عين المسؤول وعيون الرعايا

نور المحمود

حين تزور بلداً آخر غير بلدك، تتحرك حواسك بشكل تلقائي وسريع، وكأنها رادار يتجول ليستكشف المكان ويجري مقارنة سريعة بين «ما لديهم» و«ما لدينا». وأكثر ما يطلق إشارات الإنذار لديك، هي مسائل الأمن وحالة الارتياح أو الإرهاق والتشنج التي تظهر جلياً على ملامح الناس وفِي تصرفاتهم.
رغماً عنك تجري المقارنة بين «ما لديك» و«ما لديهم»، وما تنعم به أو ينقصك وما يحتاجون إليه، والذي لا يكون بالضرورة مرهوناً بالأحوال المادية والاقتصادية، بقدر ما هو مرهون بسرعة تجاوب المسؤولين في الدولة وحرصهم على تأمين راحة المواطن وتلبية احتياجاته من أبسطها إلى أشدها خطورة وأهمية.
لا تنعكس سياسة الدولة فقط على أحوالها الأمنية وعلاقاتها الخارجية بالدول المجاورة والبعيدة، بل هي أكثر بروزاً في علاقتها بأبنائها وسرعة تجاوبها مع متطلباتهم وحضور مسؤوليها بين الناس فيتعاملون معهم من منطلق «نحن منكم ومعكم». وفِي تجولك بين الدول القريبة والبعيدة، تلاحظ هذا البعد أو القرب بين القمة والقاع، وتدرك أنك تحصل من دولتك الإمارات على ما تحتاج إليه وأكثر، وأن التطور وسرعة إيقاع العصر لم تمنع القادة من التفكير بالنزول إليك في الشارع، والتواصل المباشر معك، كي تعيش مطمئناً إلى أن صوتك يصل وحاجتك تجد من يسمعها ويلبيها.
بعد «رسالة الموسم الجديد» وتوجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصلنا سريعاً إلى مرحلة التنفيذ مع تشكيل لجنة للمتابعة وترجمة المبادئ الستة إلى أفعال، يترأسها سموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، هذا يعني أن التنفيذ لن يقتصر على اجتهادات الوزراء والمسؤولين، إنما سيأخذ كل الاهتمام والتدقيق والسير وفق مبدأ محاسبة المسؤول عن أي تقصير.
نسعد بلقاء الوزراء والمديرين في مكاتبنا وفِي كافة الميادين، ولاسيما إن جاءت فجائية كي تعكس الواقع كما هو، ونسعد أكثر بالاطمئنان إلى أن كلام القادة يتحول سريعاً إلى التنفيذ، فيضع الوزير والمسؤول في أي مؤسسة أمام رهان التحدي الجديد، والذي يحاسب نفسه فيه وعنه قبل أن يحاسبه من هو أعلى منه شأناً ومنصباً، ويمنح كل إنسان في الدولة حق مساءلة من يتعمد تجاهل شكواه أو تأخيرها. وكلما سهرت عين مسؤول على رعيته، سهرت عيون الرعايا على المسؤول وعلى القانون وعلى المؤسسات والعمل بضمير وبكامل القدرة على العطاء.

noorlmahmoud17@gmail.com

Original Article

شاهد أيضاً