب من 120 ألف مواطن أمريكي، وتم اعتماد هذه الطريقة الجديدة من جهة المؤسسات الأمريكية الصحية.
ويصيب هذا المرض الساق والذراع بعد العمليات الجراحية أو الناتج عن الإصابة بكسر في عظمة الساق، وفي حالات استبدال مفصل الورم وكذلك مفصل الركبة، ويحدث أيضا بسبب عدم التحرك لمدة طويلة، ويؤدي هذا المرض إلى تكوين جلطات يسهل تحركها في الأوردة الدموية ناحية القلب والرئة، وبالتالي يقود إلى مخاطر صحية كبيرة تهدد الحياة.
يتميز الأسلوب الجديد بفاعليته في تحديد الخثار الجديد ومعرفته عن الخثار القديم، لأن الخثار الجديد يصبح غير مستقر بشكل كبير عن الخثار القديم، مما يشير إلى زيادة فرص تحركه ووصوله إلى الرئة بدرجة كبيرة للغاية، ومن ثم الإصابة بالجلطات في الصدر.
يوجد عدة اختبارات تقليدية تستخدم في المعتاد للتعرف على هذه المشكلة، منها التصوير للوريد بالأشعة وكذلك اختبار الأمواج فوق الصوتية، أما التقنية الحديثة تركز على تحديد الببتايد الدائري، ومهمته الارتباط بمستقبلات الصفائح الدموية الموجودة في الجلطات الحديثة فقط.
ويعمل الببتايد على الارتباط بمادة مشعة حتى يسهل تميزه مباشرة، وبالتالي معرفة موضع الجلطة باستعمال الأشعة، ومن مميزات هذا الجهاز الجديد قدرته العالية في معرفة الجلطات الخطيرة، وأكثر فاعلية من أجل مساعدة الأطباء في تشخيص الجلطات بسرعة وإنقاذ المريض.
طور الباحثون أيضا جهازاً آخر جديداً سوف يساعد فرق الطوارئ على معرفة حالة الخثار الوريدي العميق وأنواع مختلفة من جلطات الرئة في غضون 8 دقائق فقط، وبذلك تستطيع فرق الإسعاف تشخيص هذه المشكلة قبل وصول الشخص المصاب إلى المستشفى، عن طريق ربط الأجهزة بمعمل التحاليل للوصول إلى نتائج سريعة.

السيطرة على العدوى

تشير الدراسات الجديدة إلى أن الأمراض المعدية دخلت دائرة الفحص والتحليل الحديث، لأن الاكتشاف المبكر لهذه الأمراض يساهم في السيطرة على انتشار هذه الأمراض المعدية، ووقف تحولها إلى وباء يتفشى في قطاعات واسعة من المجتمعات حول العالم.
واستطاع العلماء والباحثون تطوير العديد من الأجهزة والتقنيات المختلفة من أجل التشخيص المبكر لهذه الأمراض، والنجاح في الحد من تفشي العدوى، وظهرت الأجهزة الحديثة التي تحدد أنواع الفطريات والبكتريا والتي تؤدي إلى الإصابة بهذه الأمراض في مدة قصيرة تصل إلى 2 ساعة وبدقة عالية.
وتم إنتاج جهاز جديد للقيام بمهمة الأبحاث الوبائية لأكثر وأهم الميكروبات تفشياً، ومنها ميكروبات تتسبب في انتشار الأوبئة، بالإضافة إلى بعض التحليلات لهذه الأنواع
يحتوي هذا الجهاز الجديد على عدة خصائص ومميزات، مثل السرعة في إظهار النتائج، وبالتالي تعتبر نقلة كبيرة من أجل الكشف المبكر عن هذه الميكروبات، كما يمنع ظهور مشكلة مقاومة للمضادات الحيوية التي حدثت في الآونة الأخيرة بشكل لافت للنظر ومهدد لطرق العلاج بهذه المضادات، ويتم ذلك عن طريق معرفة وكشف الأنواع والأجيال التي تقاوم المضادات من هذه الجراثيم بصورة سريعة.

شاهد أيضاً